قائمة الموقع

خبر الرؤيا الأخروية لليمين -هآرتس

2017-04-02T10:18:38+03:00
فلسطين اليوم

  بقلم: براك ربيد

          (المضمون: الكابنت السياسي الامني الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل يقرر وضع قيود على البناء في المستوطنات. ومن الواضح أن سياسة البناء في المستوطنات يتم تحديدها في البيت الابيض وليس في مكتب رئيس الحكومة - المصدر).

          أمل اليمين أن يكون ترامب هو المخلّص الذي سيبشر برؤيا اسرائيل الكاملة، تحطم على صخرة الواقع في نهاية الاسبوع. قرار الكابنت الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل التطوع لتقييد البناء في المناطق ومبررات نتنياهو لوزرائه من اجل الموافقة على ذلك، أوضحت أنه في عهد ترامب ايضا، فان سياسة البناء في المستوطنات توضع في البيت الابيض وليس في مكتب رئيس الوزراء. الضعف الاساسي للسياسة الجديدة هو أنه ليس واضحا اذا كانت تدعم استئناف العملية السلمية مع الفلسطينيين حتى لو بشبر واحد.

          ليس صدفة أن اختار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يوم الخميس مساء كموعد لجلسة الكابنت السياسي الامني التي خصصت للاتصالات مع الولايات المتحدة في موضوع كبح البناء في المستوطنات. الوزراء متعبون بعد اسبوع من العمل، صحف يوم الجمعة اقتربت من اغلاق النشر، والجهاز السياسي سيهدأ ليومين. فالتوقيت هو كل شيء في الحياة.

لقد اهتموا في مكتب رئيس الحكومة بالتصويت على اقامة المستوطنة الجديدة لمخلي عمونة في مرحلة سابقة من الجلسة كي يتم اصدار اعلان يحدد الرواية الاكثر راحة بالنسبة لنتنياهو في الصحف في صباح يوم الجمعة. حول القرارات الاقل راحة لنتنياهو من الناحية السياسية تم التحدث مع وسائل الاعلام في الساعة الواحدة والنصف ليلا بعد ذهاب الصحف للطباعة.

          عندما استيقظ المستوطنون ومؤيدوهم اكتشفوا أنه اثناء نومهم قام نتنياهو ووزراء الكابنت الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل بوضع القيود على البناء في المستوطنات. صحيح أن الحديث يدور عن اختلاف حقيقي وكبير عن فترة اوباما المعادية للمستوطنات، لكن مع مراعاة أن حكومة اسرائيل مسيطر عليها كليا من لوبي المستوطنين، وأنه في البيت الابيض يجلس دونالد ترامب، والكونغرس الامريكي يسيطر عليه الجمهوريون كليا – فان قرار الكابنت كان مفاجئا بشكل كبير.

          وكان مفاجئا ايضا رد مجلس « يشع » للمستوطنات الذي لم يشتمل على أي كلمة انتقاد واحدة لكون نتنياهو وبينيت وليبرمان واصدقاءهم قاموا بفرض قيود حقيقية على البناء في المستوطنات. وليس هناك طريقة لتسمية ذلك عدا عن الرؤيا الأخروية لليمين. لا تتشوشوا، فلوكان هرتسوغ ولفني في الحكم وسيتخذان خطوة مشابهة، لكان مؤيدو الاستيطان خرجوا للتظاهر ولكان لوبي المستوطنين أحرق في وسائل الاعلام تويتر. وبدل ذلك حصلنا على عدد من التفسيرات. والشخص الوحيد الذي كان نزيها بما يكفي للاعتراف بالواقع هو بتسلئيل سموتريتش. « اليمين أعمى بارادته »، غرد في صفحته في تويتر صباح أول أمس.

          في نهاية جلسة الكابنت مساء يوم الخميس تبين من جديد أن جميع الاحتفالات والآمال والتوقعات لليمين من أن ترامب سيكون المخلص الذي سيبشر عن ارض اسرائيل الكاملة تحطمت على صخرة الواقع. تصريحات الحملة الانتخابية تبين أنها فارغة من المضمون، والأمل في أن السفارة الامريكية سيتم نقلها الى القدس في اليوم الاول لترامب، تلاشى، والأمل في ضم المناطق تبخر. بالنسبة لتوقعات المستوطنين من ترامب يتبين أن سلوك ادارته في الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني، وخاصة في موضوع الاستيطان، هو مفاجأة حقيقية لليمين.

          قرار الكابنت حول كبح البناء في المناطق والذرائع التي أقنع نتنياهو بواسطتها وزرائه بالموافقة، أوضحت أنه في فترة ادارة ترامب ايضا فان سياسة البناء في المستوطنات يتم تحديدها في البيت الابيض وليس في مكتب رئيس الحكومة في القدس. ترامب المصمم والملتزم شخصيا بمحاولة تحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين لا يريد أن تزعجه المستوطنات في التوصل الى الصفقة الاكبر.

          لقد وافق البيت الابيض على استيعاب اقامة المستوطنة الجديدة لمخلي عمونة، ولم يندد بالاعلان عن بناء 2000 وحدة جديدة في المناطق، ولم يعتبرها مستوطنة غير قانونية. رسالة الادارة الامريكية هي أنها على استعداد لتمرير هذه القرارات تحت ادعاء أنها تمت قبل نوبة ترامب. في المقابل، أوضح البيت الابيض أنه من الآن فصاعدا قواعد اللعب ستتغير، وأن اسرائيل لا يمكنها البناء كما تشاء.

          قرار الكابنت لن يؤدي الى تجميد البناء في المستوطنات، لكنه سيعمل على ابطاءه بشكل كبير ويقلص عدد الوحدات السكنية الجديدة التي ستبنى، وسيعمل على تقييد انتشارها في ارجاء الضفة الغربية. حسب السياسة الجديدة فان لجنة التخطيط التابعة للادارة المدنية، التي تصادق على البناء في المستوطنات، ستجتمع كل ثلاثة اشهر فقط وليس اسبوعيا كالعادة المتعارف عليها. وكل ما يجب على نتنياهو وليبرمان فعله لتعويق البناء هو الغاء اجتماع اللجنة مرة كل ثلاثة اشهر بذريعة تقنية ما.

          في قرار الكابنت توجد بضع انجازات هامة – ليس هناك تجميد رسمي وكامل للبناء في المستوطنات، وعمليا لا توجد قيود على البناء في الأحياء اليهودية وراء الخط الاخضر في القدس ولا يوجد تمييز بين البناء في الكتل الاستيطانية وبين البناء في المستوطنات المعزولة. وبدون ذلك كان سيصعب على نتنياهو، النجاح في « اختبار زمبيش »، على اسم رئيس ذراع المستوطنات في مجلس « يشع » وتمرير قرار السياسة الجديدة في الائتلاف.

          البيت الابيض، اضافة الى ذلك، لم يطلب من نتنياهو العودة الى التفاهمات التي تمت بين الرئيس جورج بوش ورئيس الحكومة اريئيل شارون، والتي تقضي بأن البناء يتم فقط في اطار المناطق المبنية في المستوطنات. ونتنياهو رفض ذلك بسبب حقيقة أنه في المناطق المبنية لا يوجد تقريبا احتياطي من الاراضي للبناء. وقد نجح نتنياهو في نهاية المطاف في فرض سياسة البناء قرب المناطق المبنية وحسب الحاجة، وبهذا لا يزداد فقط عدد المستوطنين، بل ايضا مساحة الاراضي التي يبنى عليها.

          إن السياسة الجديدة، في المقابل، لن تنجح في ضم مستوطنات لاسرائيل، ولن تُمكن من البناء في المنطقة المختلف عليها (إي 1) التي تربط بين معاليه ادوميم والقدس، ولن تسمح بتبييض البؤر غير القانونية وتحويلها الى مستوطنات جديدة. صحيح أن نتنياهو لم يحصل على الموافقة بصمت الادارة الامريكية من اجل بناء مستوطنة جديدة لمخلي عمونة، لكن في الوقت الذي سيحتاج بناءها سنة على الأقل، فان القيود على البناء ستدخل الى حيز التنفيذ في صباح هذا اليوم.

          حجم البناء الذي سيكون فعليا على الارض سيتم تحديده حسب تفسير البيت الابيض ورئيس الحكومة للسياسة الجديدة. قرار الكابنت هو قرار غامض بما يكفي، كي يسمح لنتنياهو بالبناء بشكل كبير اذا أراد، أو عدم البناء كليا اذا أراد البيت الابيض ذلك. ولكن الغموض قد يكون سلاح ذو حدين. تفسير مختلف من الطرف الاسرائيلي أو الامريكي، أو نشر عطاءات للبناء في توقيت حساس مثلما حدث أكثر من مرة في السابق. ومن شأن ذلك أن يحدث ازمة توقعات وتصادم بين الطرفين.

          ضعف سياسة المستوطنات الجديدة هو أنه ليس من الواضح اذا كانت ستسهم ولو بشكل صغير في تحريك العملية السلمية من جديد. بالنسبة للفلسطينيين وللدول العربية فان القيود التي تفرضها حكومة اسرائيل على البناء في المستوطنات لا تلبي الحد الأدنى الذي يُمكن من استئناف المفاوضات. ويمكن القول إن الرئيس المصري السيسي والملك عبد الله والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذين سيلتقون مع ترامب في البيت الابيض في الاسبوعين القريبين، سيقولون له ذلك بوضوح. وقد أثبت ترامب حتى الآن أنه يستطيع كبح نتنياهو وبينيت وجعلهما يوافقان على كبح البناء في المستوطنات. والسؤال هو هل سينجح ترامب في ردع عباس أو يمنحه انجاز آخر يقنعه باستئناف المفاوضات. اذا كان الجواب لا، فمن المؤكد أن ترامب سيطلب من نتنياهو وجبة اخرى من التنازلات.

*     *    * 

اخبار ذات صلة