خبر اغتيال الفقها..الدلالات والرد المرتقب/بقلم: هيثم أبو الغزلان

الساعة 09:22 ص|25 مارس 2017

فلسطين اليوم

 

لماذا اغتيال المبعد المحرر إلى غزة أحد قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، مازن الفقها؟! وما هي دلالات ذلك؟ ولماذا بهذا التوقيت بالذات؟ ومن المستفيد؟ وما هي

أهداف الاغتيال؟ وهل عادت « إسرائيل » إلى سياسة « التصفية الهادئة »، وهل سيقود ذلك إلى « رد عاصف »؟ وما هي احتمالات الرد على هذه الجريمة؟

من المهم وضع عملية اغتيال القائد القسامي، مازن الفقها، في إطار عمليات الاغتيالات التي نفذتها « إسرائيل » منذ العام 1948، وما قبل ذلك، إذ أن « إسرائيل » نفذت عمليات اغتيالات استهدفت شخصيات عربية وفلسطينية، اعتبرتها مناهضة لسياستها، وأصبحت عمليات الاغتيالات تلك نهجاً « إسرائيلياً » ثابتاً تبنته كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وقد وصل الأمر إلى « مباركة وقوننة » عمليات الاغتيال التي تنفذها « إسرائيل »، بقرار صدر عن المجلس الوزاري « الإسرائيلي المصغر » في 3 تموز (يوليو) 2001، وعاد المجلس المذكور في (1-8-2001)، على التأكيد على قرار اتباع « سياسة الاغتيالات والتصفيات »، وأنه ليس هناك أحد من الفلسطينيين محصناً أمام الاغتيال. وهذا ما أكد عليه « أفرايم سينيه »، نائب وزير الحرب الأسبق، إذ اعتبر أن الاغتيالات والتصفية الجسدية للفلسطينيين تعتبر وسيلة فاعلة وأكثر دقة من غيرها.. وأن « كل شخص ضالع في »الإرهاب« لا يمكنه الحصول على أية حصانة »، وهي بهذا السياق تأتي أيضًا في القراءة « الإسرائيلية » ضمن نظرية « كي وعي الفلسطينيين » لكسر إرادتهم وهزيمتهم بالقوة. وهي رسالة تحاول « إسرائيل » تمريرها بأن أجهزتها الأمنية قادرة وفاعلة، وتستطيع الوصول واستهداف أي شخصية في أكثر من مكان.

قائمة الاغتيالات الإرهابية الإسرائيلية يطول ذكرها: الوسيط الدولي في فلسطين « الكونت برنادوت »في القدس، واستهداف علماء الذرة في مصر والعراق، مثل « نبوية موسى » التي اغتيلت في أميركا عام 1952، و« يحيى المشد » الذي اغتيل في باريس 1980، و« سعيد السيد بدير » المغتال في الإسكندرية عام 1989. وعلى الصعيد الفلسطيني، فقد نفذت عمليات اغتيالات طالت: غسان كنفاني، ووائل زعيتر، والدكتور محمود الهمشري، وكمال ناصر، وكمال عدوان، ومحمد يوسف النجار، وخليل الوزير « أبو جهاد »، والدكتور فتحي الشقاقي، ومحمود الخواجا، وهاني عابد، ويحيى عياش، ومحيي الدين الشريف، وعادل عوض الله، وثابت ثابت، وأبو علي مصطفى، وإياد حردان، وجهاد العمارين، وصلاح شحادة، ومحمود الزطمة، والشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي...

وفي الوقت الذي لم تستطع « إسرائيل » تحقيق أهدافها من عمليات الاغتيالات بشكل عام داخل وخارج فلسطين المتمثلة في فرض المعايير الإسرائيلية للصراع.. وفق ما عبّر عنه المقبور رحبعام زئيفي ـ الذي اغتالته الجبهة الشعبية رداً على اغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى ـ، « معاريف » (27/8/2002)، الذي طالب بمواصلة « حرب الاغتيالات »، قائلًا: « علينا أن نفهم أننا في الحرب، والحرب هي الحرب، يجب أن نبادر، أن نهاجم، أن نضرب، أن نحبط، أن لا نتهاون حتى لو كان هناك فترات هدنة فقوتنا بالغة ونستطيع أن نفعل كل ذلك وأكثر، فلقد بنينا القوة من أجل جلب الأمن في اللحظة الحاسمة.. ». ويستند هذا الموقف إلى مزاج « إسرائيلي » عام يؤيد هذا الأمر ويباركه. فغداة اغتيال الشيخ أحمد ياسين أظهر استطلاع « إسرائيلي » للرأي أن (60%) يوافقون على الاستمرار بعمليات الاغتيالات، واظهر استطلاع آخر أن (61%) يوافقون، مع علمهم المسبق أن ذلك قد يُصعّد العمليات الفلسطينية الانتقامية ضدهم. وحدد الكاتب الإسرائيلي « سيفر بلوتسكر »، قبل سنوات موقفه من عمليات الاغتيالات، ورأى أن « المبادرة في يد إسرائيل التي تقود حرباً ضد الإرهاب، والنتائج مثيرة للانطباع ولكن يجب أن لا نوهم أنفسنا. فتفكيك العمود الفقري لحماس، وقتل قيادتها لن يشطب الكراهية الفظيعة ضد إسرائيل بل سيزيدها ـ على الأقل ـ في المدى القصير ».

وهذا ما أكدته صحيفة « هآرتس » في افتتاحياتها على أن الاغتيالات ليست سياسة وأنها تعود بالضرر على « إسرائيل » مشيرة إلى أن قتل قادة حماس لم تؤد لتليين مواقفها وترويضها، بل بالعكس دفعت للواجهة محمد ضيف، معتبرة رفع الحصار عن غزة مصلحة « إسرائيلية » أيضًا لا سيما عندما يندرج في نطاق تسوية شاملة.

أما لماذا اغتيال الفقها، فذلك يعود لأسباب عديدة، منها:

تتهم « إسرائيل » مازن الفقها في التخطيط والمسؤولية وتنفيذ هجمات استهدفتها، واعتقلته « إسرائيل » في العام 2003، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة تسع مرات، بعدها أطلق سراحه، ضمن عملية تبادل « وفاء الأحرار »، ليُنفى إلى قطاع غزة. وقالت وسائل إعلام « إسرائيلية » بعد إطلاق سراحه إنه « واصل مع عدد من الأسرى المحررين تخطيط الهجمات لمسلحين في الضفة الغربية »، وذكرت صحيفة « هآرتس »، اسم مازن الفقها من بين تلك الأسماء.

في العموم إن اغتيال الأسير المحرر والقيادي القسامي مازن الفقها، يحمل أكثر من دلالة، من حيث الزمان، والمكان، والأهداف المتوخاة، والنتائج المرجوة لإسرائيل.. أما بالنسبة للمقاومة الفلسطينية، وتحديدًا كتائب الشهيد « عز الدين القسام »، التي ينتمي إليها الشهيد، قد أدركت مغزى هذه الرسالة « الإسرائيلية »، وأعلنت في بيان نعي الشهيد أن هذه: « الجريمة من تدبير وتنفيذ العدو الصهيوني، وهو من يتحمل تبعاتها ومسؤوليتها ».. وأن « معادلة الاغتيال الهادئ التي يريد أن يثبتها العدو على أبطال المقاومة في غزة سنكسرها وسنجعل العدو يندم على اليوم الذي فكر فيه بالبدء فيها، ومن يلعب بالنار سيُحرق بها ».

في الختام، لم تستطع« إسرائيل » تحقيق أهدافها من عمليات الاغتيالات التي نفذتها، والمتمثلة في وقف وإنهاء المقاومة ضدها، بل كانت هذه العمليات حافزًا للمقاومة لتصعيد عملياتها، وتوجيه المزيد من الضربات المؤلمة للكيان « الإسرائيلي ».. وفي هذه المرة، كما كل مرة، ستبقى « إسرائيل » تتحسّب للرد على هذه الجريمة، سواء أطال الوقت أم قصر.

 

 

 

كلمات دلالية