خبر دروس القناة غير المعروفة- اسرائيل اليوم

الساعة 10:44 ص|11 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: اتفاق دائم في إطاره تقوم دولة فلسطينية مجردة في المرحلة الاولى، بينما تبحث المواضع المختلفة على مدى السنين، قد يكون الخيار الوحيد القابل للتحقق في المستقبل القريب - المصدر).

في مقال طويل ومفصل نشر الاسبوع الماضي في « امريكان إنترست »، يكشف لاول مرة مايك هرتسوغ النقاب عن قناة سرية امريكية – اسرائيلية – فلسطينية، جرت على مدى أكثر من

سنتين، في الوقت الذي سبقت الاشهر التسعة البائسة لمحادثات كيري في 2013. في هذه القناة، شارك مندوبون رسميون وغير رسميين من الاطراف. بينهم: اسحق مولخو، المندوب الدائم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمحادثات السياسية، ومايك نفسه، حسين الاغا، المقرب من رئيس السلطة محمود عباس ودنيس روس الذي كان في الماضي المبعوث الامريكي لكل قنوات السلام بين اسرائيل والدول العربية. لم تولد المحادثات ورقة، ولكن الاحساس هو انه كان هنا تقرب كبير، فوتت فرصته مع الانتقال الى المسيرة العلنية، بإدارة وزير الخارجية الامريكي.

يروي هرتسوغ عن قناة نشطة جدا، كان نتنياهو مشاركا في تفاصيلها واستثمر فيها وقتا طويلا (عباس فضل عدم الدخول في التفاصيل). لم يعارض الفلسطينيون طلب اسرائيل تجريد الدولة الفلسطينية ووافقوا على تواجد جيش اسرائيلي على نحو الاردن لخمس سنوات، واستبداله، بعد ذلك، بقوة متعددة الجنسيات. اما نتنياهو فأراد أن يبقى الجيش الاسرائيلي على نهر الاردن دون قيد زمني.

في موضوع اللاجئين وافق الطرف الاسرائيلي على دخول فلسطينيين افراد، في إطار انساني. صخرة الخلاف المقدسية كانت هنا ايضا عاملا وجدت الاطراف صعوبة في التغلب عليها: فقد اقترح الامريكيون اعترافا فلسطينيا باسرائيل كدولة يهودية مقابل اعتراف اسرائيلي بشرق القدس كعاصمة الدولة الفلسطينية. واقترح الطرف الاسرائيلي ابقاء الوضع في القدس دون حسم في هذه المرحلة.

 

أصر كيري على أن تنتقل المفاوضات الى مرحلة علنية. قسم من المتفاوضين في القناة السرية، بمن فيهم هرتسوغ نفسه، انخرطوا في المفاوضات العلنية، التي أدارتها تسيبي لفني. ومن الان فصاعدا دار قسم كبير من المفاوضات بين مندوبي الولايات المتحدة واسرائيل، وهكذا نشأت مشكلة عسيرة: لم يعرف الفلسطينيون اذا كانت الاقتراحات التي يعرضها عليهم الامريكيون هي اقتراحات اسرائيلية أم أمريكية. والنهج الذي فضلته اسرائيل – الاتفاق المسبق مع الامريكيين وعرض موقف امريكي بعد مثل هذا الحوار فقط – أفشل محادثات كامب ديفيد في العام 2000 وعاد وافشل محادثات كيري التي انتهت في ربيع 2014.

في 17 اذار 2014 زار عباس واشنطن والتقى بالرئيس السابق براك اوباما وعرضت عليه – حسب هرتسوغ – اقتراحات لم تنسق مسبقا مع اسرائيل: عاصمة فلسطينية في شرقي القدس وتبادل للاراضي متساوية في حجمها على اساس حدود 1967. كل هذا مقابل تنازلات موازية

لاسرائيل. وقد طلب منه أن يرد حتى 25 من ذاك الشهر. ولكنه امتنع عن عمل ذلك. وبرأي الكاتب، توقع عباس من اوباما ان يقنع نتنياهو بالتنازلات التي يمكن له أن يحتملها أمام الرأي العام الفلسطيني، ولكن هذا لم يحصل. وعندما أخرت اسرائيل تحرير الدفعة الرابعة من السجناء الفلسطينيين الامنيين، قال عباس لمقربيه: اذا كانت الولايات المتحدة لا يمكنها أن تضمن أن تنفذ اسرائيل التزامها وتحرر السجناء، فكيف يمكنها أن تقنع نتنياهو بالموافقة على عاصمة فلسطينية في شرقي القدس؟

وبلغ التوتر السياسي في نهاية شهر اذار اياه الى ذروته. فقد هدد الفلسطينيون بالتوجه الى القنوات الدبلوماسية الدولية اذا لم تحرر اسرائيل السجناء الذين وعد بهم، وفي إسرائيل كانت مواجهة داخلية في الائتلاف في هذا الشأن. ولم يكن عباس مستعدا لمنح تمديد لتحرير الدفعة لرابعة.

 

في 29 آذار طلب كيري اللقاء به في رام الله، ولكنه اعلن بانه تعب جدا، وذهب لينام... وفي الغداة وقع على طلب الانضمام الفلسطيني الى 15 منظمة للامم المتحدة، واشار بذلك الى أنه لن يوافق على تمديد موعد انهاء المفاوضات بتسعة اشهر اخرى كما طلب الامريكيون. ورأت اسرائيل في التوجه الفلسطيني تنكرا للمفاوضات، فاغلقت القناة العلنية، والقناة السرية لم تستأنف.

بلا شروط مسبقة

في التحليل الذي يجريه، يقضي هرتسوغ بان كيري لم يفهم نفسية الطرفين وظلال العلاقات بينهما، وحاول دفعهما الى حلول كانت تتجاوز قدرتهما على التنازل.

يفهم نتنياهو جيدا، برأيه، الخطر الذي في وجود دولة ثنائية القومية، ولكن السياسة الداخلية تمنع عنه القدرة للوصول الى لحظة التنازل التاريخي، والقيام بالفعل الذي هو نفسه يؤمن بضرورته، بينما عباس لا يكف عن التردد بين وجود مفاوضات مع اسرائيل، مصالحة مع حماس وخطوة دبلوماسية دولية تفرض، في نهاية المطاف، على اسرائيل، تغيير سياستها من النزاع مع الفلسطينيين.

ولما كان برأي هرتسوغ لا يستطيع القادة الحاليون جسر الفجوات القائمة بينهم، على اسرائيل أن ترتبط بشركاء اقليميين وتتفق معهم على خطوات احادية الجانب، مثل تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبرى.

وصف هرتسوغ مشوق، ويفتح كوة لحدث سياسي هام لم ينكشف حتى الان للجمهور. اما استنتاجاته فليست مرضية. واضح لي أن الاستنتاج الفني الناشيء عن اقواله، وعن حق، هو أنه اذا كان الحديث يدور الان عن استئناف المفاوضات، فمن الافضل للامر ان يتم تحت الرادار، في محادثات سرية تعفي الطرفين من الحاجة للاصرار على شروط مسبقة ويخرجان بتصريحات علنية.

 

محظور ان تكون المحادثات برعاية الرئيس دونالد ترامب، الرئيس عباس، ورئيس الوزراء نتنياهو تكرارا لمحادثات كيري الفاشلة. اذا كان الهدف هو الوصول الى اتفاق دائم الان فالفشل مضمون. فالانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة والخطوط الحمراء لنتنياهو لا تسمح الان بالوصول الى حل كامل وتحقيقه.

 

ما يمكن، اغلب الظن، عمله في الوضع السياسي الحالي هو الشروع الفوري في قناة سرية تعمل في اثناء اشهر قليلة على إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة.

 

الى جانب ذلك، خلق رؤيا بالنسبة للتسوية الدائمة، تعرضها الولايات المتحدة أو الرباعية، دون أن يرفضها الطرفان ودون أن يتبنياها. ويطلب من الدول العربية أن تكون جزءا من المسيرة وان تقترح خطوات هامة من جانبها، قبل تنفيذ التسوية الدائمة. ومع إقامة الدولة الفلسطينية تبدأ مفاوضات بين حكومتها وبين حكومة اسرائيل على كل المواضيع الدائمة. وتستمر المفاوضات بضع سنوات كما هو متفق مسبقا، وفي اثنائها تبقى المسؤولية الامنية عن المنطقة غربي نهر الاردن في يد إسرائيل.

اتفاق دائم كهذا، حين تقوم دولة فلسطينية مجردة في المرحلة الاولى، بينما تبحث المواضع المختلفة على مدى السنين، قد يكون الخيار الوحيد القابل للتحقق في المستقبل القريب.

كلمات دلالية