خبر باسل الأعرج.. موقفٌ من رصاص! بقلم/ توفيق السيد سليم

الساعة 10:11 ص|09 مارس 2017

فلسطين اليوم

بندقيةٌ وزخّات من الرصاص، وقطراتٌ من الدم القاني المتناثر، وبعض الكتب المسكونة بالوعي والثورة لتحافظ على ما تبقى من الوطن.. هكذا كان المشهد الأخير من حياة المثقّف الثائر العاشق لفلسطين والمنحاز إلى ترابها المجبول بدم الراحلين وأنّات المعذّبين.. «باسل الأعرج»، ليؤكد للجميع أن المثقف الصادق لا يمكن له بأي حال من الأحوال إلا أن يكون مقاتلا وثائرا وملتحما ومسكونا بالقضية التي تشكّل للأحرار رمزا وهوية..

فمع بزوغ فجر السادس من آذار/ مارس 2017، وانقشاع غبار المعركة التي قادها ابن الولجة التلحمي هناك على مقربة من المقاطعة (...) في رام الله الصاخبة!، كان الثائر الباسل المشغول بإعداد الوصية، يهيئ لفلسطين موعدا مع الفرح، فرحٌ بطعم الشهادة والانتصار، انتصار نفخة الروح على قبضة الجسد.. والفكرة والمبدأ على الزيف والوهم.. والكف على المخرز.. انتصارٌ يأخذنا إلى الزمن الجميل حيث عصام براهمة وعماد عقل وزكريا الشوربجي، ومحمود طوالبة.. شموس الوطن التي لا تغيب.

فما أروعك يا باسل وأنت تعيد لنا البسمة من جديد، وأنت تعيد تعبيد وترميم سياج الوطن الذي نعشق، بوعيك المتدفق وبدمك النازف، رغم قتامة المشهد وسوداويته والظلم الطافح في كل واد، ومحاولات التدجين والتزييف الممنهج الذي يمارس بخبثٍ لينال من وعي الأمة وهويتها وحضارتها وعقيدتها.

ما أروعك يا باسل وأنت تظفر بالشهادة لتؤكد بدمك النازف وجسدك المسجّى أن كل محاولات النيل من حيوية شعبنا ومقاومته لن تفلح، مهما تكالبت عليه كل قوى الشر والظلم والاستكبار في المنطقة، خاصة وأن الجميع بات يشهد السقوط المدوي لخيار «السلام المفخخ» الذي حاول (البعض) ممن لا يرون في الوطن إلا بطاقة (VIP) ومشروعا اقتصاديا، أن يوهمونا به وأن يمسحوا ذاكرتنا!

ما أروعك يا باسل، وأنت تضعنا بل وتصفعنا لتذكرنا مجددا بالحقيقة المرة، المتمثلة في العقيدة السياسية والأمنية المشبوهة والمشوّهة التي يؤمن بها (قوم) الانهزامية والخنوع،  الضاربون بعرض الحائط المصالح العليا لشعبنا وقضيته، من خلال تنسيق أمني ذليل مع الاحتلال، والذي يفاخر به الأخير بأنه بات يشكل سياجا حاميا له من ضربات المقاومين والثائرين في الضفة والقدس المحتلتين.

ما أروعك يا باسل وأنت تلقي علينا تحية العروبة والوطن والتحرير، في وصيتك المفعمة بالبلاغة والدلالة على سيرة وسريرة فدائي ومثقف عنيد وزاهد في كل شيء إلا الثورة!

ما أروعك يا شهيد الفكرة الثائرة والمقاتلة.. وأنت تأخذ بوعينا لاستحضار العلاقة التلازمية بين الثقافة والمقاومة، تلك العلاقة التي صاغها المفكر والمثقف والشهيد فتحي الشقاقي، والتي لا زالت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، مع ارتقاء كل مثقف بحجم «الباسل» الثائر..

ما أروعك يا ابن القضية والوطن المقاتل، وأنت تصنع من الريشة بيدقًا، والقلم بندقيةً، والكتاب مخزناً للوعي والرصاص والقنابل ليظل المثقف شاهرا سيف وعيه في وجه الزيف، مقاوما لا ينكسر.

سلام لك يا «باسل الشهادة» سلام لروحك الثائرة، سلامٌ للهيب وعيك المتّقد ثورة، سلامٌ لفكرك المدجج بالقنابل والرصاص. وحب الوطن!

كلمات دلالية