(المضمون: القوة النسائية ستصل ذروتها فقط عندما نؤمن بها حقا، عندما تؤمن معظم النساء بانفسهن بشكل طبيعي وليس عندما تتحد النساء الصغيرات كي تقاتل الرجال الكبار والسيئين).
يوم المرأة يترك غير قليل من النساء مع إحساس منقسم. من جهة، تغرق وسائل الاعلام باجندة نسوية يقظة، باخوة نسوية متفجرة، ويخيل أن « القوة النسائية » توجد في ذروتها وان المساواة هنا كي تبقى. من جهة أخرى، فان مجرد وجود الاحتفال هو رمز لعدم المساواة، وأجندة جموع نسوية غاضبة تخرج ضد التمييز من شأنها أن تفوت الهدف.
لا تبدي الارقام بعد شيئا ملفتا للنظر: 4 وزيرات مقابل 19 وزير، 3 مديرات عامات لوزارات حكومية مقابل 25 مدير عام. امرأة واحدة تترأس جامعة، والجامعات الثمانية الاخرى يقودها رجال. 4 قاضيات عليا مقابل 11 قاض، وهذا قبل أن نتحدث بعد عن الاجر والشروط. ومع ان هذا مع الزمن يتحسن، ولكن ما هو السبب الذي يجعل عدم المساواة هذه لا تزال موجودة بشكل عام؟ يمكن أن نلخص هذا بست كلمات: النساء ببساطة لا يؤمن بانفسهن كفاية.
ولكن حتى هذا القول عمومي ولا يعكس الصورة بدقة. فالكفاح النسوي في سبيل المساواة هو لغز معقد. ففي بعض المناطق والطبقات توجد نساء يعشن في قمع حقيقي ويحتجن الى المساعدة. وفي طبقات اخرى توجد نساء يخترن الاستثمار في العائلة ويكن متعلقات اقتصاديا برجالهن، وثمة من يعشن بمساواة كاملة مع الزوج أو الزوجة أو يعلن أنفسهم واطفالهن. الى جانب كل هؤلاء يوجد ايضا غير قليل من النساء ممن يصلن بعيدا، يستنفدن قدراتهم حتى النهاية ولا يشعرون بلحظة بان انوثتهن تعيقهن.
البنوك الخمسة الكبرى مثلا تقودها ثلاث مديرات عامات ومديران عامان فقط، عليهم توجد مراقبة، د. حدفه بار. وبنك اسرائيل تقوده المحافظة كارنيت بلوغ. على قيادة حزب العمل المتفتت يتنافس تسعة رجال. لا يثير اي منهم الانطباع بينما في البيت اليهودي يبدو أن وزيرة العدل آييلت شكيد ليس فقط تتصدر أجندة حزبها بل وتنجح في التأثير بارائها على سياسة الحكومة وعلى طريق الدولة اكثر بكثير من النصيب الذي يمثله الحزب بين السكان. واعلنت شكيد أول أمس بانها في المستقبل ستتنافس على رئاسة الحكومة.
إذن ما الذي يميز النساء اللواتي يصلن بعيدا؟ ليس التمييز المعدل والكفاح النسوية، بل المعرفة الداخلية بانهن يستطعن. ولكن طالما يجري الكفاح انطلاقا من النظرة العامة بان النساء هن قطاع « مستضعف » وواجب مساعدتهن والا فانهن لن يتمكن وحدهن، فان المعنى هنا اشكالي جدا. في كل مرة تثور فيها صرخة: « لماذا لا تعين امرأة للمنصب؟ » سواء كان مديرة في شركة او مستشارة لرئيس الوزراء، يخيل أن هذا كفاح نسوية صرف، ولكن ثمة في ذلك ايضا شيء ما مهين. فعندما تنتخب امرأة لمنصب رفيع، ينبغي للسبب ان يكون موضوعيا: الكفاءة، الشخصية، التجربة، التميز وليس نوعها الاجتماعي.
صحيح أن التمييز التعديلي يعدل، ومن جهة اخرى – فانه ايضا يثبت التمييز. احيانا يكون ضروريا، واحيانا يكون من الافضل التخلي عنه انطلاقا من الفهم بان المساواة تتشكل من طبقات وهي ليست موحدة.
لعله ينبغي البدء بالتوازن: مساعدة الضعيفات ولكن العمل على أن تكون نساء اكثر يؤمن بانهن يمكنهن حتى بدون مساعدة وبدون تمييز تعديلي وبدون الانشغال بالنوع الاجتماعي. والقوة النسائية ستصل ذروتها فقط عندما نؤمن بها حقا، عندما تؤمن معظم النساء بانفسهم بشكل طبيعي وليس عندما تتحد النساء الصغيرات كي تقاتل الرجال الكبار والسيئين. وفي نفس الوقت: جميل أن نحيي يوم المرأة العالمي ولكن لنعلم أن المساواة الحقيقية جاءت بالذات عندما لا نعود نضطر اليه ونتفرغ للاحتفال بأمور اخرى.