خبر ارتدادات التقارب بين « إسرائيل » وترامب تغضب اليهود الأميركيين

الساعة 06:23 ص|06 مارس 2017

فلسطين اليوم

صالح النعامي

يفضي الطابع « الحميمي » الذي بات يميز علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة في أعقاب صعود دونالد ترامب للحكم في واشنطن إلى إحداث صدع كبير في العلاقة بين دولة الاحتلال والأغلبية الساحقة من اليهود الأميركيين، وهي العلاقة التي تمثل ذخراً استراتيجياً لإسرائيل. وقد حصل جدل حاد بين أوساط اليمين الحاكم في تل أبيب، التي تجاهر برهاناتها على ترامب في إملاء خطّها الإيديولوجي في كل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين، وبين القيادات اليهودية الأميركية الغاضبة من عدم تطرق الحكومة الإسرائيلية لتعاظم ظاهرة « معاداة السامية » في أعقاب صعود ترامب.

وتربط المنظمات اليهودية الأميركية بين خطاب ترامب وبين حدوث زيادة غير مسبوقة لحوادث الاعتداء التي تستهدف اليهود. ولم تتردد بعض الأوساط المرتبطة بدوائر اليمين الحاكم في تل أبيب في اتهام القيادات اليهودية الأميركية بأنها من خلال اتهامها إدارة ترامب بتشجيع « معاداة السامية » تهدد فرص استفادة إسرائيل من العهد الجديد في واشنطن، في حين لم تتوان أوساط أخرى في مهاجمة القيادات اليهودية بسبب قبولها التنسيق مع المنظمات الإسلامية في مواجهة ترامب.

وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، يوم السبت، أن « رابطة مكافحة التشهير » (Anti-Defamation League)، بوصفها إحدى أبرز المنظمات اليهودية الأميركية التي تقود الحملة ضد ترامب وتصوره وفريقه كمجموعة من العنصريين واللاساميين، مستاءة جداً من الخط المهادن الذين تنتهجه الحكومة الإسرائيلية تجاه إدارة الرئيس الأميركي الجديد. وتكمن المفارقة في أنه، حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية الأكثر تماثلاً مع اليمين الحاكم في تل أبيب، تقرّ بحدوث ارتفاع غير مسبوق لعدد الاعتداءات التي يتعرض لها اليهود داخل الولايات المتحدة بعد فوز ترامب.

وأشارت صحيفة « يسرائيل هيوم » التي يملكها رجل الأعمال اليهودي الأميركي، شيلدون أدلسون، الذي تبرع بـ100 مليون دولار لحملة ترامب الانتخابية، في تقرير نشرته السبت، إلى حدوث زيادة بنسبة 94 في المائة لعدد الاعتداءات التي تعرضت لها المؤسسات اليهودية في ولاية نيويورك، على اعتبار أنها تضم العدد الأكبر من اليهود الأميركيين.

وأكدت الصحافية ميراف زونشاين، في مقال نشره موقع صحيفة « هآرتس » يوم السبت، أن ما يغضب يهود الولايات المتحدة من دفاع إسرائيل الرسمية عن ترامب، يتمثل في حقيقة أن صعوده نقل « معاداة السامية من الهامش إلى التيار العام في هذا المجتمع ». ولفتت إلى أن إسرائيل الرسمية تتجاهل مخاوف يهود الولايات المتحدة الذين يمثلون حوالي 50 بالمائة من عدد اليهود في العالم، حيال ترامب وحقبته. وذكرت أن « الرئيس الأميركي الحالي تعمد عدم الإشارة إلى الكارثة التي لحقت باليهود عشية وخلال الحرب العالمية الثانية »، مشيرة إلى أنه لم يتحرك لنبذ مظاهر اللاسامية إلا بعد تلقي 89 مؤسسة يهودية في 30 ولاية أميركية تهديدات، وبعد تدمير مئات القبور في مقبرتين يهوديتين في ولايتي ميزوري وفلوريدا.

وحذرت زونشاين من أن الرئيس الأميركي يكثر من الإشارة إلى ابنته، إيفانكا ترامب، التي اعتنقت اليهودية وإلى صهره وأحفاده اليهود، ليبعد عن نفسه تهمة اللاسامية. واعتبرت الصحافية الإسرائيلية أن دفاع رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن الرئيس الأميركي « يمثل بطاقة تزكية أخرى سيتسلح بها ترامب لنفي توجهات إدارته اللاسامية ».

كما نبّه وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق، البرفسور شلومو أفنيري، من خطورة الصدع بين إسرائيل والأغلبية الساحقة من اليهود الأميركيين على خلفية الموقف من إدارة ترامب. وفي مقال نشرته صحيفة « هآرتس »، يوم الجمعة الماضي، أعاد للأذهان حقيقة أنه ليس فقط الأغلبية الساحقة من اليهود الأميركيين لم يصوتوا لترامب « بل أيضاً ينفرون من شخصيته ويرفضون كل ما يمثله من قيم وآراء ». وتساءل « إنْ كانت إسرائيل تدعي أنها تمثل الوطن القومي للشعب اليهودي فكيف بإمكانها تجاهل توجهات اليهود الأميركيين تجاه ترامب؟ »، وفق تعبيره. ولفت إلى أن يهود أوروبا يتبنون نفس الموقف من ترامب وظاهرته.

ورأى أفنيري أن حرص ترامب على إحاطة نفسه بعدد كبير من المستشارين اليهود لم ينطل على اليهود الأميركيين ولم يؤثر على رفضهم لحكمه وحساسيتهم تجاه علاقات الدفء التي تربط حكومة اليمين في تل أبيب بإدارته. وأشار إلى أنه حتى المنظمات اليهودية الأميركية الرائدة لا تؤيد ترامب لإدراكها مدى حساسية الجمهور اليهودي تجاه خطابه. وعلى الرغم من أن أفنيري يؤيد حرص حكومة نتنياهو على توثيق علاقاتها بإدارة ترامب على اعتبار أن هذا الأمر يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، إلا أنه في الوقت ذاته يستهجن أن تصل الأمور إلى حد دفاع نتنياهو ووزرائه عن الخطاب الإيديولوجي للرئيس الأميركي.

ولم تلتزم أوساط اليمين الحاكم في تل أبيب الصمت بشأن الانتقادات الموجهة إليها. وأخذت تشكك في الاتهامات الموجهة لترامب بدعم اللاسامية. ورفض السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن، عضو حزب « الليكود »، زلمان شوفال، وصم ترامب وإدارته باللاسامية، معتبراً أن هذا التوصيف « كاذب ». وكتب في مقال نشرته « يسرئيل هيوم » أن الاتهامات التي وجهت للمستشار الاستراتيجي لترامب، ستيف بانون، بتبني تصورات لاسامية « لا تستند إلى أساس ».

من جهتها، حذرت المستشارة الإعلامية السابقة لنتنياهو، الباحثة والكاتبة اليمينية، كارولين كليغ، من « خطورة » التقارب بين اليهود الأميركيين والمنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة في أعقاب صعود ترامب. وفي مقال نشرته « معاريف » أخيراً، هاجمت بشكل خاص رئيس « رابطة مكافحة التشهير »، جونثان غرينبلت، معتبرة أن تحركه ضد ترامب على هذا النحو، يزيد التقارب من المسلمين الأميركيين، وفي الوقت نفسه يعزز من حضور القوى غير الصهيونية داخل الجالية اليهودية الأميركية. واعتبرت أن التنسيق بين اليهود الأميركيين والمنظمات الإسلامية سيضفي شرعية على عمل جماعة « الإخوان المسلمين » في الولايات المتحدة، والتي تسيطر على معظم تلك المنظمات.

كلمات دلالية