طرد الرجوب رسالة قوية من مصر

خبر شهر العسل بين السيسي وعباس انتهى

الساعة 09:55 ص|03 مارس 2017

فلسطين اليوم

يبدو أن مرحلة التستر على العلاقات السيئة والمتدهورة بين السلطة الفلسطينية والحكومة المصرية، وصلت إلى نقطة الصفر واللاعودة، وبدأت تظهر على الساحة مؤشرات قوية تؤكد أن "شهر العسل" قد انتهى، وأن الطرفين سيدخلان مرحلة "الطلاق السياسي والدبلوماسي".

قبل سنوات، وتحديداً بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى كرسي الرئاسة المصرية، والإطاحة بالرئيس محمد مرسي، كان الكثيرون ينظرون إلى أن العلاقة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسيسي ستكون في أبهى صورة لها؛ نظراً للقواسم المشتركة بين الرجلين، لكن سرعان ما تحولت تلك الصورة إلى قاتمة وسوداء بعد أن أُدخل فيها النائب المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، ليكون العنصر الأساس وصاحب الامتياز الخاص.

قرار جهاز المخابرات المصري، الاثنين (27 فبراير/شباط)، بمنع دخول أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس اتحاد كرة القدم، اللواء جبريل الرجوب، للأراضي المصرية، وترحيله على نفس الطائرة التي جاء بها للأردن، لم يكن مفاجئاً؛ إذ علم "الخليج أونلاين" قبل أسابيع أن الجانب المصري أعد قائمة "سوداء" لرجال عباس يُمنع دخولهم الأراضي المصرية؛ نتيجة مواقفهم السياسية من السيسي، وكان الرجوب على رأس القائمة، إضافة لآخرين؛ منهم توفيق الطيراوي، ومحمود العالول، وحسين الشيخ، وعباس زكي.

الرجوب كان مدعواً بشكل رسمي لزيارة مصر للمشاركة في المؤتمر "الوزاري العربي حول الإرهاب والتنمية الاجتماعية- أسباب ومعالجات"، الذي يعقد في مدينة شرم الشيخ، ولكن فور وصوله مطار القاهرة الدولي وجلوسه في صالة "كبار الزوار"، انتظر ساعات حتى أُبلغ بأنه "غير مسموح له بالدخول، وعليه المغادرة فوراً"، وعلى الرغم من سلسلة اتصالات أجراها برفقة دبلوماسيين فلسطينيين، فإن الرد كان من جهاز المخابرات برفض الدخول والمغادرة فوراً، فعاد إلى عمان على نفس الطائرة التي جاء بها.

ما جرى مع الرجوب يعيدنا للحديث عن الزيارة التي أجراها صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للقاهرة قبل، في السبت (25 فبراير/شباط الجاري)، ولقائه المسؤولين المصريين، يؤكد أن الزيارة كانت "فاشلة"، وأن الفجوة بين السلطة والنظام المصري تتسع يوماً بعد يوم، على عكس البيان الذي صدر عن عريقات وكان يشع تفاؤلاً.

- الدخول بمرحلة الطلاق السياسي

دبلوماسي مصري يعمل في وزارة الخارجية، كشف لـ"الخليج أونلاين"، أن العلاقة بين الرئيسين عباس والسيسي وصلت إلى أخطر وأصعب مراحلها، نتيجة للخلافات القائمة بين الرجلين في التعامل مع حماس ودحلان.

وأوضح أن العلاقة بين عباس والسيسي دخلت فعلياً مرحلة "الطلاق السياسي والدبلوماسي"، وأن النظام المصري أعد قائمة كبيرة سوداء لرجال عباس في السلطة وحركة فتح لمنع دخولهم الأراضي المصرية؛ لمعارضتهم جهود مصر لعودة دحلان للحركة، وانتقادهم ما جرى بمجلس الأمن الدولي، وطلب مصر عدم تقديم مشروع الاستيطان للتصويت عليه قبل أشهر.

وذكر الدبلوماسي المصري، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن العلاقة المتوترة تكشف عن السبب الرئيسي لعدم زيارة الرئيس عباس للقاهرة ولقائه بالسيسي، كاشفاً أن بعض الدول العربية حاولت التوسط بين عباس والسيسي، إلا أن الأخير كان رافضاً لأي تدخل في هذا الملف.

الإعلام المصري المحسوب على النظام حاول استغلال الأزمة ليضع بصمته، فوجه سهامه نحو الرجوب والرئيس عباس، ولعل أبرزها حديث الإعلامي المصري، تامر أمين، حين قال في برنامجه التلفزيوني: "الرجوب شخصية غير مرحب فيها بمصر، وعلى هذا الأساس مُنع من الدخول ورُحل إلى عمّان، ومن يتعامل على أن له دولة عظمى وهو قائدها عليه أن يعلم بأن شرعيته منتهية، وبأنه غير قادر على حماية نفسه أو جلب الأمان لشعبه، ومن ثم عليه أن يتحمل نتائج وتبعات قراراته الهوجاء التي يتخذها، سواء بفعل عامل السن أو الإصابة بالعمى، فمصر كانت وما زالت وستبقى هي التي تقرر وتفعل وستفعل".

ورغم أن وزير العدل الفلسطيني علي أبو دياك، قرر الانسحاب من مؤتمر شرم الشيخ احتجاجاً على ترحيل الرجوب، فإن حركة فتح حتى اللحظة تخشى إغضاب السيسي، وتفضل استخدام عبارات ناعمة في انتقادها لما جرى مع الرجوب، لكن عضو المجلس الثوري للحركة، تيسير نصر الله، خرج عن صمته، وأكد أن ما فعلته مصر مع الرجوب "رسالة عدائية موجهة للرئيس عباس"، معتبراً هذا الفعل تطوراً خطيراً في العلاقة بين مصر والسلطة الفلسطينية.

وأضاف لـ"الخليج أونلاين": "هذه رسالة سلبية ضد حركة فتح لأن الرجوب يمثل الحركة"، واصفاً السلوك المصري بـ"المستهجن والمستغرب وغير المبرر"، وبحاجة إلى توضيح من السلطات المصرية.

في حين رأى المحلل السياسي فايز أبو شمالة، في هذه الخطوة، أنها رسالة غضب موجهة من مصر إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويعكس مدى الاستجابة المصرية لدحلان ضد قيادة فتح، مؤكداً بأنها إشارة إلى مرحلة قادمة ترتبها القاهرة لدحلان في المرحلة المقبلة.

وقال أبو شمالة لـ"الخليج أونلاين": إن "ما جرى رسالة ضمنية لعباس بأنك لست المتصرف الوحيد، وأنه تعبير عن خلق بدائل جديدة للقيادة الفلسطينية، موضحاً أن مصر بثقلها الأمني والسياسي عبرّت عن سخطها من تجاوز عباس لتوجيهاتها وقراراتها، وخطوتها رسالة بأنها موجودة وأنها حاضرة، ولن تسمح لعباس أن يرمي بقراراتها عُرض الحائط".

ولفت النظر إلى أن الرسالة المصرية هي رد على تصريحات صائب عريقات في القاهرة، التي قال فيها إن علاقة السلطة بمصر حسنة، وإن أبو مازن سيزورها قريباً، "فجاء الرد من الجانب المصري بطرد الرجوب ليؤكد بأن العلاقة سلبية، وأنه لن يسمح بزيارة عباس ما لم يعدل عن مساره".

وهذه هي المرة الأولى التي تمنع فيها مصر مسؤولاً فلسطينياً بحجم الرجوب، الذي تقلد عدة مناصب في السلطة الفلسطينية، من بينها منصب مدير الأمن الوقائي، وكذلك مستشار الأمن القومي، قبل أن يصبح عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح، ويختار أمين سرها.

وفي الآونة الأخيرة تردد أن توتراً كبيراً شاب العلاقات الفلسطينية-المصرية على خلفية رفض فتح والرئيس محمود عباس وساطة القاهرة لإعادة محمد دحلان لصفوف فتح.

والرجوب من أكثر القيادات الفتحاوية التي تعارض عودة دحلان لصفوف الحركة، وكان من ضمن وفد الحركة الذي التقى قبل أشهر وفد الرباعية العربية (السعودية والأردن ومصر والإمارات) في العاصمة المصرية القاهرة، حيث جرى بحث ملف عودة دحلان.

 

كلمات دلالية