خبر اتحاد القوى العظمى: سوريا تغير موازين القوى في المنطقة- هآرتس

الساعة 11:53 ص|26 فبراير 2017

فلسطين اليوم

اتحاد القوى العظمى: سوريا تغير موازين القوى في المنطقة- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: تدخل تركيا في الحرب السورية يتسبب بشرخ مع ايران، والعلاقة بين الاردن ونظام الاسد تتعزز، وغياب الولايات المتحدة عن الساحة قد يضعف السعودية، والعلاقات المتبلورة قد تحدد مصير المنطقة - المصدر).

العلاقة الثانوية التي ولدت نتيجة للحرب الاهلية السورية من شأنها أن تحدد مصير الدولة والمنطقة، أكثر من الحرب نفسها. لأنه في الوقت الذي تهتم فيه الاطراف المتقاتلة في الميدان بالحفاظ على مناطق سيطرتها، وتقوم بالبحث عن مصادر للمال والسلاح وتبذل الجهود من اجل تعزيز مكانتها من اجل العملية السياسية، فان المعارك الثانوية تهتم في ايجاد استراتيجية بعيدة المدى. وهذه الاستراتيجيات سينقسم تأثيرها في الشرق الاوسط بشكل يشبه اتفاقية سايكس بيكو.

« المعارك الثانوية » هي تحالفات وصراعات تطورت بين القوى، مثل روسيا والولايات المتحدة، وبين قوى عظمى محلية مثل ايران والسعودية وتركيا خلال الحرب. هذا المفهوم ليس عادلا، حيث تحولت الحرب في سوريا الى حرب بالوكالة. لأن الممول هو الذي يفرض الخطوات العسكرية. وعند الحاجة يقوم باستبدال من يرعاهم حسب انجازاتهم في الميدان.

الامر الاهم من ذلك هو التحالفات بين من يدعمون المليشيات « التابعة لهم » والتي تخلق موازين القوى السياسية بين القوى العظمى. مثلا، تقوم روسيا باستخدام الاكراد في سوريا كورقة ضد تركيا. والتعاون بين تركيا وجيش سوريا الحر ينشيء شرخا بين تركيا وايران. هجمات الاردن ايضا على تنظيم الدولة الاسلامية في جنوب الدولة يعزز التحالف الروسي – الاردني والعلاقة بين الاردن وبين نظام الاسد. ووجهة جميع الدول هي اليوم التالي.

التطور الاخير الذي حدث في هذا الاسبوع يضع علاقات تركيا وايران في موضع الاختبار. في بداية الاسبوع، في مؤتمر الامن الذي عقد في ميونيخ، أطلق وزير الخارجية التركي مبلوط شاويش اوغلو سهما حادا نحو طهران وقال إنه « على ايران الكف عن الحاق الضرر المتواصل بالاستقرار والامن الاقليميين ». واقوال كهذه ليست اقوال استثنائية في طابعها فقط، بل يبدو أنها أخذت من ورقة امريكية. ولم يتأخر الرد الايراني. متحدث وزير الخارجية الايراني برهم قاسمي، قال إن على تركيا فحص اقوالها تجاه ايران.

صحيح أنه توجد خلافات عميقة بين تركيا وايران حول نظام الاسد، ولا سيما استمرار بقائه في اطار الحل السياسي. ولكن هذه الخلافات لم تمنع العلاقة التجارية الواسعة بين الدولتين التي تبلغ 10 مليارات دولار. كانت ايران هي الدولة الاولى التي نددت بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تموز. والرئيس حسن روحاني قام بزيارة أنقرة ثلاث مرات، ويتوقع أن يزورها من جديد في نيسان. توجد للدولتين مصالح مشتركة في منع اقامة مقاطعة كردية في شمال سوريا، خوفا من أن تشجع الاكراد في الدولتين للانضمام الى ذلك.

في المقابل، كل دولة من الدولتين تشتبه بما تعتبره الطموح الاستراتيجي للدولة الثانية. تركيا تؤمن أن ايران تريد تحويل العراق وسوريا الى دول شيعية. أما ايران فهي متأكدة أن اردوغان يريد تحقيق الحلم العثماني واعادة احياء الامبراطورية.

لقد تخوفت ايران مثلا من تحرير مدينة الباب التي تبعد 30 كم عن حلب على يد القوات التركية وجيش سوريا الحر. رغم أن هذه الحرب هي ضد داعش. هذا لأن السيطرة على مدينة الباب، التي أعلن جيش سوريا الحر أمس عن تحريرها، تفتح المسار الضروري لاحتلال الرقة، عاصمة داعش في سوريا، ومن هناك تتم السيطرة على الحدود بين العراق وسوريا التي تعتبرها ايران منطقة حيوية لخلق الجسر الجغرافي بين العراق وسوريا.

لقد حدثت منافسة بين تركيا وجيش سوريا الحر وبين سوريا والمليشيات الايرانية على احتلال مدينة الباب. اثناء اقتحام القوات التركية من الشمال تقدمت القوات السورية من الجنوب. واذا كانت التقارير حول تحريرها صحيحة، فهذا لن يكون ضربة لسوريا وايران فقط، بل البرهان على قوة التحالف بين تركيا وروسيا، التي لم تمنع تقدم القوات التركية. ومع ذلك، يجب التعاطي مع التقارير بحذر. ففي الاسبوع الماضي بعد أن أعلن رئيس الاركان التركي انهاء معركة الباب، أعلنت مصادر في المعارضة السورية أن المدينة ما زالت تحت سيطرة داعش.

الفرضية التي تقف من وراء سياسة روسيا هي أنه عند حدوث الحل السياسي لن تشكل تركيا عقبة، وستوافق على انسحاب قواتها شريطة أن تضمن روسيا عدم وجود مقاطعة كردية مستقلة في سوريا. هذه الفرضية تعتمد على التفاهمات التي تبلورت بين روسيا وأنقرة، والتي تجد تعبيرها، ليس فقط بالتعاون العسكري بينهما، بل ايضا في الخطوات التي أدت الى وقف اطلاق النار في حلب. هذه الخطوات التي تمت بين روسيا وتركيا فقط، وانضمت اليها ايران في المرحلة الثانية.

 التنسيق الوثيق بين تركيا وروسيا لا يتجاهل اسرائيل. فبعد تبلور التفاهمات مع روسيا حول المعايير المسموحة للقصف الاسرائيلي في سوريا، وتمت اقامة خط تنسيق بين اسلحة الجو، تركيا ايضا اصبحت شريكة في هذا التنسيق، ليس فقط بسبب نشاطها الجوي في سوريا، بل ايضا على خلفية التعاون العسكري بين الدول في الآونة الاخيرة.

 الصراعات السياسية بين تركيا وايران لا تعني أنهما في الطريق الى المواجهة والانفصال المطلق، لأنه اضافة الى المصالح الاقتصادية الهامة التي تربط بينهما، هناك مصالح استراتيجية واقليمية. اعتماد تركيا على الغاز والنفط الايراني وسعي ايران لتكون جزء من الخطوات السياسية الاقليمية التي تعتبر تركيا فيها عاملا هاما. أحد هذه الامور هو ميزان الرعب بين ايران والسعودية.

 منذ انضمام تركيا الى التحالف السني الذي اقامه ملك السعودية سلمان، والذي يهدف لكبح تأثير ايران الاقليمي، تحاول طهران تعزيز علاقاتها مع الدول العربية والاسلامية كوزن مناقض لتأثير السعودية. وهي لم تكف عن تحسين علاقتها مع مصر، لا سيما بعد تراجع العلاقة بين مصر والسعودية. في تشرين الثاني جاء وزير النفط المصري، طارق الملة، الى طهران لفحص امكانية الحصول على النفط من ايران بدل السعودية. وأوضحت ايران فيما بعد أنها تريد أن تشارك مصر في محادثات المصالحة بين المعارضة السورية وبين النظام. ولدى ايران علاقة جيدة مع الكويت وقطر والامارات وسلطنة عمان. وهي تولي علاقتها مع تركيا أهمية كوزن مناقض للعلاقة الوثيقة بين تركيا والسعودية. وترى تركيا أمام ناظريها تحالفا اقليميا تلعب فيه دورا مركزيا، خاصة بعد ابتعاد السعودية عن الازمة السورية. وقد تكون وسيطا بين السعودية وايران.

 في علاقات القوى السياسية تغيب في الوقت الحالي الولايات المتحدة. وباستثناء المشاركة الفاعلة في الحرب ضد داعش، التي يتم تنسيقها مع روسيا وتركيا، فان ادارة ترامب لم توضح بعد موقفها من استبدال السلطة في سوريا، ومصير الاسد والمتمردين. وقد أوضح ترامب قبل بضعة اسابيع بأن الولايات المتحدة لا يجب أن تهتم باسقاط الانظمة في دول اخرى. وامتنع عن الحديث عن مساعدة امريكا للمتمردين. هذه الامور تقوم بها روسيا فقط، ولا يبدو أن ترامب يأسف من ذلك.

 ابتعاد الامريكيين عن الساحة السورية، اضافة الى تغير موقف تركيا من نظام الاسد، يلزمان السعودية باعادة النظر في سياستها. اذا كانت متخوفة في عهد اوباما من فقدان مكانتها لصالح ايران، فيتبين الآن أن ترامب، الذي وضع ايران على المهداف ويريد أن يفرض عقوبات جديدة عليها، يمكن أن يتسبب في تعزيز التحالف بين روسيا وايران وتركيا على حساب السعودية.

كلمات دلالية