قائمة الموقع

تقرير سفر الزوج..وسقوط الأقنعة بين الكنة والحماة!

2017-01-23T07:26:54+02:00
شجار
فلسطين اليوم

« البيوت أسرار » وعندما يغيب الزوج الذي يمتلك زمام الأمور مُسافِرًا لعلمٍ أو عمل وتاركاً خلفه الزوجة والأطفال في بيتِ أبيه فإن تلك الأسرار ستنفضح بتركه مساحة لا تُقاس لإشتعال المشكلات وابتكار الأزمات بين الأم الكبيرة والكنة الصغيرة خاصة وأنه يعتبر الميزان المتكافئ بينهما في وجوده الذي عادةً ما يحمي الزوجة من تسلط الحماةة عليها والتدخل في تفاصيلِ حياتها وإذا ما غاب فما على كفتي الميزان إلا أن تنقلب.

مروة أبو جبل « 32 عام » أم لأربعة أطفال، يقيم زوجها في احدى الدول العربية حيث سافر للعمل منذ خمسة سنوات وتسكن هي وصغارها في غزة بشقة أعلى بيتِ حماها، تقول لفلسطين اليوم: « في البداية كان الأمر صعب للغاية فبيت عمي لا يُفضلون خروجي من البيت دائمًا وكان يجب ألا أخرج حتى أتصل بزوجي في الخارج وأطلب الإذن وإذا لم أفعل فيتصل اخوانه به ويخبرونه وتشتعل المشاكل في البيت ».

ولكن عندما فكرت مروة بالدراسة في الجامعة رغم أن عائلة زوجها رفضوا أولًا ثم خضعوا للأمر الواقع بعد موافقة ابنهم على ذلك أصبحت الأمور أفضل من ناحية فرص خروجها من البيت لكنها كلما عادت وجدت جلسات المحاسبة التي تعدها لها حماتها في انتظارها فتمطرها بالأسئلة « لماذا سجلتِ بالجامعة؟ لماذا تمضين كل هذا الوقت هناك؟ متى ستنتهين؟ » بغضبٍ وعصبية.

وتنزعج أبو جبل من تصرفات والدة زوجها التي لا تتوقف عن الصراخ على أبنائها وشتمهم ووصفهم بقلة التربية مبينةً أن كل تلك الأمور تقوم بها حماتها أمامها هي فقط أما في حال وجود زوجها خلال زياراته فإنها تكون كالأم الحنون عليهم وعلى العكس فهي تصبح الكنة المدللة لدى حماتها التي تستشيط غضبًا إذا حاول أحدٍ ما مضايقة زوجة ابنها أو ايذاء صغارها.

وتعاني خالدة الأدهم « 27 عامًا » وهي أم لطفلين من ذات مشكلة مروة في الخروج من البيت بأريحية، تقول: « خروجي من البيت لم يكن إلا لزيارة بيت أهلي أو أخواتي لكن كلما أخرج ورغم معرفة زوجي وموافقة والدته إلا أنني كنت أجدها منزعجة عندما أعود وتستمر لأيام لا تخاطبني ولطالما قامت بمنعي من الخروج تحت حجج فارغة ولالتزامات منزلية لا تنتهي ».

وتوضح الأدهم التي عادةً ما تكذب حماتها على زوجها وتدّعي المرض لتبقى زوجته بجانبها رغم أنها تكون بتمام عافيتها _بحسبِ قولها_ أو تدّعي أنها لا تمتلك المال ليرسل إليها الحوالات بينما تعتاش زوجته وصغاره على الفتات التي تتصدق به عليها حماتها وفي ذات الوقت تخبر ابنها أن زوجته لا تعطيها المال!

وعادةً ما تتصرف حماةِ خالدة معها بهذه الطريقة دون أسبابٍ واضحة فتخبر زوجها بما يحدث الذي يتهمها أحيانًا بالكذب وقوفًا بجانبِ والدته وأحيانًا أخرى يبقى مُتفرجًا فيما تقضي هي ليلها بالبكاء، تقول: « منذ أن سافر زوجي وقد انقلبت الموازين على رأسي وأخذ بيت حماي شقتي مؤقتًا كما يقولون ليزوجوا ابنهم الأصغر وهبطت أنا للإقامة في غرفةٍ ببيتهم لأتحول خادمة المنزل التي لا يجب أن تغيب نهار واحد عن الخدمة ».

من ناحيته يؤكد أخصائي علم النفس والاجتماع د. درداح الشاعر، أن العلاقة الشرعية بين الكنة والحماة هي علاقة الابنة والأم فالحماة هي أم بالمصاهرة والحمو هو أب بالمصاهرة، منوهًا أن الأمر له أبعاد ثقافية وعادات وتقاليد في المجتمع الفلسطيني منافية فقليلًا ما يلتزم الناس بالجانب الشرعي مع زوجة الابن وهذا ما يخلق نوع من الشحناء أو الغيرة والأحقاد.



وغياب الزوج الذي يعتبر السند الأول والدعامة النفسية أو المادية أو الروحية للزوجة يجعل الأعباء النفسية عليها مضاعفة، _وفق قوله_ مشيرًا إلى أن أهل الزوج يحاولون ممارسة نوع من السيطرة على زوجة الابن بإدعاء أنها في حاجة ماسة للتوجيه , تاركين الدوافع التي تحركهم ومعظمها يكون الرغبة في إخضاع الطرف الآخر نتيجة لكون المرأة مرت بتجربة قاسية فبدلًا من الاستفادة منها تقوم بتفريغها على زوجة الابن.

ويرى الشاعر في حديثه لـ « فلسطين اليوم » أن إقبال الزوجة المغترب زوجها على الدراسة أو إيجاد فرصة عمل محاولة لملء الفراغ وهروب من الاضطهاد الأسري بطريقة مقبولة اجتماعيًا، موضحًا أن ذلك أفضل من طلبها الذهاب إلى بيت أهلها ورغبتها بعدم العودة حتى يحضر زوجها وهي بذلك تستخدم « حيلة الإعلاء » بحسب علم النفس، وهي حيلة دفاعية تلجأ إليها تخففًا من ضيق المشاعر أو هربًا من الموقف المتأزم داخل الأسرة.

ويؤكد على ضرورة التزام الأُسر بالجوانب الشرعية التي تقضي بوجود بيت مستقل للزوجة تستقل فيه بسكنها وقرارها وتصرفاتها؛ الأمر الذي يخفف من إمكانية حدوث هذه المشكلات، مستدركًا بالقول أنه لو كانت شخصية الزوج مركزية وله تأثيره على الأب والأم فسيسمعون كلامه بما يتعلق بالزوجة وسلوكياتها التي قد تصبح مناط سوء التأويل باعتبارها خطفت أغلى ما تملك المرأة في الحياة واستقلت به.

ويفيد د. درداح الشاعر خلال اتصالٍ مع « فلسطين اليوم » أن كثير من الأزواج يستطيعون أن يحيون حياة جميلة وهم بعيدين عن الأرض وينظمون العلاقة القائمة بين الزوجة والأب والأم مشيرًا إلى أن لهذا قيمته وتوقيره وكيانه النفسي والشخصي الذي يجب احترامه ويقف كلٌ منهما عند حدوده، مؤكدًا على ضرورة أن تُخير المرأة في حال غياب الزوج بالبقاء في بيت زوجها أو المغادرة إلى بيتٍ مستقل أو لبيتِ أهلها لأنه لا يوجد مبرر لاحتمال الأذى والألم في غيبته.

أما في حالةِ أن تكون الكنة هي المتسلطة في بعضِ حالاتٍ يكون زوجها هو الابن الوحيد الذي ينفق على الأسرة تلقاء عمله بالخارج فيوضح الشاعر أننا هنا أمام أمرين، أولهما إما الزوج فاقد للقوامة ولا يستطيع أن يُوجِد شكل من أشكال التوازن في العلاقة بينهما وفي هذه الحالة تسقط شخصيته وينهار البيت على رأسه.

أو أن الزوج ذو شخصية رائعة وناضجة ويستطيع وضع حدود للزوجة تسير عليها موضحًا أن هناك الكثير من الضغوط التي يمكن للزوج ممارستها عليها منها عدم ارسال الإنفاق أو تهديدها بالطلاق أو بالزوجة الثانية فهي من أكثر الأمور التي تُقلق المرأة؛ وإلا فلن تستقر حياة أُسرية قائمة على التسلط والغيرة والكراهية خاصة في بيت يجتمع به أكثر الناس قُربًا حبًا في الحياة.

اخبار ذات صلة