تمرد على حياته فانحرف

خبر ندم وتاب ولكن بعد أن لطخ شرف مهنته بالمخدرات

الساعة 12:46 م|28 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم


أوعز إليه عقله للانحدار في الجحيم، وهدم حياته وضل طريقه، وأغرق نفسه تدريجياً في وحل الإدمان والتجارة في المخدرات لسنوات طويلة، ولطخ شرف وظيفته دون جدوى، ليرتقي مدمناً ومشرداً خارج البلاد، ومن ثم ليعود عاضاً على أصابعه ندماً من شدة الضياع المميت.

حياة مستقرة

وكالة « الرأي » الحكومية التقت الشاب « وائل » وهو اسم مستعار في مركز التأهيل والإصلاح ( الكتيبة) في العقد الثالث من عمره، عابس الوجه متوتر الأعصاب،  جلس شابكا الأيدي، قائلاً :« نشأت في كنف أسرة ميسورة الحال في ظل والديَ الموظفين ووضعنا المادي ممتاز جداً، وعشت وسط أربعة من الإخوة، وعشنا أجمل الأيام بحب وسعادة حتى أنهيت دراستي الثانوية، وبدأت العمل واعتمدت على نفسي لفترة من الزمن، حتى كونت وضعي وبعدها تزوجت، واستقليتُ في بيت لوحدي بعيدا عن العائلة . »

 بعد أن استقر ببيت الزوجية همّ على الدراسة في الجامعة بعد التغيب عنها لسنوات، وأنهى دبلوم العلاقات العامة وتخرج بامتياز، مما شجعه على دراسة القانون وحصل على البكالوريوس بدرجة عالية .

 وتابع حديثه قائلاً :« وفقت في حياتي الزوجية وأنجبت خمسة أولاد، وبعد التخرج مباشرة توظفت في السلطة وكنت مواظب وسعيدٌ في عملي براتب عالي، ووُصفتُ من الضباط المميزين، واستمريت على تلك الحال لفترة طويلة، حتى تم الانقسام وأصبحت من المستنكفين دون عمل ومن ثم اشتريت سيارة وعملت سائقا عمومي من وإلى غزة.

لكن الشاب »وائل« اشترى الضلالة بالهدى وبدأ العبث في الحرام وسلك طريق غير مشروع، حين اقترح عليه صديقه الملطخة يديه بسموم المخدرات أن ينقل له بسيارته الشخصية كراتين محملة بالأترامادول، مما وافقه الرأي بكل أريحية مقابل مبلغ من المال .

أب حاضر مغيب

واصل وائل حديثه: » كنت السائق الوحيد والمساعد الخفي للنقل والتوزيع في أماكن عدة وتكررت العملية لمرات كثيرة، مقابل أجرة عالية لم أتوقعها، واستسهلت العملية حتى تعودت على تناولها ومذاقها وأدمنت عليها بشكل كبير لدرجة انني أهملت زوجتي وصرت الأب الحاضر الغائب لأولادي، وزادت حدة المشاكل بيننا وتركت زوجتي البيت في حين كنت غارقاً في نزوتي الشيطانية، وهمي الوحيد تعاطي المخدرات ونقلها والتجارة فيها بشتى أنواعها وصنفت من ذوي المدمنين المشهورين، غير مبال ما يحدث حولي من دمار وتفكك أسري وتشتت عائلي« .

لم يدم عمله الاجرامي وإفساده لنفسه وأبناء شعبه طويلاً، حتى استقرت رصاصة جرمه في عقر عنقه، وتم القبض عليه في كمين محكم إثر رصده من قبل الشرطة، متلبساً بحمل 50 كيلو بانجو وكمية كبيرة جداً من المخدرات .

وأضاف بصوت حزين: » لم أعمل حساباً لهذا اليوم العصيب بحكم تغيبي تماماً عن الوجود و قبضَ علىَ حاملاً عدد كبير من المخدرات وتم تحويلي للمركز وبعد التحقيق معي اعترفت بما اقترفت يداي من أذية للناس ولي في الوقت ذاته، وقضيت فترة طويلة من مدة الحكم، بعدها خرجت إجازة بيتية لمرات عديدة  كوني متزوج ، وفي إحدى المرات لم أعد للمركز وهربت على مصر صاحباً زوجتي وأولادي، بعد تخطيط مسبق وبقيت هناك ثلاثة سنوات متتالية « .

هروب وضياع

»وائل« نقل آفته القاتلة داخل الأراضي المصرية، بعد هروبه من غزة عبر الأنفاق الحدودية، ظناً أنه سيعيش هنيئاً، ولكن وافته  منية الإدمان مرة أخرى ليتناول أخطر أنواعه وهو الهيروين، وظل مشرداً نازعاً عرق حياء الغربة بشتى أنواعه.

بكل يأس وقنوط أكمل حديثه: » دمرت نفسي وكنت في حالة ضياع لا سابق لها من مثيل، وكنت مشرد الذهن والعقل لا علم لي ولا دراية بنفسي ومن حولي، وبات حالي في قمة التعاسة والبؤس حتى راودتني فكرة مفاجأة بالعودة إلى غزة مها كلف الأمر من حدة، رأفةً بأولادي ورفقاً بزوجتي التي تبكيني ليلاً ونهاراً.

 بعد فترة وجيزة عدت إلى غزة، وفور وصولي تم القبض علىَ وحولت مباشرة إلى مركز الكتيبة بمقتضى حكم 3 سنوات بسبب الهروب، وحكم آخر على جرمي السابق لتتحول حياتي جذرياً للأفضل ويتحسن حالي الصحي والنفسي« .

ارتقى بنفسه

أصبح »وائل« من رواد العمل الصالح وتقديم النصائح للنزلاء الجدد، ليرتقي بنفسه عالياً بعد أن خاض بعمق في الندوات والمحاضرات الدينية، والإرشادات التربوية من خلال لجان ولقاءات دعوية داخل مركز » الكتيبة« ، بعد معالجته من السموم القاتلة التي أرهقته مسبقاً.

نظر للأعلى بدموع باكية قائلاً: » بعد جهد حثيث من المعنيين بصلاح أمري أصبحت أعتز وأفتخر بنفسي، بحفظ عدة أجزاء من القرآن الكريم، وروح طاهرة تحمل لجميع من حولي كل الود والاحترام، لأنهم السبب الرئيسي والوحيد في تغير مسار حياتي داخلياً وخارجياً في وقت واحد، موجهاً رسالة للشباب الضال بعدم الانسياق والانجرار لأصدقاء السوء واختيار رفقاء الدرب الأنقياء دينياً وخلقياً" .         

 

كلمات دلالية