خبر أوروبا واللاجئين: عدم ثقة بين الشعب والقيادة- إسرائيل اليوم

الساعة 10:27 ص|21 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: د. إستر لوفتين

منذ انشاء الاتحاد الاوروبي حاول رؤساءه منحه صورة « القوة العظمى الانسانية ». ولهذا اهتم الاتحاد الاوروبي بأن يدخل الى الاتفاقات الدولية التي وقع عليها مع الدول التي ليست عضوة فيه، بند يتعلق بالحفاظ على حقوق الانسان والدفاع عن الاقليات.

تيار اللاجئين الذين وصل الى اوروبا في اعقاب الربيع العربي، والحرب الاهلية في سوريا ومحاولة داعش السيطرة على اجزاء من الشرق الاوسط، وضعت أمام القادة في اوروبا مفارقة ثلاثية. فمن ناحية ارادت النخبة الاوروبية الحفاظ على صورتها واظهار الالتزام بميثاق اللاجئين من العام 1951 وتقديم الملجأ للاجئين والدفاع عنهم. واضافة الى ذلك ارادت اوروبا الدفاع عن المشروع الاوروبي والاستمرار في عملية الاندماج وأخذ الصلاحيات من الدول الاعضاء ومنحها لمؤسسات الاتحاد المشتركة. وفي المقابل، قيادة الاتحاد والقيادات المحلية ارادت الحصول على الشرعية من قبل الجمهور. وهذا على خلفية القلق من تواجد المهاجرين المسلمين في اوروبا وتأثيرهم، ليس فقط على الهوية الثقافية الاوروبية، بل ايضا على الأمن الشخصي. هذه الظاهرة كانت موجودة قبل ازمة اللاجئين، حيث عبرت عن نفسها بانتصار احزاب اليمين المتطرف والشعبي في انتخابات البرلمان الاوروبي في أيار 2014.

السلوك الاوروبي اثناء ازمة اللاجئين أكد على عدم الثقة بين الجمهور الاوروبي وبين القيادة المحلية وقيادة الاتحاد. وتعتقد اجزاء كبيرة من الجمهور الاوروبي أن قادتهم منفصلون ويتبنون سياسة لا تعبر عن رغبتهم. في مجال الهجرة والاستيعاب يشعر كثير من الاوروبيين بأن سياسة اللاجئين الليبرالية واللينة تُمكن من دخول الكثير من اللاجئين. والتقدير هو أنه حتى نهاية العام الحالي تكون المانيا قد استوعبت 250 ألف لاجيء آخر اضافة الى 890 ألف قامت باستيعابهم في العام 2015.

اضافة الى عدم الرضى من سياسة الهجرة الاوروبية هناك ايضا خيبة أمل من الاتحاد الانساني. فرغم التوقعات بأن الاتحاد سيؤدي الى الرفاه والنمو الاقتصادي، إلا أن الحقائق على الارض عكس ذلك. اوروبا دخلت الى ازمة اقتصادية في العام 2008 واضطرت الى انقاذ دول اعضاء من الانهيار. ويشعر الكثيرون بخيبة الأمل من سياسة الاتحاد ومن القيادات المحلية، وهم يخشون على أمنهم الشخصي الاقتصادي.

حاولت القيادة الاوروبية، في المقابل، تبرير سياستها والقاء المسؤولية على الجمهور الاوروبي. مثلا، بعد الانتقادات الجماهيرية المتزايدة للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل، قامت الاخيرة بالغاء الانتقادات ضدها بحركة من يدها، وزعمت أن معارضي سياسة اللاجئين هم عنصريون. ومثلها ايضا زعم قادة الاتحاد بعد العمليات الارهابية في بروكسل، ومنهم نائبة رئيس الممثلية الاوروبية، وممثلة الاتحاد للخارجية والامن، فدريكا موغريني، بأن العمليات هي نتاج الجهاز التعليمي الاوروبي. وردا على ذلك زعم كثيرون في اوروبا بأن « القيادة الاوروبية هي جزء من المشكلة، وليست جزء من الحل ».

إن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي هو الاشارة الاكبر على أن مواطني الاتحاد غير سعيدين وغير راضين عن سياسة الاتحاد. مستقبل اوروبا سيتحدد من خلال الاجراءات التي ستتخدها قيادة الاتحاد لاستعادة ثقة الجمهور: تقليص تيار اللاجئين، الصراع ضد الاسلام المتطرف، الدفاع عن الحدود وما أشبه. هذه الافكار قابلة للتنفيذ، لكن السؤال هو اذا كانت قيادة الاتحاد والقيادات المحلية ستعود الى الوراء، أم أنها ستستمر في عملية الاندماج والتجاهل الكامل لمشاعر وتفكير الجمهور الذي تمثله.

كلمات دلالية