خبر اسم المولود: خلافات تُفجرها « خواطر » الأجداد ومواكبة « الحداثة »

الساعة 11:10 ص|17 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

يطل المولود الجديد على الدنيا بصرخة مدوية، حاملاً معها الفرحة والسرور التي طالما انتظرها الأهل والأحباب لتبدأ بكلمة مبروك من الطبيب أو الممرضة وسرعان ما ينتشر الخبر بين الأهل والأحبة الذين يتوافدون لتقديم التبريكات بقدوم الضيف الجديد الذي طال انتظاره.

ولكن مع قدوم بعض الأطفال سرعان ما تتحول تلك الفرحة إلى صراع بين مشيئة الزوجة وعادات العائلة والتي تقضي بأن يحمل - الطفل الأول تحديداً- اسم أحد الأجداد تقديراً واحتراماً لهما.

رفض ٌوعتاب

سميرة صالح كانت حاملاً في ابنتها البكر عندما توفت أختها الكبرى وكان اسمها « سلوى »، واتفقت وقتها مع زوجها أن تُسمي طفلتها على اسم أختها، لكنها فوجئت عند موعد الولادة أن زوجها رفض الاسم بحجة أنه متشائم منه، وأنه كان يسايرها حتى لا يحصل زعل بينهما.

وأضافت صالح في حديث لــ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »: بقي اسم البنت مُعلقاً عشرة أيام ونحن نحاول أن نختار اسم يحصل على تراضي الطرفين، وحصل ببيننا خلاف كبير إلى أن توافقنا على تسميتها باسم « دينا ».

وتتابع: من حق الأم أن تختار لطفلها الاسم الذي تريده لأنها هي من تحملت كل المتاعب خلال فترة الحمل والولادة، لذا أقل حق ممكن أن تحصل عليه هو أن تختار الاسم الذي تحب لابنها دون تدخل خارجي ، مشيرةً إلى أنها ما زالت تعاتب زوجها إلى هذه اللحظة لأنه حرمها من حق تسمية ابنتها كما تحب.

أما الشابة أروى بدح وهي أم لطفلين تقول أنه عندما رزقها الله بأول مولود كانت تتمنى أن تكون صاحبة الاختيار وتسميه كما تحب كونه مولودها الأول؛ ولكن قرار الزوج في كون أول حفيد للعائلة كان هو الحاسم وأسمينا الابن الأول « ماجد » على اسم الجد، في حين ترك لي الحرية في اختيار اسم المولود الثاني وأسميته « أسامة ».

وأوضحت بدح في حديث لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »: أنه من باب البر للوالدين أن يقوم الأبناء بتسمية الأحفاد على أسماء الأجداد وذلك احتراماً وتقديراً لهما ؛ لافتة إلى أنه من الضروري أن يكون الاسم ذا معنى وقيمة جميلة يعتز به الابن عند كبره ويزيد من ثقته بنفسه ويساهم في بناء شخصيته.

وأوضحت بدح أنه من الضروري الانتباه عند اختيار أسماء الأبناء وترك المجال للزوجين باختيار ما يناسب أبنائهم كحق من حقوقهم المشروعة وذلك لأنهم الأكثر دراية بما يناسب الواقع الذي يعيشونه، إضافة إلى تجنيب الأسرة تعزيز الكراهية المتوقع نشوبها بين الأسرة والابن وذلك بسبب اختيار الاسم الغير لائق له. 

ونصحت بدح النساء، بأن تتحلى بالحكمة والصبر وأن تساهم بحل كافة العقبات التي تواجه حياتها الزوجية بطرق وأساليب تعزز من ثقة أسرتها بنفسها دون الإخلال بالروابط الأسرية .

احترام للآباء

المواطن عبد الكريم أبو الكاس يقول أن اختيار اسم المولود الأول على اسم الجد يكون من باب احترام الابن لوالده وتخليداً لاسمه وسيرته إضافة إلى أنه يزيد من الترابط بين أوصال الأسرة ويزيد من احترامها لكبار العائلة.

ويضيف رغم أنني أجد بعض التعنت من قبل الكناين « زوجات الأبناء » إلا أنني أقوم بالتحاور معهم وإقناعهم بأهمية الاسم ومكانته في الأسرة وبنهاية الأمر يكون القرار لي باختيار أسماء الاحفاد.

ويتابع أبو الكاس في حديث لــ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »: الأسماء العصرية ليست لائقة كثيراَ ومعظمها لا يتناسب مع الدين الاسلامي الذي أمرنا بتسمية الأبناء بأفضلها، وكذلك لا تناسب عاداتنا وتقاليدنا، خاصةً أسماء البنات حيث أن أغلبها أسماء أجنبية لا معني لها، فبدلاً من أن نقلد الغرب ونسمي أسمائهم، أفضل أن نتمسك بأسماء أجدادنا وجداتنا فهي ذو معنى وقيمة« .

أما الشاب أحمد نعيم فيقول: أنا من اخترت اسم مولودتي الأولى، فأنا أحببت أن أُسمي ابنتي على اسم الوالدة في بادئ الأمر، وكان هناك اعتراض من قبل زوجتي، ولكن أقنعتها أنني سأترك لها المجال باختيار ما تحب من الأسماء بعد أن يرزقني الله بمولود آخر وأسميه على اسم الوالد.

وتابع: عندما نفكر في تسمية الأبناء على أسماء الأجداد يكون من باب الاحترام والتقدير ورد الجميل لهم والتضحية التي قدموها من أجلنا، وأبسط الأمور التي نقدمها لهم أن نخلد أسمائهم وذكراهم؛ وأن نسير في تربية أبنائنا على نهج الآباء والأجداد، ونزرع فيهم الشريعة الاسلامية والعادات والتقاليد السليمة.

حق مشروع

د. زهير ملاخة الأخصائي الاجتماعي اعتبر في حديث لـ »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية« : أن التزام الأزواج بتسمية أبنائهم على أسماء الأجداد عادة اجتماعية يتوارثها المجتمع كجزء من رضا الوالدي وخاصةً أن المجتمع لديه انطباع أن المسئولية العائلية الممثلة بالأجداد وهم لهم السيطرة والمتابعة، إضافة من باب الاعتبار الموجود في قلوب الأحفاد والأبناء للأجداد ..

وأوضح، أن الكثير من الآباء يعمدون على تسمية أبنائهم على اسم الجد إن كان الاسم جميلاً وله دلالات إيجابية وصاحب الاسم »الجد" له مكانة مرموقة في المجتمع؛ وذلك حرصاً على توارث الاسم واعتباراً من أنه أحد أشكال المهمة الاجتماعية، وعلى الزوجة أن تقبل بها نزولاً عند رغبة الزوج والعائلة.

وأضاف ملاخة، أن بعض الأزواج يواجهون العديد من المشاكل إن كان اسم الجد صعب النطق أو يحمل دلالات سيئة أو يكون محض سخرية لدى الآخرين، حيث يصبح هناك حالة من التمرد حول تسمية الأبناء بذلك الاسم وعندها يخلق جو من المشاحنة السلبية بين الأزواج والأجداد في العائلة.

وبين، أنه من حق الابن على والده حسن اختيار اسمه وخاصة أن الطفل هو مرآة أمام الآخرين وهو علاقة الفرد بالمجتمع، فبالتالي فإن حسن اختيار اسمه وحسن تربيته يزيد من قوة شخصية الطفل وقوة ثقته بنفسه إضافة إلى أن الطفل يكون له تفاعل ايجابي وحضور قوي وفعال في المجتمع.

وأشار ملاخة إلى ضرورة أن يختار الوالدان الاسم الأنسب لابنهم وأن يعززوا فيه المعنى الايجابي الذي يحمله الاسم، إضافة إلى ضرورة أن الحفاظ على الصورة السليمة للوالدين في ذاكرة الأبناء لما لذلك من أثر طيبة على نفوسهم.

 

كلمات دلالية