خبر التواصل الاجتماعي: بيوت مكشوفة وخراب مستعجل ..!

الساعة 09:48 ص|07 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

لم ينتبه لها عندما بدأت تحدثه عن مشكلة ابنه في المدرسة، فقد كان منشغلاً في « الهاتف النقال » الذي لا يفارق جيبه، فنشب بينهما خلافاً تطور ليصبح مشكلة البحث عن « الاهتمام » الذي يجب أن يوليه أي طرف لآخر، بعد أن أصبح « الجوال » صاحبٌ لا يمكن الاستغناء عنه.. والأمر لا يقتصر على الرجل، بل أصبحت النساء رفيقات لهواتفهن النقالة، يتنقل معهن أينما ذهبن، حتى لو انشغلن به عن أعمال منزلهن وأبنائهن، ولم يكن الشباب والفتيات والأطفال حتى بعيدين عن هذا الهوس الذي بات يهدد الحياة الاجتماعية.

ففكرة مواقع التواصل الاجتماعي، في الأصل تعتمد على التواصُل بين مستخدمي هذه المواقع مع بعضهم البعض الأمر الذي من شأنه أن يزيد من الترابط ومِن قوة العلاقات بين المجتمع، إلا أن الملاحظ أنها باتت « تقرب البعيد، وتبعد القريب »، وتفسد ما يمكن أن يكون أجمل لو زادت هذه العلاقات على أرض الواقع، لتصبح هذه المواقع ضرباً من الخيال الذي شوه الحقائق وقلب الموازين.

وعلى الرغم من أن الكثير من الأشخاص قد تأثروا بهذه المواقع، إلا أن استخدامها بات يزيد يوماً عن يوم، فتزيد مشكلاتها، وتتعاظم، كونها بدأت تدخل في حياة العائلات الخاصة، وهو مايزعج الكثيرون وفق ما تحدثوا به لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية ».

ربة المنزل بسمة خالد من سكان مدينة غزة، لم تكف عن الحديث عن المشكلات التي تواجهها جراء استخدام زوجها المتواصل للهاتف النقال، حيث يقضي أغلب وقته مستخدماً جواله، وتصفح المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعية.

وتضيف لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »: « مللت الحديث مع زوجي في هذه المشكلة، فهو مدمن على جواله، ولا يستطيع تركه حتى في أصعب الأحوال، لدرجة تصل أن بعض الضيوف يكونوا متواجدين لدينا فهو ينشغل بهاتفه عنهم، وهو ما يزيد من ازعاجي ».

أما محمد سعادة (27 عاماً)، فيشير إلى أن ادمان بعض الشباب والرجال للهاتف، وصل حتى تصفحه خلال « العزاء » ودفن الميت، حتى أن بعضهم يقوم بتصوير الأموات والمرضى، وهو ما يسبب مشكلات عدة بين الأقارب والأهل.

وأكد، أن استخدام البعض لمواقع التواصل السلبي، يزيد من تهديد العلاقات الاجتماعية، خاصةً عند فتح النقاشات الحادة وإدخال المواضيع السياسية في العلاقات الاجتماعية الأمر الذي يزيد تدهور العلاقات بين الناس والمشاحنات بين الشباب التي قد تتطور لمشكلة على أرض الواقع.

وبين سعادة، أن الكثير من الشباب ونظراً لقلة فرص العمل، فهم يقضون معظم أوقاتهم في التنقُّل عبر المواقع وصفحات الانترنت، وهو أمر قد يشغله عن أفراد عائلته، أو حتى المشاركة في المناسبات الاجتماعية.

أم سالم غالب امرأة في الخمسينات من العمر، انفعلت بقوة عند بدء الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي، موضحةً أن الكثير من النساء بتن يكشف أمورهن المنزلية وحياتهن الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتقوم بتصوير كل شيء في بيتها، ومتى غضبت من زوجها، ومتى آخر مشكلة مع حماتها أو سلفتها.

وتضيف: الأمر بات مزعجاً، فتفاصيل حياة الأزواج باتت على صفحات المواقع التواصل الاجتماعي، فبدأت العلاقات تتدهور وتنشب خلافات بسبب منشور على الفيس بوك، أو صورة لم تعجب أحداً، وهو أمر يجب الحذر منه لتلافي أزمات أخرى.

سلبيات طغت على الايجابيات

الأخصائي الاجتماعي الدكتور أسامة أبو جاموس، يُقر آسفاً بأن سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي باتت تطغى على سلبياته، نظراً لسوء استخدام الأفراد لها، فنتج عنها أضرار صحية ونفسية واجتماعية، وهو الأمر الذي بدأ يعاني منه المستخدمون قد تستمر معهم طويلاً.

وأشار د. أبو جاموس في حديثه لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » إلى أضرار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي المتزايد الصحية، كعدم انتظام مواعيد الأكل، وعدم التركيز، والصداع وضعف البصر، فيما نبه للمشاعر السلبية التي قد تصيب مُستخدم هذه المواقع، كالإحباط عند فصل الكهرباء أو الانترنت، فضلاً عن بذل مزيد من الوقت والجهد المبذول على الانترنت.

وبين د. أبو جاموس، أن انشغال الفرد بالهاتف النقال أدى لانسحابه عن المجتمع المحيط به، مما يؤدي إلى عزلته عن محيطه، فيؤدي ذلك لإصابته بالاكتئاب وأحياناً الكذب واللامبالاة فضلاً عن انخفاض المستوى الدراسي خاصةً للطلاب.

وأوضح، أن هذا الاستخدام أدى لتفسخ العلاقات الأسرية، حيث باتت العائلات الفلسطينية مفككة نظراً لانشغال كل شخص بهاتفه، فرب العمل في عمله، والأم تمسك بجوالها، وكذلك كل أولادها منشغل في هاتفه، فلا يوجد حوار مشترك أو جلسة جماعية.

وأكد د. أبو جاموس، أن هناك حلول لهذه المشكلة، ولكن إذا وجدت قناعة لدى كافة الأطراف بأن لكل استخدام إيجابيات وسلبيات، مشيراً إلى أن الدور الأبرز هو للوالدين بوضع برامج منزلية وخطة للتعامل مع هذا الأمر، كوضع شروط لمدة استخدام الهواتف النقالة وتقسيم الوقت.

ونوه أبو جاموس، إلى أهمية اشراك الأهل في الحوار وبناء حوار بناء داخل الأسرة، حيث أن البعض يلجأ للحوار على العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي نظراً لعدم إمكانية حديثه للأهل والفضفضة لهم لعدم وجود مساحة ووقت للأهل.

 

كلمات دلالية