خبر مدن ضائعة -هآرتس

الساعة 10:54 ص|06 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

          (المضمون: إن المدن التي يتم تحريرها من داعش في العراق تسود فيها الفوضى التي تنبع من الصراعات بين القبائل والمليشيات المحلية - المصدر).

          هناك عمل جديد يتوفر لسكان مدينة الرمادي في العراق التي تحررت قبل سنة من سيطرة داعش. فهم يتجندون للمليشيات المحلية التي أنشئت بعد التحرير للحفاظ على الأمن ومنع عودة داعش الى المدينة.

 

          ونظرا لأن مدينة الرمادي هي « مدينة قبلية ». ولأن معظم سكانها من السنة، فان كل قبيلة أو عائلة كبيرة لديها مليشيا خاصة بها. وحسب التقارير في وسائل الاعلام العراقية، فان تشكيل المليشيا هو أمر بسيط. فهم يقومون بتقديم طلب للحكومة المركزية ويتحدثون عن سبب اقامة المليشيا. وعندما تتم المصادقة على الطلب، يمكن طلب التمويل والسلاح. وفي المقابل، مواطني الرمادي الذين بدأوا يعودون رويدا رويدا الى المدينة لا يعرفون من أين سيأتي التمويل لاعادة اعمار منازلهم المهدمة، ولا يعرفون كيف سيكسبون رزقهم في المدينة التي عاش فيها ذات يوم نصف مليون شخص، ويعيش فيها الآن 180 ألف شخص فقط.

 

          إن الانضمام للمليشيات ليس فقط « لاعتبارات أمنية »، بل هو ايضا مصدر رزق. والأمل هو أن تتحول هذه المليشيات في يوم ما الى جزء لا يتجزأ من الجيش العراقي، وعندها يستطيع اعضاء هذه المليشيات الحصول على أجر ثابت وامتيازات اجتماعية. وحتى ذلك الحين، فان المشهد الذي يراه المشردون العائدون الى مدينتهم هو شوارع مملوءة بلابسي الزي العسكري من جميع الالوان، والذين يقومون بوضع الحواجز كما يشاءون. ويعطون أنفسهم الرتب الرفيعة ويتحرشون بالمواطنين. إن العدد الكبير للمليشيات قد يُسبب اندلاع الصراعات بين القبائل والعائلات، لأن قوة القبيلة تقاس الآن بناء على القوة العسكرية الخاصة التي تملكها.

 

          إن وجود المليشيات يهدد ايضا قدرة الحكومة العراقية على اعادة السيطرة على المدينة. والرمادي التي أصبح تحريرها رمزا للانتصار على داعش، كانت قبل وجوده مكان للصراعات بين القبائل السنية وبين الحكومة. في ولاية رئيس الحكومة نوري المالكي، منع المواطنين المسلحين من دخول المدينة. ويعتبر الجيش العراقي في نظر السكان في المدينة ومقاطعة الانبار عموما، جيشا معاديا. الى أن حظي داعش بالتعاون من قبل السكان الذين احتقروا الحكومة المركزية أكثر من احتقارهم له.

 

          موقع « IRIN » الذي يغطي اخبار مناطق الطواريء في أرجاء العالم، قال إن عدد المشردين الذين خرجوا من مقاطعة الأنبار يبلغ أكثر من نصف مليون، وهي النسبة الاكبر للمشردين في العراق الذين بلغ عددهم الاجمالي أكثر من 3.2 مليون شخص. وفي مقابلة أجراها الموقع مع رافع الفهداوي، عضو المجلس المحلي في الرمادي، والذي وقف على رأس تحالف القبائل التي قاتلت ضد داعش، حذر من تدهور آخر في المدينة « اذا لم تقم الحكومة والمجلس المحلي باصلاح الاقتصاد وضمان أمن السكان ».

 

          وحسب وصفه فان السكان الذين يريدون العودة يتعرضون لعمليتي انتقاء، الاولى من قبل الجيش العراقي والمليشيات الشيعية التابعة لايران. والثانية من قبل لجان الاحياء التي من بين اعضائها رجال استخبارات محليين وأبناء القبائل. ويوجد لهذه اللجان « قوائم سوداء » فيها أسماء مئات المواطنين المشبوهين بتقديم المساعدة لداعش، الذين يتم اعتقالهم والتحقيق معهم بقسوة.

 

          قبل شهرين قال الفهداوي لموقع « مدى العراق »، أحد المواقع الجديدة – القديمة في الدولة، إن نشطاء داعش الذين تم اعتقالهم بعد تحرير المدينة، ينجحون في الخروج من السجن بواسطة دفع الرشوة للسجانين، والمبالغ تصل في بعض الاحيان الى مليون دولار للشخص. وحسب قوله فقد اتفقت القبائل مسبقا على عدم اطلاق سراح المشبوهين بتعاونهم مع داعش، لكن الطمع يتفوق على هذا الاتفاق.

 

          مواطنون من الرمادي يقولون، في المقابل، إن عددا كبيرا من المواطنين الذين توجد أسماءهم في القوائم السوداء هم مواطنون عاديون يدفعون ثمن تصفية الحسابات القبلية. إن عدم الثقة بين سكان المدينة وبين قوات الامن والصراعات الداخلية بين القبائل وبينها وبين المليشيات الشيعية، يجعل عملية اعادة الاعمار أمرا صعبا. وهناك مسؤول في الحكومة العراقية مهمته هي اعادة اعمار المناطق المحررة واعادة المشردين الى بيوتهم. وحسب المعطيات التي قدمها رائد الدهلقي، رئيس اللجنة البرلمانية للهجرة والمشردين، فقد حصلت الوزارة على 40 في المئة فقط من أصل 108 ملايين دولار خصصتها الحكومة لاعادة الاعمار، حيث أن هذا هو مبلغ المساعدة الحكومية للمشردين – مقارنة مع نفقات الامن التي يتوقع ان تصل الى 19 مليار دولار – من الواضح أنه ستمر سنوات كثيرة حتى تتمكن مدينة الرمادي من العودة الى ما كانت عليه قبل الحرب.

 

          مدينة الرمادي هي المقدمة لما قد يحدث للموصل بعد تحريرها. فعدد سكان الموصل ثلاثة اضعاف عدد سكان الرمادي، والتركيبة العرقية فيها أكثر تعقيدا، والقوات التي تقاتل من اجلها، الاكراد والجيش العراقي والمليشيات الشيعية، تعتبر الصراع ضد داعش مقدمة للصراع من اجل السيطرة على المدينة. وفي حينه يمكن لداعش التمتع من ادخال العراق في حرب أهلية دموية اخرى

كلمات دلالية