خبر إحراق متأخر -معاريف

الساعة 11:24 ص|27 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: نداف هعتسني

          (المضمون: من جلب الحياة، الازدهار والخضرة هذه هي الحركة الصهيونية. ومقابلها، فان الحركة الوطنية العربية تميزت مرات عديدة بالقتل والدمار. ومن من شدة الكراهية يحاول أن يجعل البلاد رمادا وترابا، لا بد ليس جديرا بان يكون هنا - المصدر).

 

          تصوروا أن الصف الأول من البيوت في إم الفحم كان يحترق، وكان يثور اشتباه بان هذا احراق متعمد قام به يهود. لن نسير شوطا بعيدا ونتحدث عن اشعاث النار في عشرات الاحراش على حدود البلدات العربية بل فقط عن إحراق واحد في بلدة عربية واحدة. تصوروا ماذا ستكون العناوين الرئيسة في « هآرتس »، وكيف كانوا سيعقبون في ميرتس وفي المعسكر الصهيوني، وماذا ستكون النبرة في نشرات الاخبار في قنوات التلفزيون. لقد كان رئيس الوزراء والوزراء سيسيخون والمستشار القانوني للحكومة كان سيتعرض لهجوم وحشي، والخارجية الامريكية والخارجية الفرنسية كانتا ستعربان عن قلق عميق وتطالبان بعمل حازم بنبرة مهددة، والامم المتحدة كانت ستنعقد في جلسة شجب خاصة.

 

          ما كان ينبغي تشجيع جهاز النيابة العامة لاسرائيل. فالنائب العام للدولة كان سيوقف كل عمل وسيكرس كل المقدرات للتحقيق، في ظل تشكيل لجان سرية مع صلاحات تعسفية ضد اليهود. المحكمة العليا، مثلما في فك الارتباط، كانت ستصف الظاهرة بأنها وباء حل بالدولة وستوجه تعليماتها للاعتقال حتى نهاية الاجراءات القانونية لكل يهودي يتحرك قرب بلدة عربية.

 

          لا حاجة للابتعاد كثيرا في الخيال، تذكروا دوما – احراق رهيب وكريه واحد، لبيت عربي واحد. إحراق جسد ما من شأنه أن يكن الثمن بالارواح للعب بالنار. تذكروا ماذا كان رد فعل الصحافة وسلطات القانون. ماذا كانت شدة المطالبة من الحكومة بان تستنفد القانون مع المحرقين، ولن ننسى كيف وجه اصبع الاتهام نحو جماهير كاملة.

 

          اما الان، بعد بضعة أيام فقط، حسب التقديرات، يشعل فلسطينيون أحباء النار بنا، بدأ يحسم الامر. بعد زخرون يعقوب، بعد عشرات عديدة من الادلة على الاحراقات، حين يتبين المرة تلو الاخرى بان النار تأتي، لسبب ما، فقط للبلدات اليهودية، لا يزال، لم تسمع همسة من جوقة « هآرتس ». لو كان الحديث يدور عن اشتباه بالاحراق على ايدي يهود، لكان هذا سيصل الى السماء، اما الان فاننا نلقى صمتا مطبقا. ناهيك عن السكينة الشاملة من النيابة العامة ووسائل الاعلام. ويوم الخميس فقط، عندما أشعلوا لنا حيفا، بدأ شيء ما يتحرك، ولا يزال، بتردد، بحذر، مع فم مغلق.

 

 وكلمة للمشعلين ولمؤيديهم: أقسمنا على أن نلبس وطننا رداءً اسمنتيا وأن نفرش له أبطنة من الحدائق. مذهل، مثلا، النظر الى صور محيط بحيرة طبريا في بداية القرن العشرين لنرى كيف أننا أوفينا بذلك. في 1908 كانت البيئة كلها جرداء وقفراء، واليوم كلها أحراش من شجر الكينيا. فمن بسط أبطنة الحدائق، من جلب الحياة، الازدهار والخضرة هذه هي الحركة الصهيونية. ومقابلها، فان الحركة الوطنية العربية تميزت مرات عديدة بالقتل والدمار. ومَن مِن شدة الكراهية يحاول أن يجعل البلاد رمادا وترابا، لا بد ليس جديرا بان يكون هنا.

 

كلمات دلالية