السعودية وبريطانيا أوقفت حصتهما المالية

خبر مالية رام الله: عام صعب وعجز تجاوز أكثر من 50 في المئة

الساعة 06:41 ص|26 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

دأبت السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها في العام 1993، بعد اتفاق التسوية المعروف باتفاق « أوسلو »، الذي وقع بين الجانب الإسرائيلي ومنظمة التحرير في ذلك الوقت، على الاعتماد بشكل أساسي على المساعدات المالية المقدمة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، لتغطية نفقاتها التي تبلغ للعام الجاري 4.25 مليارات دولار.

ولكن اللافت في هذا الصدد هو ما أعلنه وزير العمل الفلسطيني، مأمون أبو شهلا، في مؤتمره الصحفي الذي عقد في الأول من الشهر الجاري، من أن « السلطة تتعرض لضغط اقتصادي كبير، وتقليص في المساعدات المالية المقدمة لها ».

وبحسب أبو شهلا، فإن « إجمالي ما تلقته الحكومة من مساعدات دولية منذ بداية العام الجاري لم يتجاوز 300 مليون دولار »، مشيرا إلى « أنها معتمدة حاليا على الضرائب والرسوم والمقاصة وتدفع بالكاد رواتب موظفيها ».

وفتح تصريح أبو شهلا الباب واسعا؛ أمام التساؤلات حول حجم الأموال التي كانت تتلقاها السلطة الفلسطينية قبل التعرض لهذا الضغط الاقتصادي، وهل كان مشروطا بالتزامات سياسية تقدمها السلطة للجانب الإسرائيلي لبقاء استمرار هذه المساعدات.

وحصلت « عربي21 » على بيانات منشورة من وزارة المالية الفلسطينية؛ أشارت إلى أن العامين الماضيين، أي منذ توقف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في العام 2014، شهدا انخفاضا حادا في المساعدات المالية الدولية للسلطة الفلسطينية، حيث تقلصت من 1.087 مليار دولار في العام 2013، إلى 705 ملايين دولار في العام الذي تلاه، ثم توالى انخفاض المساعدات ليصل إلى 450 مليون دولار في العام الماضي، ثم وصلت في العام الجاري إلى 300 مليون دولار.

العام الأصعب

من جانبه، نوه مدير عام الرواتب السابق في وزارة المالية، عبد الناصر عطا، إلى أن « عجز الموازنة لهذا العام تجاوز أكثر من 50 في المئة، وما وصل من الدول المانحة من مساعدات المالية لا يتعدى 20 في المئة من الاستحقاقات المفروض سدادها للسلطة »، أي أن السلطة الفلسطينية رصدت 1.25 مليار دولار تحت بند المنح المالية، وما وصل منها حتى اللحظة لم يتجاوز 300 مليون دولار« .

وأضاف لـ »عربي21« أن العام الحالي هو الأصعب على السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها، حيث أوقفت السعودية وبريطانيا صرف حصتهما المالية، والتي كانت تقدر بنحو 350 مليون دولار سنويا ».

وعن كيفية سداد السلطة لنفقاتها، أشار عطا إلى أن فاتورة الرواتب يتم سدادها من عوائد ضرائب المقاصة والوقود الجمارك، إضافة إلى الاقتراض من البنوك المحلية وصندوق المعاشات، منوها إلى أن « هذا لن يدوم طويلا؛ كون السلطة الفلسطينية ستكون عاجزة عن سداد فوائد هذه الأموال في حال تراكمت الديون »، وفق تأكيده.

وبحسب الأرقام الرسمية المنشورة من وزارة المالية الفلسطينية، فقد بلغت إجمالي المساعدات النقدية التي تلقتها الأراضي الفلسطينية منذ تأسيسها في العام 1993 حتى العام 2014، قرابة 17 مليار دولار.

ويُنفق جزء كبير من هذه الأموال لدفع رواتب موظفي الجهاز الحكومي الفلسطيني الذين بلغ عددهم حوالي 190 ألف موظف، منهم 133 ألفا في الضفة الغربية، و57 ألفا في قطاع غزة، ويخصص قسم آخر من الأموال لبرامج الأونروا لدعم اللاجئين الفلسطينيين، فيما يذهب جزء منها لتمويل منظمات المجتمع المدني.

من جانبه، أعرب أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، معين رجب، أن من يتحكم بأموال المساعدات المقدمة للسلطة هو الجانب الإسرائيلي، وهذا يستدل عليه من خلال تقليص أموال المساعدات في حال توقف المفاوضات.

ورأى رجب، في حديث لـ« عربي21 »، أن أسباب عجز الموازنة التي تعيشها السلطة في السنوات الأخيرة مرتبطة بـ« فشلها في إدارة أموال المساعدات على مدار 20 عاما من خلال الفساد المالي والرشاوى والاختلاسات في الجهاز الحكومي، والرواتب الباهظة لعدد كبير من الموظفين دون أن يكون لهم أي مساهمة إنتاجية »، وفق قوله.

وفي قرار لافت هذا العام، أوقفت المملكة العربية السعودية صرف مستحقاتها المالية للسلطة الفلسطينية منذ شهر نيسان/ أبريل المنصرم، والتي تقدر بنحو 20 مليون دولار شهريا، دون توضيح أسباب هذا القرار سواء من المملكة أو السلطة الفلسطينية.

السيناريوهات القادمة

من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس، عبد الستار قاسم، أن « قرار المملكة يهدف للضغط على الرئيس عباس للاستجابة لشروط الرباعية العربية بعودة دحلان للحياة السياسية، شأنها شأن العديد من الدول التي تمارس نفس الضغط على رئيس السلطة ».

وأضاف قاسم أن « السيناريوهات القادمة في حال استمرار تقليص هذه المساعدات، ربما تكون نتائجها قاسية، فهناك حديث منذ سنوات بدأ يتجدد في الآونة الأخيرة حول ربط الدولة الفلسطينية بالمملكة الأردنية من خلال نظام (كونفدرالي) مشترك، وهذا كان مطلبا إسرائيليا قبل توقيع اتفاق أوسلو، ربما تستجيب السلطة الفلسطينية له لعدم قدرتها على إدارة أزماتها الداخلية ».

ولم يستبعد قاسم سيناريو « حل السلطة الفلسطينية، والزج بهذا العبء تحت وصاية الأمم المتحدة، أو الجانب الإسرائيلي، أي أن ما قامت ببنائه منظمة التحرير منذ 60 عاما سيهدم نتيجة الضغوط المالية »، وفق قوله.

كلمات دلالية