خبر .. وذلك أضعف الإيمان ..علي عقلة عرسان

الساعة 01:10 م|20 نوفمبر 2016

الجنرال الأميركي المتقاعد مايكل فلين، المُختار لمنصب مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، وكان مستشاره للسياسة الخارجية، في أثناء حملته الانتخابية.. اشترك بفاعلية كبيرة في الغزو العدواني الأميركي على أفغانستان والعراق، وشارك في القتل، وفي تدمير البلدين، وممارسية الكراهية. وقد حَّمّل مسؤولية إنشاء « داعش »، لإدارة أوباما، التي انسحبت من العراق. وهو مؤيد مطلق لكل الإرهاب الصهيوني، لأن الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، هو « الإرهابي » بنظره، وبنظر يمينيي الولايات المتحدة الأميركية. ولهذا الجنرال الديمقراطي الذي تحوَّل إلى نصير للجمهوري ترامب، تاريخ طويل في التطرف اليميني، والقسوة، ويذكر ذلك زملاؤه ومرؤوسوه، لا سيما عندما كان في الجيش. الجنرال المتقاعد فلين، له موقف من الإسلام، لا يمكن أن نقول إنَّ مصدره الجهل فقط، وإنما هو العِداء المستحكِم، والكراهية ذات الجذور البعيدة، والعنصرية ذات الأبعاد الدينيّة في أوساط أميركية، تناهض الإسلام، وتعادي المسلمين، تاريخياً. وهو، في كل ما سبق وأشرت إليه، عزَّزَ مواقف دونالد ترامب العدائية للإسلام والمسلمين، وساهم في إعلانها باستفزاز، على لسان ترامب، خلال حملته الانتخابية. يقول الجنرال فلين: « إن لدينا مشكلة كبرى، لا يرغب أحد في الإعتراف بها، لأن ذلك ليس مقبولاً سياسياً: إنها الإسلام! ذلك الدين يمثّل مشكلة. أنا لا أتحدث عن العالم الإسلامي، ولكن عن الإسلام نفسه. إن على العالم العربي أن يصفّي الإيديولوجية السياسية التي تُسمّى الإسلام”! ».

هذا رأي المستشار، وهذا هو المطلب الذي يطرحه على العرب،  ومضمونه المكثف، وخلاصته « تصفية الإسلام »، الذي يسميه أيديولوجية، ولا يعترف به ديناً، ويقصد الدين/الإسلام، وليس ما يُعرف بالإسلام السياسي.. وهو يقول ذلك بتحديد واضح لا لبس فيه، ولا يقبل الشك. وهذا الموقف - المطلب،  وهو موقف شرائح عنصرية واسعة في المجتمع الأميركي، كما أسلفت، لا سيما في أوساط المسيحية - الصهيونية، من معظم الإنجيليين، ومن سواهم، ومن الصهاينة والمتصهينين، وهم كُثر، وأصحابُ نفوذ.. هذا المطلب القائم على عِداء متأصل، وجهلٍ بالإسلام مقيم، يأخذ به بعض الأوروبيين، شرقيين وغربيين.. ولكن المأسوي المفجِع، أنه مستمر التنفيذ على أيدي عربٍ ومسلمين، هم سواعد أعدائهم وفؤوسهم التي تحاول أن تهدم ذلك الصرح العظيم.. ليس فقط في الحرب - الفتنة الأخيرة، الدائرة منذ سنوات في بعض البدان العربية، بهمجية فاقت بعضَ الهمجيات.. ولكن في حروبٍ كانت فيما بينهم، كانت خلال أوقات مضت، وأسست لهذا الحاضر، ولما هو آت، لا سمح الله، كما كانت في علاقات عدائية تجلَّت فيما مَرَّ من أحداث مرَّت، خلال العقود الأربعة الأخيرة على الأقل.. وهي عقودٌ فرَّط فيها عربٌ ومسلمون، بعربٍ ومسلمين.. وقاتل فيها بعضُهم بعضاً، واستقووا بالقوى الكُبرى لتنصرَ فريقاً منهم على فريق، أو لتحمي بعضاً من بعض.. ورفعوا رايات العداوة فوق كل مشترك ديني، أو تاريخي، أو ثقافي، أو اجتماعي.. الأمر الذي أضعفَ الأمتين، العربية والإسلامية، وما زالَ يضعفُهما ويفتِّتُهما، ويعزَّزُ تبعية ما زالت تزداد عمقاً واتساعاً، وأعاق الكثير من التطلعات والمشاريع لبناء قوة ذاتية « علمية، وتقنية - نظرية وتطبيقية ». واستمر ذلك التنفيذ الذي يستهدف الدين، والقومية، والهوية، والمصالح، والوجود.. استمر في السياسات، والممارسات، والعلاقات البينيَّة، « العربية - العربية، والعربية - الإسلامية، والإسلامية - الإسلامية ».. وتجذَّر في إعلامٍ معروف موصوف، وفي مواقف مفكرين وكتاب، ومثقفين، وكتاباتهم.. وفي سيطرة أيديولوجيات معادية للدين، والقومية، والهوية، والاستقلالية الثقافية.. وحتى للمنطق، والعقل، والعلم.. بالمعاني والمفاهيم الموضوعية - المنهجية.. على مساحات واسعة من الرأي، والوجه العامين.. أيديولوجيات بقيت نافذة المفعول، لأسباب، وظروف، وتبعيات لقوى خارجية.. « غربية وشرقية »، واستمرت تخرّب في كل المجالات والميادين، ترفعُ الجهلَ المنتمي عليها، وتدمر الوعي والإبداع الذي يرفض الاتحاق بها، ويناهضها، ويرفض التبعية والضياع. وقد تفانى أتباع لهذه الأيديولوجيات، في تعزيز العداء للعروبة والإسلام.. وهي تعمل ضد الإيمان بالله في أوساط وتنظيمات، وضد من يعلي شأن هويته وانتمائه الديني والقومي على ما عدا ذلك، في كل الحالات.، وتشوه المفاهيم والممارسات الوطنية، وتعادي القومية العربية خصوصاً، وتتلاقى جَهاراً مع رؤى الصهاينة العنصريين المحتلين في مؤتمرات، وتتعاون معهم في أشكال عليا من التنظيم، سرّاً وعلناً، وتساهم في دعوات للاعتراف بالكيان الصهيوني، وتطبيع العلاقات معه.. وتتهم من يقاوم ذلك بالشوفينية.. كما تلتقي بأولئك المحتلين العنصريين في بواتق فكرية وتنظيمية؟!.. وكل هذامسكوت عنه من جهات، ومرافَق بادعاء عريض جداً جداً، في كل الحالات، ادعاء أيديولوجيا يحتكر أتباعها الوطنية، والديمقراطية، والتقدمية، والثقافة، ويأخذون بنظريات يقولون بعصمتها وتفوّقها، وبأنّها نهائية العلم، أبدية الصلاحية، حاضراً ومستقبلاً.. أيديولوجيا تدَّعي الأبعاد الإنسانية وتحتكرها نظرياً، وتمارس عكس ذلك عملياً، حينما تحكم أو تتحكَّم.. ويقولون بنظرية سياسة منبثقة عنها، لا يصلح للعالم، ولا يصلحه سواها؟!.. منطلقة في كل هذا منتلك « الأيديولوجيا »، التي ثبت بالتطبيق العملي أنهاسقيمة، حيث هوت، لأنها عقيمة، ولأنها أكثر انغلاقاً، وتعصّباً، وتطرّفاً، من متطرفي أي دين.. ولأن أتباعها، بممارساتهم، وادعاءاتهم، وغطرستهم،  يشكلون ما يوازي أكثر القبائل تخلفاً في التاريخ.؟!

هؤلاء، وسواهم مع أتباع النظريات المعادية للعروبة والإسلام، ومعهم كثيرون من أهل بيت العروبة والإسلام، يتكالبون عليهما.. ويصدرون إرهاباً - إرهاباً فكرياً وإرهاب دولة، واستثمارات في الإرهاب« ،  وينشرون ذلك، ويفعِّلونه.. ليضربونا به، ويضربوه بنا.. ويجيّشون علينا، ويحتلون وطننا » لكي يخلصونا من « الإرهاب، والتطرف، والمعاناة، والعذاب »؟!.. ويحركون بعقولهم وأيدينا، عقولَ وأيدي كثيرين منا، لنكون الضحيَّة والجلاد.. ولكي نطلب منهم، بل نستجديهم، أن يخصونا مما نحن فيه؟!

ما رأى العالم ولا وعى، أكثر خبثاً، وعِداءً، وكراهية، ومكراً.. أكثر من هذا، ولا أكبر منه. والأدهى الأشرّ الأمرّ، من أية نقمة تنصبّ علينا، أن نرى من بيننا، أناساً، من لحمنا ودمنا، يستمرون، رغم انكشاف كل شيئ، حتى لدى أجهل الخلق وأغباهم، يستمرون في الأداء الذي يدمينا، ويدمّرنا، ويفنينا.. وهو، من أينما أتى، وكيفما كان،  يستهدف ديننا، وهويتنا، ووجودنا، في حاضرنا، ومستقبلنا، وماضينا.. لمصلحة أعدائنا، وبمساهمة عقولنا، وأمولنا، وأيدينا؟! 

لا لوم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريحاته ومواقفه العنصرية العدائية، ضد الإسلام والمسلمين، لأن ما يصدر منه وعنه، هو نزيز من مستنقع كراهية وجهل عميق عتيق، ينضح منه هو وسواه، مباشرة أو بالواسطة، سواء أكان مايكل فلين أو غيره.. حيث يستمد من ذلك المستنقع، ساسةٌ ومفكرون ومثقفون وإعلامييون.. وآخرون في بعض البلدان، فيصبح ذلك هو نسغهم السياسي - الفكري، ويجعلون منه: تيارات نظرية، وأيديلوجيات ذلت امتدادات تنظيمية، ومنابر ثقافية، ومنصّات إعلامية، واستراتيجيات عسكرية.. وكلها في العمق، وفي نهاية المطاف، لا تتمتع بمرجعية أخلاقية، ولا تُغذي قيماً إنسانية أو تَنْشُدها، ولا ترسخ أمناً ولا سلاماً.

إن من ينظر إلى ما يجري في العراق، منذ بداية القرن العشرين، وما يجري في سورية منذ ما يقرب من ستّ سنوات، وما يجري في ليبيا واليمن.. منذ أن هلَّ علينا ربيع الشُّجون العربية.. إن من ينظر إلى هذا على الأقل، الذي يجري في أقطار من الوطن العربي خاصة، حيث تكرجُ كراتُ النار، ولا تخبوا الحرائق.. وحيث تنمو الفتنة المذهبية، ومن حولها تنمو فتن من أنواع أخرى مدمِّرة.. من يفعلُ ذلك يجد أنَّ ملايين البشر ذهبوا ضحايا.. منهم من فارق الحياة، ومنهم جرحى ومعوقون.. ومنهم مشردون في داخل بلدانهم وخارجها، ومنهم من فارق الأهل والوطن، ففارقته الراحة وكلُّ الآمال في الحياة. ومن يدخل هذا المدخل، بالتأمل والتدبّر، يصل إلى أن كلَّ أولئك ضحايا على نحو ما، ضحايا الفعل ورد الفعل، وضحايا الاستفزاز، وضحايا التوظيف العدواني أو الطغياني للعناصر البشرية والإمكانيات.. مما ينتِج المحنَ والكوارث.. ويجد أن أولئك أضاعوا الأمة، وضاعوا بضياعها، وأضاعوا أنفسهم ودينهم والأمة معاً.. وأنهم، ومن تبقى في البلدان العربية سواهم، فريسة تواطؤ وتآمر على العروبة والإسلام، على الهوية والوطن، على الانتماء بفعل الارتماء في أحضان الآخرين.. إنهم ضحايا متداخلات ومتفاعلات جَمَّة.. فهم ضحايا حرية، وضحايا طغيان، وضحايا فساد آراء ورؤى، وضحايا اتباع.. ولكنهم، أو معظمهم، في الفخ الذي ينصبه أعداؤهم لهم، أعداء الأمة العربية، والدين/الإسلام.

والمنغمسون في ذلك، في حروب هذه الضّفة وتلك، هذه النظرية وتلك، هذا التحالف أو ذاك.. واجدون، إن هم جدوا، وصدقوا، وأخلصوا لأمتهم، وأوطانهم، وعقيدتهم… أن حرب الدول على دولهم، يقوِّي الدول ويغنيها، ويدمّرُ دولهم ويفقرها.. وأن ذلك يمهد لإعادة احتلال بلدانهم، وإلى تقاسم النفوذ فيها وعليها.. وذاك، في أحسن التفسيرات والنوايا، محصلة لأمرٍ واقعٍ على الأقل. وهم واجدون أيضاً أنّ ما حصل ويحصل، جرَّدهم ويجردهم، عملياً، من أي معنى وقيمة للوجود الحر المستقل القوي الراسخ في تربة وطن وثقافة، بل ومن كل معنى للاستقلال الوطني بمفهومه السياسي الدقيق العميق.. أمَّا السيادة الوطنية والقومية، فهي منذ زمن، في خبر كان المحذوف، لاعتبارات واعتبارات، ونزوات وشهوات، ومغريات وتبعيات إلخ… والواقع الذي يشكل مخرزاً في العين، ساهمنا في غرسه في مُقَلِنا.. أن هناك تحالفات، وقوى جوية وبحرية وبرية.. وهناك مرتزقة في كل الجبهات والمعارك، وهناك دول تلعب على المكشوف، وأخرى تلعب على المخفي.. والكل ينهش بنا، ويؤسس ليستمر نهش الأمة والدين في نهاية المطاف.. تحت مظلة محاربة الإرهاب « داعش والنصرة »، أو تحت مظلات تتغير ألوانها وأشكالها، والنتيجة واحدة؟!

ما يعرفه العالم، أنَّ الانتصار على أولئك الإرهابيين، لا يحتاج إلى أساطيل جوية، تضم أحدث أنواع الطائرات الحربية والقاذفات الاستراتيجية في العالم، من الـ F بطُرُزها، إلى الميغ بطرُزها، وأنه لا يحتاج إلى أساطيل بحرية، بحاملات طائرات وسفن حربية نووية، ولا إلى صواريخ عابرة للقارات، ولا إلى قواعد عسكرية أَغرقت المنطقة، لا سيما في دول الخليج العربي، والعراق، والأردن، وسورية، وتركية، وما وراء ذلك من بلدان.. وأن الإرهابيين لم يصلوا إلى مرحلة امتلاك أسلحة متطورة من هذا النوع، ولا إلى تصنيع أسلحة الدمار الشامل « نووية وغيرها »، لكي نستعد لحرب من هذا النوع الشامل معهم.. إلى آخر ذلك من المعطيات التي نتابعها، والتصريحات التي نسمعها. إن ممارسات الإرهابيين الوحشية المُدانة، ووجودهم كله، يمكن الرد عليه، كما يمكن القضاء عليه.. بما لا حاجة معه لكل هذا الكم والنوع من السلاح المتطور، الذي تعده القوى العظمى لتواجه به القوى العظمى النظيرة لها، في حرب إن اندلعت، لا قدَّر الله، أو في مجالات تحقيق توازن الرعب.؟!

إن القضاء على الإرهابيين في الجبهات المشتعلة، يحتاج إلى أقل من هذا التسلح، كمّاً ونوعاً. ومن أجل القضاء على إرهابهم والإرهاب العابر للقارات، والديانات، والقوميات، والأوطان، والطوائف، والمذاهب و.. و.. إلخ، لا بد من الإعداد لحرب الأفكار، والنظر المنهجي في الأسباب والمسببات، وإغلاق سوق الاستثمار في الإرهاب، ذلك المفتوح على مصراعيه، لأغراض سياسية وغير سياسية.. ولا بدَّ من التخلص من الحروب الدينية المستترة، وحروب الكراهية والحقد وسوء الاعتقاد، وسوء الظن.. تلك التي تستفزّ لتقتل، وتتهم لتقتل، وتسكُن العقول والقلوب والنفوس لتقتل، وتتحالف لتقتل.. بينما لو وعى حاملوها، والمحرضون على حملها، وأدواتها: مرامي الأديان، وسموَّ الرسالات الإلهية، وأبعادها الإنسانية، بحق وصدق وانفتاح عقل.. ولو وضعوا أمامهم، وفي عمق أرواحهم: أن الله سبحانه خلق البشر كافة، وأنه وليُّهم كافة، وأنّ العلم علمه وحده، والأمر أمره وحده.. لما دخلوا هذه المداخل السيئة الضىيِّقة. ولو أنهم راعوا، أو طبَّقوا مفهوم الحرية المسؤولة، وحرية الاعتقاد باحترام تام، والحق في التفكير والتعبير، بمسؤولية أخلاقية غير مصابة بأمراض الازدواجية.. لبلغَ الناس، ولبلغت المجتمعات والدول الغاية في هذا المسعى، « الأمن، والسلام والحرية »، بأقل التكاليف.. لا سيما في الأرواح البشرية، والمعاناة الإنسانية.

إن فكراً من نوع فكر مايكل فلين وأمثاله، مثلاً، وتصريحات عدائية مثل تصريحات ترامب الاستفزازية، وحرباً صليبية مقدّسة مثل حرب جورج بوش الإبن وتوني بلير على العراق، وممارسات إرهابية - إجرامية عنصرية، مثل ممارسات الأميركيين السائرين على نهج الآباء المؤسسين، قتلة الهنود الحمر، ومستعبدو الأفارقة السود.. ونهج وممارسات معلميهم الصهاينة العنصريون الجدد، « من بن غوريون إلى نتنياهو، مروراً بكاهانا حي وباروخ غولدشتاين، وسواهم كثير كثير.. ».. إن فكراً، ونهجاً، وممارسات من هذا النوع.. هي التي تحتاج إلى مواجهة حقيقية، لتجفيف مستنقعات الإرهاب والحقد والكراهية والعنصرية، في الأنفس والعقول والقلوب، ولمواجهة الجهل والغطرسة، بعلم ودراية وتواضع.٫ إنَّ هذا النهج الفكري، التربوي، الروحي، الأخلاقي، مهمٌ جداً، وضروري جداً، من أجل القضاء على الإرهاب العالمي، واقتلاعه من جذوره.. الإرهاب الذي لا دين له، ولا وطن له، ولا قومية له!! وهو وما ينتج من ذاته في تربته وتكويناته ومعطياته، وما ينتج من جراء الأفعال والأقوال الاستفزازية، وردود الفعل الإجرامي عليها، ومن سياسات ملَغَّمة بالغايات والسلبي من التوجهات والنزعات. وإضافة إلى ذلك النهج، فإن الإرهاب الدموي المنتشر، قتلاً وممارسات وحشية، كالذي نواجهه في منطقتنا، وتتم الحرب فيها، منذ سنوات، تحت مظلة القضاء عليه، واجتثاثه.. فإنه يحتاج إلى جيوش أقل، وأسلحة أدنى تطوراً بكثير مما نشهده، ومما يتم حشده على الأرض، وإلى استراتيجيات أقلّ طموحاً، وتوافق دولي صادق على وقف مآسي الناس في هذا الجزء من العالم. ذلك لأن ما نراه ونتابعه في هذا المجال، هو مما تقابلُ به قوى عظمى نظيرتها من القوى العظمى في حرب، أو استعداداً لحرب. أمَّا المطلوب وجوده على الأرض، لمواجهة الإرهاب المسلح، فموجود في ساحات المعارك. وحين يقصد أهل الحل والعقد، الحلّ والحسم بجد، في المواجهة الراهنة، ويتوافقون على ذلك، من دون أهداف أخرى، وملفات أخرى، ومقايضات أخرى، ونوايا أخرى من تحت الطاولة.. فإن حصار التسلح، فاعل بما يحقق أكبر الأهداف.. فمن يمارس الإرهاب يشتري السلاح من سوق تنتعش باستمرار الإرهاب، والحرب على الإرهاب.. ولكن يبدو أن الإرهاب المخصَّص لنا، أو ذلك المختصّ بنا، هو نوع من طُعمُ السمك، يلقى لكي يملأ صيادو الجثث شباكهم بالبشر والدم، ويحصلون على غير ذلك أيضاً.

لذا، فإنه من حق من يرى ذلك كله، ويتابع الكوارث الناتجة عنه، بدمعهِ ودمهِ، ويلاحظ أنه، على الرغم من المآسي الكثيرة الكبيرة التي أصابت البلدان والإنسان.. يلاحظ أنه في تجدد وتمدد، وفي مدٍّ تصاعدي، منذ سنة على الأقل.. وعليه فمن حقِّهِ أن يتساءل: لأي هدف؟! ولماذا؟! وإلى متى؟! وما هي النتيجة؟! ومن حقِّه أن يعلنَ عن أن إنسانيته لم تعد تحتمل.

وذلك أَضعفُ الإيمان.

 

كلمات دلالية