خبر عالم دونالد - معاريف

الساعة 11:25 ص|13 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

عالم دونالد - معاريف

بقلم: بن كسبيت

(المضمون: فرحة اليمين الاسرائيلي في اعقاب انتصار ترامب مبكرة جدا. وهو يمكنه أن ينقلب علينا بسهولة اذا تغيرت الظروف - المصدر).

كالمعتاد عندنا اليمين يحتفل واليسار يحد. وسائل الاعلام مرة اخرى منقطعة، مغلقة الحس ومذنبة. والعالم كعادته يسير. يخيل لي أن هذا يحصل هذه المرة بشكل مبكر. فليس لليمين بعد اسباب حقيقية للاحتفال. كل ما يوجد هو مؤشرات. وهذا يمكن أن ينتهي مثل مؤشرات النفط التي عثر عليها في بلادنا في الستينيات والسبعينيات. صحيح ان الرفاق رودي جوليان، نيوت غينغرتش، جون بولتون، مايك بنس وسارة فيلين يمكنهم ببساطة أن يحلوا محل نفتالي بينين، اوري ارئيل، آييت شكيد، بتسليئيل سموتريتش وبوغي يوغاف في قيادة البيت اليهودي، ولكن في أمريكا لا يقرر الا شخص واحد. الرئيس. ما يحصل بين أذنيه في هذه اللحظة هو لغز تام، وما سيحصل هناك لاحقا، كما أسلفنا.

يخيل لي ان حتى بنيامين نتنياهو نفسه بعيد عن حالة النشوى. فهو يعرف انه لا يمكن معرفة أي ترامب سنحصل عليه في كانون الثاني، وحتى لو حصلنا على ذاك الذي أردناه، فهو يمكنه أن يتبدل في شباط وان ينقلب علينا في كل لحظة معطاة. السبب بسيط: ليس لترامب أيديولوجيا. فهو لا يدعم اسرائيلي لاسباب دينية، وهو لم يتربى او يترعرع في حضن الدعم لاسرائيل، وموقفه الحقيقي من اليهود بارد في افضل الاحوال، ويقترب من اللاسامية في الحالة الاقل جودة. وبالمناسبة، يجدر بكل الفرحين والمبتهجين من اليمين ان يتابعوا الاستيقاظ المقلق للاسامية الذي جلبه معه ترامب.

لا يعنى الرئيس الامريكي المنتخب الا بالمصالح. من يتابعه يعرف ان هذه ليست المصالح القومية الامريكية، بل مصالحه هو نفسه. فترامب هو النرجسي الكامل، يحب نفسه حتى الثمالة، وكل ما يتعارض مع هذا الحب، سيبعد. هو رجل اعمال أفلس مرات أكثر من خسائر شمعون بيرس، هيلاري كلينتون وبوجي هرتسوغ معا، وأثرى من كل مثل هذا الافلاس. يحتمل أن يحتفل اليمين معه، فيضم المناطق، يهدم الاقصى ويقيم الهيكل الثالث. ولكن بنفس القدر يحتمل الا يكون .

واضافة الى ذلك: لدى هيلاري كلينتون عرف نتنياهو الى هذا الحد او ذاك، ما ينتظره. سلبيا ولكن ايضا ايجابيا. فمحبة اسرائيل لدى الكلينتونيين هي ميزة غريزية، بنيوية، تتدفق في الدم. صحيح ان سياسة نتنياهو لا تستطيب لهما والرجل نفسه يستطيب لهما اقل. فهما يعارضان المستوطنات، وما العمل. وقريبا سيخرج هذا عن القانون في اسرائيل ولكن هذا في امريكا لا يزال شرعيا. من جهة اخرى، فان الكلينتونيين محبان جدا للفكرة الصهيونية وهما محوطان بيهود صهاينة وملتزمان بايباك، بالمؤسسة، بالتقاليد، بالتاريخ، بالمصالح المشتركة. من ناحية هيلاري، فان الامتناع عن استخدام الفيتو على قرار مناهض لاسرائيل في مجلس الامن هو قرار ضخم لمرة واحدة في الجيل، روبيكون لم يتم اجتيازه ابدا ومشكوك ان يتم اجتيازه. هي قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار ولكن هذا سيكلفها صحتها وسيشكل هزة ذات مغزى.

أما من ناحية ترامب فهذا قرار ككل القرارات، وهو قادر على اتخاذه في ربع ثانية من تشتت الانتباه، الغضب او الفتيل القصير. ويهمه اقل بكثير كيف سيرد ايباك على مثل هذا القرار. فقد انتصر بدون ايباك هذه المرة، وهو لا يعول على المال اليهودي في المرة التالية ايضا. شيلدون أدلسون هرع الى نجدته فقط في الشوط الاخير من السباق، الذي استمر اكثر من سنة. وترامب لا يرى نفسه مدينا لادلسون. واذا كان سيعين نيوت غينغرتش في منصب وزير الخارجية، فهذا سيكون تطورا ذا مغزى. غينغرتش ملتزم بادلسون بقدر لا يقل عن نتنياهو نفسه، وعليه فان الوضع الذي سينشأ هو ان وزير الخارجية الامريكي يأكل من ذات الصحن مع رئيس وزراء اسرائيل. وهذا ايضا، اذا ما وعندما يحصل، لا يضمن لنا شيئا.

وبالنسبة لترامب واليهود: منذ وقت غير بعيد، في احد المهرجانات الانتخابية، حاول أن يثبت عطفه على اليهود واسرائيل وروى بان « ابنتي، أفينكا، ستنجب لي حفيدا يهوديا جميلا ». إذن هذا هو. ليس اكثر. صحيح ان أفينكا متزوجه من جيرالد كوشنير، رجل اعمال يهودي حلال تماما. اما هي نفسها فقد تهودت. حيث اجتازت تهويدا ارثوذكسيا لدى الحاخام يحزقيل لوكشتاين من نيويورك. وهذا حاخام ارثوذكسي بكل معنى الكلمة، نائب رئيس « المحكمة الامريكية »، وهي الهيئة المركزية التي تشرف على اجراءات التهويد الارثوذكسي في الولايات المتحدة. وهو أحد قادة الارثوذكسية في الولايات المتحدة وفي حوزته رسالة من مدير دائرة التهويد في الحاخامية الرئيسة تقول ان التهويدات التي ينفذها في الولايات المتحدة سائغة ومقبولة في اسرائيل.

كل هذا لم يكفِ المحكمة الحاخامية في اسرائيل التي قررت قبل بضعة اشهر بان تهويدات الحاخام لوكشتاين ليست معترفا بها في البلاد. والان فليتطوع احد ما ليشرح هذا لترامب. ينبغي الامر بان افينكا لا تعتزم الهجرة الى اسرائيل، لانه سيتبين في هذه الحالة بان حفيد الرئيس الصغير ليس يهوديا. لماذا؟ لذات السبب الذي يجعل الاصلاحيين والمحافظين لا يمكنهم ان يصلوا في الحائط الغربي. او، باختصار، لان هذا يريد الاصوليون.

ذاكرة اليمين الاسرائيلي تقصر كلما ارتفعت حالة النشوى لديه. فيجدر بنا أن نتذكر كيف بدأت شبكة علاقاتنا مع صديق اسرائيل الاكبر الرئيس جورج بوش. فقد خشي ارئيل شارون من أن يكون بوش يعتزم « القاء اسرائيل تحت دواليب الباصات » بعد العملية في البرجين التوأمين والقى في حينه « خطاب تشيكوسلوفاكيا ». وقد تصرف الامريكيون معنا كطفل عاق يورط العائلة ويجب ارساله الى مدرسة داخلية مغلقة. اما قصة الغرام فقد ثارت بعد ذلك بسبب سلوك عرفات، الارهاب الاسلامي والظروف. وأي ظروف ستكون هنا ابتداء من كانون الثاني، لا يمكن ان نعرف.

وتذكير صغير آخر: الرئيس الامريكي الاول الذي اعرب عن تأييد صريح لاقامة دولة فلسطينية هو ذات الصديق الحقيقي، جورج بوش. وهو الذي جاء ايضا بخريطة الطريق التي يفترض ان ترسم الطريق الى هذه الدولة. بحيث أنه يجدر بنا أن نهدأ. سيستغرقنا وقت طويل آخر الى أن نعرف من هو دونالد ترامب الحقيقي وعندها ايضا، لن يكون هذا نهائيا. 

كلمات دلالية