خبر نتنياهو ضد نتنياهو- يديعوت

الساعة 10:53 ص|09 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: بن – درور يميني

(المضمون: نتنياهو منفصم الشخصية في قسمه الاول يحقق انجازات هامة لاسرائيل وفي قسمه الثاني يقوض هذه الانجازات بسلوكه منفلت العقال - المصدر).

رد نتنياهو على تحقيق « عوفدا » هو بالتأكيد مدعاة للقلق. لانه يوجد نتنياهو اثنان. الاول هو رئيس وزراء كان يمكن التباهي به. ففي الاشهر الاخيرة حصل لي أن تبادلت التجارب مع أناس التقوا نتنياهو في مكتبه. سمعت واحدا – سمعت الجميع. يدور الحديث عن رجل مثير للانطباع، مشوق، ذي معرفة جمة. صديقة قريبة شاركة في لقاء في مكتب نتنياهو في موضوع معين لا يوجد على رأس جدول الاعمال العام، خرجت مذهولة من معرفته الدقيقة للتفاصيل الصغيرة. ما كان يمكن تجاوزه. كما أن جولة لقاءاته مع أسر تحرير الصحف أدت الى انطباعات مشابهة، وبالذات من جانب بعض من كبار معارضه. ودرء للشك، في اللقاءات او المحادثات التي اجريناها في السنوات الاخيرة خرجت بانطباع مشابه: ثمة في هذا الرجل اكثر بكثير من شيء ما.

ويوجد نتنياهو الثاني. برنامج « عوفدا » الذي بث أول أمس أكد فقط ما نشر في السنوات الاخيرة من مقربي نتنياهو. او للدفاع من مقربيه السابقين. لا، هذه ليست مؤامرة يسروية، وليس عدم وجود ادعاءات محقة ضد وسائل الاعلام أو اليسار. توجد بل وتوجد. ولكن حتى بعد حسم التحيزات، فان شيئا ما في الحوض، مكتب رئيس الوزراء، مشوش تماما. مشكوك أن يكون هناك صحافي واحد لم يسمع شهادات مشابهة. لا توجد اي يد موجهة من اليسار. هذه شهادات قلقة من رجال اليمين.

نتنياهو الاول يمكنه أن يعرض سلسلة مثيرة للانطباع من الانجازات. فقد نجحت اسرائيل في أن تمنع عن نفسها الانهيار الذي شهدته معظم دول الشرق الاوسط. الارهاب مستمر، ولكن في مستوى مكبوح الجماح. هناك الكثير من الاقوال عن حلف اقليمي. نتنياهو ينجح في خلقه. وكذا

العلاقات مع افريقيا، الهند والصين هي مدعاة للفخار. وباستثناء الفشل المتواصل في مجال اسعار السكن، تحظى اسرائيل بازدهار اقتصادي، مع معدلات بطالة متدنية، مع ارتفاع في معدل الاصوليين الذين يدخلون الى دائرة العمل. هذه الانجازات ليست رغما عن نتنياهو. انها أيضا بفضله.

ولكن نتنياهو الثاني، بكلتي يديه، ينجح في تقويض هذه الانجازات. شيء ما في سلوكه الشخصي يدفع افضل الناس الى الهرب. واحيانا بركلة. لا يوجد هنا اي تضخيم من وسائل اعلام معادية. ايهود اولمرت، كما يجدر بالذكر، نال هو ايضا الضربات من وسائل الاعلام رغم أنه كان توفق شبه مباشر بين سيره يسارا وبين صعود مستوى الضربات. ولعل شارون كان محصنا، ولكن ليس كل رئيس وزراء يميل الى اليسار يحظى بمثل هذه المكانة.

وما هو أكثر من ذلك، في قسم من المشاكل الاساس لاسرائيل، يهمل نتنياهو الثاني المصلحة القومية في صالح المصلحة السياسية، الحزبية والشخصية. هكذا في الاستسلام للاصوليين، على حساب العلاقات الهامة جدا مع يهود الولايات المتحدة؛ هكذا في اصراره على الازمة مع اوباما، والتي مست باسرائيل فقط؛ هكذا زحفه نحو واقع الدولة الواحدة، رغم أنه يعرف بان هذه مصيبة زاحفة. وهكذا ايضا سلوك نتنياهو في مواضيع وسائل الاعلام. منذ اسابيع طويلة هو يحاولة تصفية هيئة البث، في اطار الصراع الذي يخوضه ضد وسائل الاعلام الحرة. وهذا الاسبوع، كي يضيف الزيت الى الشعلة، كان هذا هو الكتاب ضد ايلانا دايان.

في وسائل الاعلام يدور نقاش عاصف: دايان ليست بقرة مقدسة. مسموح انتقادها. الموضوع هو ان نتنياهو يجد صعوبة في أن يفهم بان ما هو مسموح كتابه في اطار النقاش الاعلامي، محظور على رئيس الوزراء أن يقوله. فهو ليس ترامب وليس اردوغان، واسرائيل ليست تركيا. رئيس وزراء اسرائيل يفترض به أن يقدم اجوبة موضوعية، حتى حين تكون الاسئلة مثيرة للاعصاب، للغضب وربما تشهد على التحيز ضده. في موضوع النقاش الاعلامي، نحن نوجد اليوم في عصر آخر. هناك ما يكفي من الصحافيين الذين ينشغلون بانتقاد الاعلام وتحيزاته. وهذا يتضمن عبدكم المخلص. هذا هو السبب الذي جعل دايان تنال انتقادا فظا، لاذعا وبالاساس موضوعي، في اعقاب تحقيقها عن النقب « ر ». هذا هو معنى حرية التعبير.

ذاك التحقيق الاشكالي اياه لم يجعلها يسارا متطرفا، مثلما هو التحقيق عن نشطاء اليسار المتطرف لم يجعلها يمينا متطرفا. وحين تنضم الهجمة الشخصية جدا ضد دايان الى هجمة على

 

وسائل الاعلام والى محاولة المس بالصحافيين – فان رئيس الوزراء يبدي علائم فقدان الصواب. وهذا مقلق بالتأكيد.

عذري في السماء في أني اجتهد بان اعود واكتب ايضا عن انجازات نتنياهو. ولكن هذه الانجازات لا يمكنها ان تخفي نقاط الخلل، السلوك، شهادات المقربين السابقين، تفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة القومية، وبالتأكيد لا تبرر تهجمات رئيس الوزراء على صحافية نشرت تحقيقا ضده. نتنياهو الثاني ينجح في التغطية على نتنياهو الاول. هذا ليس سيئا فقط لنتنياهو، هذا سيء لاسرائيل.

 

كلمات دلالية