خبر البُردة الشافعية ..في سيرة خير البرية ..عصام الشافعي

الساعة 07:30 ص|09 نوفمبر 2016

البُردة الشافعية

في سيرة خير البرية

عصام عبد الفتاح محمد الشافعي

***

تقديم

عذراً يا سادة الكلم ويا أرباب القريض فلا شأني كشأنكم ولا قلمي كأقلامكم لكنه رسول الله عليه صلوات ربي وسلامه فلي ما لكم وعلي ما عليكم ‘ فلا مبدع أضاف له ولا جاهل حط منه ‘ وما رفع شأنه ولا أعلى قدره إلا ربه سبحانه.

اللهم تقبل مني إنك أنت الكريم العظيم

عصام عبد الفتاح الشافعي

***

شــكـروتــقـدير

قال النبي صلى الله عليه وسلم :

« لا يشكر الله من لا يشكر الناس »

أتوجه بالشكر والتقدير لكل من :

د إياد عبد الجواد. أ علي الجديلي. أ مازن الشافعي. أ حسن أبو قادوس. أ فؤاد حمدان وغيرهم ممن كان لهم الأثراَلطيب في المراجعة اللغوية .

***

 

بسم الله الرحمن الرحيم

« إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما »

البُردة الشافعية في سيرة خير البرية

 

  1. للفجرِ ظلَّ سلامُها يغشاني *** وبومضةٍ أغرى الفؤادُ بناني

 

2. ليتَ البنانَ قد ارعوى لا ينبري *** ماذا سأكتبُ أو يقولُ لساني

 

3. فلعلَّ قولاً لا يفي بمقامهِ ***ولعلَّ عَدْوا لا يُجيدُ حصاني

 

4. ولعلَّ حرفاً قد تمنّعَ فانزوى ***ولعلَّ سحراً لا يضيءُ بياني

 

5. فكبحتُ ألجمةَ الجوادِ لوقفهِ *** كرَّ الجوادُ مهاجماً ورماني

 

6. رغم الضنى سأظلُ دوماً فاخراً *** أن الكريمَ إلى النبيِّ هداني

 

7. ولعلني إذْ ما ذكرتُ محمداً *** صلّى اللسانُ مشنفاً آذاني

 

8. صلُّوا عليهِ وآلهِ ملء الدنى *** إن الصلاةَ علامةُ الرضوانِ

 

9. فالنورُ نورُ محمدٍوهو الذي*** يسبي القلوبَ فتُسبلُ العينانِ

 

10. أبرشفةٍ للشمسِ من أنوارهِ *** صاحتْ بنا لَنْ توقفوا نيراني ؟

 

11. أو طرفةٍ من سيدي نحو العلا *** صارَ الدجى متلألئ التيجان ؟

 

12. وترى الجبالَ على الثرى بصخورِها *** كي لا يفرّ لروضةِ العدنانِ ؟

 

13. إن الجواهرَ دُرها ونفيسها *** هي بالصلاةِ كرائمُ الأعيانِ

 

14. حُمُرُ الورودِ تشبهت ببهائهِ *** هيهاتَ تشبهُ سيدَ الأكوانِ

 

15. هذا عطاءُ المصطفى من ربهِ *** سبحانَهُ من واهبٍ منانِ

 

16. نالَ ابن سلمى بردةً نبويةً *** وغدا البُصيري شاعر الأزمانِ

 

17. جاءَ الأميرُ ببردةٍ دُريّةٍ *** قاد السحابَ بمدحهِ الفتانِ

 

18. وتوالتِ البُرَدُ الجميلةُ تزدهي*** وجميعُهُمْ قد كالَ بالميزانِ

 

19. ذاقوا جميعاً بعضَ خيطٍ من ضيا *** أنوارُهُ كالنارِ للأدهانِ

 

20. الشمسُ دوماً في الليالي تختفي ***وضياؤُهُ يرعى بغيرِ عنانِ

 

21. اللهُ ضللَ كيدَ أبرهةَ العِدى *** حتى غدوا كالعصفِ للجرذانِ

 

22. يا مكةَ الرحمنِ يا قدس العلا *** بَعْدَ الجنينِ فمسكُها مسكانِ

 

23. لو بنتُ وهبٍ ترتئي ما في الحشا *** طاف الفؤاد بكعبةِ الرحمنِ

 

24. هي قد رأتْ نوراً يبددُ ظلمةً *** سقطَ الدجى وانهارَ بالطغيانِ

 

25. الحَمْلُ يحدثُ للنساءِ تثاقلاً *** ولبِنْتِ وهبٍ ريشةٌ بدهانِ

 

26. كلُ الحواملِ تبتغيه بخشيةٍ *** يومَ المخاضِ وأمُّهُ بأمانِ

 

27. حتى إذا ظمئ الورى واستوحشوا *** تواً أتى من بطنها الريانِ

 

28. الأرضُ تجهلُ ما جرى في يومهِ *** أمّا السماءُ فتحتفي بجنانِ

 

29. الجنُ تهمسُ من يشي أخبارَها *** كسرى ينادي ما دهى نيراني

 

30. إبليس ولولوالأبالسُ حولَهُ ***جاء الهدى فأطاحَ بالشيطانِ

 

31. الجدبُ أزهرَ والغوائرُ رَقرَقَتْ *** والجَورُ باتَ مهدَّم الأكنانِ

 

32. والظلمُ قد أخفى الذوائبَ مسرعاً *** أمُّ القرى في حضنها القرآني

 

33. يا قومَ سعدٍ كم سعيدٍ باسمٍ *** وغدت حليمةُ سعدُها سعدانِ

 

34. إن اليتيم مباركٌ فديارهم *** بقدومِهَ كالجنةِ الأفنانِ

 

35. نادت حليمةُ زوجَهَا نِعْمَ الفتى *** أمثاله ما شاهدت عينانِ

 

36. بيضُ الغمامِ يُظلُّهُ بنسائمٍ *** تشدو الورى من أعذب الألحانِ

 

37. وديارُ سعدٍ لم تزل حتى أتى *** وحيُ السماء لصدره الرباني

 

38. يا ويحَ سعدٍ قد تُفَارِقُ سعدَها *** سكن الأسى بمعاقد الأجفانِ

 

39. بَكَتِ الربوعُ لفقدِهِ بنواظرٍ *** لم تستكنْ وتموج بالطوفانِ

 

40. عادت لمكة َعينُها بعد الجفا  ***  حتى الجبالُ تعجُّ بالخفقانِ

 

41. حولاً يرافقُ أمَّه وبقربهِ *** هَزَمتْ هرقلَ وصاحبَ النيرانِ

 

42. شاءَ الإلهُ وبنْتُ وهبٍ ترتقي *** والعينُ ترسلُ درةَ الأشجانِ

 

43. دمع اليتيم كأنما من وجدهِ *** بكت السما وتفطر القمرانِ

 

44. تركت منارة قلبِها وترجلتْ *** ليحوطَهُ بالرَوْحِ والرَّيحانِ

 

45. أيدي المنون عليمةٌ فإذا أتتْ *** لم تكترثْ بشيوخِ أو شبانِ

 

46. وأوى اليتيمُ لجدِهِّ وبعزةٍ *** جَدٌ يسود بمكةَ الغفرانِ

 

47. إن جاءَ يجلسُ حيثُ شاءَ مهابةً *** فقدومُهُ لسيادةِ الأكوانِ

 

48. إن قالَ شيئاً أنصتوا وتعلقوا *** بحديثهِ والكلُّ منهم دانِ

 

49. ويدُ الردى تُردي قلوبَ أحبةٍ *** فإذا الدموع بحرقةِ النيرانِ

 

50. فالجد أمسى في التراب ممداً *** واليتمُ يطعنُ سيدَ الغلمانِ

 

51. أفكلما يأوي اليتيمُ لدوحةٍ *** ذهبتْ سدى والغوثُ للديانِ

 

52. من كان يبحثُ في الترابِ معونةً *** تَبَّتْ يداه وباء بالخذلانِ

 

53. فالأرضُ يملكها الذي بقضائِهِ *** صارَ الترابُ ومن عليها فانِ

 

54. والعمُّ يفتحُ دارَهُ وفؤادَهُ *** حتى غدا كالدمِّ في الشريانِ

 

55. بإرادةٍ لا بدَّ أن تعلو يدٌ *** نبويةٌ مع كثرةِ الصبيانِ

 

56. ولحكمةٍ يُعْيي النُهى مكنُونها *** صارَ الفتى يرعى مع الرُعيانِ

 

57. ما مِنْ رسولٍ للسما إلا رعى *** شَرُفَ الرعاةُ بأحمدَ النوراني

 

58. مهما جمعتَ من الدُنى ومتاعِها *** يبقى الرعاةُ لزينةِ الأوطانِ

 

59. أمنٌ وصدقٌ لا تَكَلُّفَ فيهما *** فَهُمَا السليقةُ لا تَقُلْ خلقانِ

 

60. الصدقُ زينةُ كلِ من وطئ الثرى *** ومحمدٌ للصدق كالزيانِ

 

61. فخصاله تعلو الذُرى وجميعها *** بمحمدٍ كالكحلِ للأجفانِ

 

62. ولقد مضى مع عمه في رحلةٍ *** فالأرضُ تحرسُ والسما بأمانِ

 

63. نَشَقَ البحيرا نفحةً علويةً *** ذا مصطفى لا بد من برهانِ

 

64. لما دنا عرفَ البحيرا وجهَهُ *** عَرَضَ المسيرَ مُرَحباً ضيفاني

 

65. سأل البحيرا عن أبيهِ وجدِهِ *** ابني أنا يا سائلَ الرُهبانِ

 

66. عودوا به قبل الضواري والردى *** هذا يتيمٌ ماله أبوانٍ

 

67. وغدا يتاجرُ بالقليل ويكتفي *** حتى غدا أعجوبةَ الركبانِ

 

68. ما باع قوماً واشترى إلا حَدَوْا *** أمثالُه لم تَسمعِالأذنانِ

 

69. سمعتْ خديجةُ بالأمينِ فبادرتْ *** اعمل لنا ‘ ربُّ السما أعطاني

 

70. قد أرسلتْ مَعَهُ الغلامَ يُعينه *** أموالُها يُعْنى بها اثنانِ

 

71. عادَ الغلامُ مع النبيِّ بدهشةٍ *** يشدو خديجةَ ما رأتْ عينانِ

 

72. طيبُ الحديثِ يشدُّها نحو الهدى *** حتى غدتْ مأسورةَ الرحمنِ

 

73. ذاتُ التُّقى ووجيهةٌ في قومها *** وحسيبةٌ مخطوبةُ الفرسانِ

 

74. تُعْلي أكفاً للسماءِ تضرعاً *** فمحمدٌ متقدمٌ بأوانِ

 

75. ذهبَ النبيُّ مشاوراً أعمامَهُ*** فهو الوفاءُ يفيضُ بالعرفانِ

 

76. قمرُ السماءِ قد اكتسى بِجواهرٍ *** فمحمدٌ وخديجةٌ زوجانِ

 

77. فتقاطعتْ شهُبُ السماءِ لتحتفي *** بضفائرٍ وذوائبٍ لجنانِ

 

78. كلُّ السعادةِ والرضا في منزلٍ *** بيتُ السما و الأمن والإيمانِ

 

79.عند البناءِ تنازعوا حَجَرَ العلا *** فيعيدُهُ ابنُ الخليل الثاني

 

80. والكفرُ مشلولُ القوى لا يهتدي *** لهديةٍ من جنةِ الأجنانِ

 

81. حتى إذا قرُبَ الهدى بضيائهُ *** يخلو النبيُ بنفسه بتفانِ

 

82. متفكراً بين الجبال وزاهداً *** غار الحراء ملاذه الإيماني

 

83. حتى إذا جنحَ الدجى لجبالها *** لبس الضيا والنور للسودانِ

 

84. ملآى السماءُ أسنةٌ للمعتدي *** والإنسُ تهوى قربه كالجانِ

 

85. ومحمد يُعلي الأكفَ بليلةٍ *** فرديةٍ في العشر من رمضانِ

 

86. قدر بقدرٍ لا أخالك مدركاً *** وحيُ السما قد جاءَ للإعلانِ

 

87. جاء البشيرُ بمعجزٍ يهدي الورى *** إن طبقوا يأتيهمُ الفوزانِ

 

88. آياتُهُ نَعْلو بها فوقَ الذُّرى *** إعجازُهُ لا ينقضي بزمانِ

 

89. في الهندِ أو في الصينِ أو بجزيرةٍ *** في الغربِ والمكسيكِ والبلقانِ

 

90. الكفرُ دوماً ينزوي متراجعاً *** مستسلماً من هيبةِ القرآنِ

 

91. اقرأ محمدُ شاكراً ربَ الورى *** من ربنا جئناك بالبرهانِ

 

92. ما كانَ يقرأُ قبلها وببرهةٍ *** جلستْ خديجةُ جَنبَه بحنانِ

 

93. والله لن تُؤذَى بها يا قدوةً *** كن واثقاً يا مطعمَ الجوعانِ

 

94. أنت الذي تعطي المقلِّ على طوى *** متبسماً يا مؤنسَ الحيرانِ

 

95. انهض محمدُ فابن عمي عالمٌ *** كُتُبَ الذي سبقوك في الميدانِ

 

96. لا تبتئسْ هذا النموسُ وقد أتى***موسى الكليمَ بصادقِ التبيانِ

 

97. إن كنتُ حياً حينها فمناصرٌ *** لنبيّهِ حربٌ على الشيطانِ

 

98.فسيخرجونك صانعينَ حماقةً *** ما مِنْ هُدى ويظلُ في الأوطانِ

 

99. سراً بدا يدعو النبي لدينهِ *** فخديجةُ الأولى على النسوانِ

 

100. ومن الرجالِ صَدِيقُهُ هو أولٌ *** أما عليُ فسابقُ الصبيانِ

 

101.ثم استزاد بقوةٍ عُمَريةٍ *** أو كابن عفانَ الكريم الداني

 

102.علمتْ قريشُ بدينهم فتعاهدوا *** للصدِّ عنه بقوة السلطانِ

 

103. قتلوا سمية آثمين وزوجَها *** من كفرهم لم يهتدوا ببيانِ

 

104. جلدوا بلالَ وغيره بفظاظةٍ *** أحدٌ تصمُ مسامع الآذانِ

 

105. فرعونُهم آذى النبيَ المصطفى *** وبلطمةٍ فتراه كالفئرانِ

 

106. صبر النبيُّ وصحبُه لم ينثنوا *** رغم الأسى والضر والعدوانِ

 

107. خذ ما تشاءُ من الدنى متباعداً *** عن ديننا دعنا مع الأوثانِ

 

108. ما كان يتركُ دينَه حتى الردى ***لو في يدٍ قد جاءت الشمسانِ

 

109. وقتٌ طويلٌ ينقضي برسالةٍ *** كمنارةٍ بالسر والكتمانِ

 

110. اجهر محمدُ لا تُضِيركَ شدةٌ *** معك الإلهُ وسيدُ الأديانِ

 

111. ما كانَ يوماً آثماً بدنيةٍ *** بل خاضعاً لإرادةِ الديانِ

 

112. تباً لنا إن لم يكن أولى لنا *** من روحنا وقلوبنا الصوانِ

 

113. حصرٌ وضيقٌ للنبي وصحبه *** ما صدَهم عن دعوة الفرقانِ

 

114. أمرَ النبي صحابه ليهاجروا *** إن النجاشيَ صادقُ الإيمانِ

 

115. حتى ولو طالَ السرورُ سينقضي *** يأتي الأسى لتعيشَ في الأحزانِ

 

116. ترضىْ إذا جاء السرور بيومه *** أما الأسى يأتيك في أزمانِ

 

117. بدرٌ يوارى في التراب بحرقةٍ *** فخديجةُ المحزومةُ الأكفانِ

 

118. الحزنُ يفطرُ قلبه متحدياً *** جد الأسى إن ناخ بالأشجانِ

 

119. يومٌ جديدٌ من أسى ويدُ الردى *** جبارةٌ وقد اختفى الجبلانِ

 

120. فالعمُ ولى والعيونُ هطولةٌ *** والهمُ أمسى فاتحَ الخزانِ

 

121. الأرضُ تدبرُ للورى لم تعطهمْ *** قطميرةً لمعونةِ القُطانِ

 

122. ومحمدٌ يومَ السرى يطوي الدنى *** سَعُد البراق بأحمدَ الرُبانِ

 

123. والقدس تهمسُ في السماءِ لنفسها *** من أي نجمٍ أرتدي فستاني

 

124. حتى إذا جاء النبيُ جبالها *** خفِضت لَهُ بمحبةٍ وحنانِ

 

125. الله أحيا كل صاحبِ دعوةٍ *** ليقلدوكَ سيادةَ الاكوانِ

 

126. صلُّوا وراءك كلُهم من آدمٍ *** حتى المسيحُ وصاحبُ الطوفانِ

 

127. ورقيتَ ما لا يرتقَى من كائنٍ ***ورأيت ما لا تبصرُ العينانِ

 

128. وعَلمتَ ما لا ينبغي لمقربٍ *** وسمعت ما لا تسمعُ الأذنانِ

 

129. مد الجليل حبيبه بهديةٍ*** صلةً به من بعدِ كل أذانِ

 

130. ما من هدايا مثلها فبسجدةٍ *** مرضيةٍ فتفوز بالرضوانِ

 

131. لولا الصلاةُ لربنا مفروضةً *** ما كان يهنأ في الورى الثقلانِ

 

132. كفرتْ قريشُ وكذبوا بحديثهِ *** بئس النهى ما صدقوا ببيانِ

 

133. حسدٌ يموجُ بشدةٍ ولنصرةٍ *** خرج النبي يلوذُ بالأعوانِ

 

134. طردوا النبيَّ بخسةٍ في طائفٍ *** بحجارةٍ قد سالت القدمانِ

 

135. ورأى النبي كهجرةٍ في نومه *** وببيعةٍ أعطوه كلَّ ضمانِ

 

136. وغدا الرجالُ يهاجرون بسرعةٍ *** نحو المدينةِ دونما إعلانِ

 

137. جُمع الأكابرُ في قريش لندوةٍ *** وحمايةٍ تنجى من الطوفانِ

 

138. متنكراً جاء اللعين مناصراً *** لجهالةٍ وغوايةِ الإنسانِ

 

139. نفيٌ له من أرضنا فأجابهم*** هو عائدٌ ليطيحَ بالأوثانِ

 

140. سجنٌ وضرٌ والأذى لمحمدٍ *** هو ساحرٌ والسحرُ في القرآنِ

 

141. كيف السبيلُ لوقفه يا شيخنا *** فبضربةٍ من أشجع الشجعانِ

 

142. دمه يفرق بينهم وليأخذوا *** ديةً لهم ولتنعموا بأمانِ

 

143. صاحوا معا رأيٌ سديدٌ نافذٌ *** وببابه ملؤوه بالفرسانِ

 

144. خرج النبي معفراً لوجوههم *** مستوثقاً بهزيمة الشيطانِ

 

145. نحو المدينة قاصداً برفيقهِ *** وابن الأريقط عارفٌ متفانِ

 

146. ما في الفراش سوى الفتى فتقدموا *** قبل الوصول لنصرة الأعوانِ

 

147. وبغار ثورٍ قد توارى مدةً *** فُقِدَ الهُدى لم يُبْصَرِ الرجلانِ

 

148. لما دنوا ما رف جفنُ المصطفى *** من خشيةٍ أو فارسٍ طَعّانِ

 

149. عادت قريشُ وما جنوا إلا ضنى *** عضوا الأنامل حسرةً بهوانِ

 

150. إبلاً يريدُ سراقةٌ وقد اكتوى *** عُدْ مسرعاً سيجيئك السُوَرانِ

 

151. نورٌ بمسكٍ للمدينةِ قد أتى *** متعاظماً ولنورهِ نورانِ

 

152. همس اليهودُ لبعضهم والله لا *** خرفٌ ولا بالعينِ من حولانِ

 

153. هذا عبيرُ نبوةٍ يا ويلنا *** نور العلا لم يختلف إثنانِ

 

154. نخل المدينة قد عَلَا بزواهرٍ *** قدسيةٍ وثماره متدانِ

 

155. إذ بالمدينةَ ليلها كنهارنا *** فإذا انقضى فلصبحها شمسانِ

 

156. شمسٌ تعين على المعيشِ بعفةٍ *** وجوارها لسماحةٍ وحنانِ

 

157. الأوسُ صارت خزرجٌ من بعد ما *** جرت الدما من حربةٍ وسنانِ

 

158. وغدا المهاجرُ لا يرى إعراضةً *** طوبى لهم قد أحسنَ السعدانِ

 

159. إن المدينةَ دولةٌ يقضي بها *** خيرُ الورىبالقسط والفرقانِ

 

160. سكن النبي بمسجدٍ لا مثله *** بعد العتيقِ بكفةِ الميزانِ

 

161. أممٌ تتوق دخوله من لهفةٍ *** لترابه أو ما وطى القدمانِ

 

162. هذا يبلل لحيةً ذا غارقٌ *** بدعائهِ في عالم النسيانِ

 

163. ذا راكعٌ أو ساجدٌ ذا سائلٌ *** ربَ العُلا متورم السيقانِ

 

164. من جنةٍ اللهُ أهبطَ روضةً *** عند اللُقا لا طَرْفَ للأجفانِ

 

165. فلربَّ عينٍ قد ترى ما لا يُرى *** عند السلام وهجرة الأذهانِ

 

166, يا باكياً عينُ الحصير عليلةٌ *** من شوقها ولشدة السيلانِ

 

167. خرج النبي وصحبه لغنيمةٍ *** فتباعدتْ وقد التقى الجيشانِ

 

168. جيشٌ عرمرمُ فاخرٌ وأقلةٌ *** بعقيدةٍ شجعان في الميدانِ

 

169. في يوم بدرٍ للملائكِ هيبةٌ *** تردي رؤوس الكفر والطغيانِ

 

170. ذو الجهلِ أضحى غارقاً بدمائهِ *** كأُميةٍ وتدحرجَ الرأسانِ

 

171. تنعى قريشُ سيادةً مسلوبةً *** مع فقدها للأُنسِ بالفتيانِ

 

172. فتقدموا للثأرِ ثم تقهقروا *** ذاقوا الردى من شدةٍ وهوانِ

 

173. بعض الصحابةِ خالفوا فتوسدوا *** بهزيمةٍ مسودة الأردانِ

 

174. وحشيُ قد غالَ الغضنفرَ خلسةً *** حتى النبيُ يصابَ بالأسنانِ

 

175. من طاع أمر محمدٍ فلقد عَلَا *** في عاجلٍ وسعادةٍ بجنانِ

 

176. من لم يطع أمر النبي فقد هوى *** فإذا قضى قد باءَ بالخسرانِ

 

177. صلحٌ حكيمٌ في الحديبِ لدعوةٍ *** فتنكروا من نزغةِ الشيطانِ

 

178. جمع النبي ليوم فتحٍ بعد ما *** عز الوفا لابد من سلطانِ

 

179. نظرتْ قريش إذا الرجال تحلقوا *** من كل صوبٍ جيء بالركبانِ

 

180. خرجوا جميعاً آملين سماحةً *** ما كان قطُ بظالمٍ خوانِ

 

181. ما ظنكم بمحمدٍ يقضي بكم *** أنت الكريم أصالةً والحاني

 

182. بشرى لكم بشفاعةٍ وسماحةٍ *** طُلقاء فامضوا كلكم إخواني

 

183. فإذا الوجوه ضحوكةٌ ومنيرةٌ *** نعم النبي ورحمة الرحمنِ

 

184. اللهُ أكبرُ قد علا صوتُ الهدى *** فإذا بلال يبوحُ للآذانِ

 

185. هبلٌ هوى واللاتَ أيضاً حطموا *** حَرَمُ الإلهِ لمسلمٍ ديانِ

 

186. حنَ النبيُ لطيبةٍ ولطيبها *** ومحمدٌ في قلبها الولهانِ

 

187. في القلبِ أنتِ عزيزةٌ يا موطني *** يا قبلتي يا مكة القربانِ

 

188. يا معشر الأنصار يا أهل التقى *** لكم الهوى والوجد بالوجدانِ

 

189. فإلى المدنيةِ قد مضى ودياره *** من حزنها مطبوقة الأجفانِ

 

190. سدرُ المدينة قد دنا ببشارةٍ *** متأملاً لو مسحةً بحنانِ

 

191. والتمر فيها قد نما متشوقاً *** لأكفهِ ونفائس الأسنانِ

 

192. وبفطرةٍ فعل اليهود خيانةً *** فتآمروا بالسوء للإحسانِ

 

193. أرض السماحة والكرامة والوفا *** بلد النبي ودرة الأوطانِ

 

194. بعث النبي رسائلاً أن أسلِموا *** فستَسْلموا للفرسِ والرومانِ

 

195. حتى غدت برسولها أمَّ الدُنى *** ومهابةً ومتينةَ الأركانِ

 

196. والدين أصبح شامخاً لا ينثني *** حتى تلا للنصرِ في القرآنِ

 

197. قرأ الصحابةُ نعيَهُ لنبيهِ *** ما خيلوا أن تسبلَ العينانِ

 

198. أوجعتني يا سيدي حتى أنا *** ما خالَ لي أن القضا متدانِ

 

199. فالبدرُ أسودُ والنجومُ ظُلامةٌ *** وتخبطوا كتخبط العميان

 

200. حُمى تلف محمداً وكأنها *** موقودةٌ في سيد الشجعانِ

 

201. تفديك روحي سيدي وجعٌ لنا *** ومحمدٌ قد جاءَهُ الضِعّْفانِ

 

202. ناجته فاطمُ والعيونُ غزيرةٌ *** يا مهجتي فأفاقَ من غشيانِ

 

203. يا زهرةً ربٌ يخيرُ عبدَهُ *** فاختارَ جيرة ربهِ الرحمنِ

 

204. سِرٌ إليها وحدها وبشارةٌ *** فتبسمت والسرُ في الكتمانِ

 

205. الناس فوق الأرضِ أو في بطنها *** ومحمدٌ رمانةُ الميزانِ

 

206. أما النبوة في الورى فقد انقضت *** ويظل يسمو معجزُ الديانِ

 

207. هو للحياةِ وللنجاةِ وخالدٌ *** فيه الشفا أكسو به ميزاني

 

208. صلوا عليه وآلهِ ملء الدنى *** إن الصلاةَ حقيقةُ الإيمانِ

 

209. ثم الصلاة لصحبه ولأربعٍ *** سادوا الدنى بالعدل والإحسانِ

 

210. صِدِّيقَهُ وصديقهُ فاروقنا *** وعلى الحييِّ وجامع القرآنِ

 

211. ثم الصلاة على عليِ المرتضى *** فبجهدهم ما شاد من بنيانِ

 

212. أما أنا فمظنتي في خالقي *** مأمولةٌ باليسرِ والغفرانِ

 

213. والله أعظم من محاسبة الذي *** يبكي أسىً مستغفر الوجدانِ

214. مولاي إني قد عرفتكَ منعماً *** نعماءَ تحيي رمة الأبدان  

215. وقد استبقتُ بدعوةٍ مستبشراً ***  بإجابةٍ للواحدٍ المنانِ

216. علّي أفوز برحمةٍ أوقى بها *** حر السعير ومن حميمٍ آنِ

 

217, وشفاعةٍ من سيدي أسقى بها *** من حوضهِ والكوثر الريانِ

 

218. وإلى هنا أكملتها ولعلني***مستدركٌ ما ليس في الحُسبانِ

 

219. أبياتها بالمصطفى مزدانةٌ *** عشرون يأتي قبلها المائتانِ

 

220. ميمونةٌ نورٌ خطاها كونها ***مكحولةً من سيرة العدنان

كلمات دلالية