خبر في ذكراه الـ22..« هاني عابد » دشّن مرحلة جديدة من الإعلام المقاوم

الساعة 10:19 ص|03 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم : خالد صادق

صحيفة «الاستقلال» بدأت كفكرة, عندما تلاقت رؤية الشهيد القائد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله, مع رؤية ثلة من قيادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, كان على رأسهم الشهيد القائد والعضو المؤسس للصحيفة والمدير العام لها الأستاذ هاني عابد «أبا معاذ» رحمه الله, امتزجت الأفكار وتلاقت الرؤى, وخرجت «الاستقلال» إلى النور, برؤية واضحة ورسالة سامية, وحدد القائد الشهيد أبو إبراهيم رحمه الله الرؤيا والأهداف والإستراتيجيات, وحرص على ان يرسي قواعد جديدة للإعلام الفلسطيني المقاوم, الذي يحرض ضد الاحتلال, ولا يحرف البوصلة, ويهتم بقضايا الجماهير, ويفضح مخططات الاحتلال, ويكشف زيف أوسلو, في ظل الحديث عن السلام الزائف والمشؤوم, السلام الذي يبنى على التفريط في 78% من مساحة فلسطين التاريخية ويجرم المقاومة, ويستبيح المقدسات.

أدرك الشهيد هاني عابد رحمه الله خطورة المرحلة, وحمل الرسالة مع ثلة من قادة الجهاد المخلصين والتي ألقى بها الدكتور فتحي الشقاقي على عاتقهم, وتحمل هاني عابد في سبيل ذلك الكثير, فرغم انه كان أكاديمياً ويعمل معيدا في جامعة العلوم والتكنولوجيا بخانيونس, ورغم انه كان قائدا في حركة الجهاد الإسلامي وملقى عليه أعباء ثقيلة, لكنه حمل هذه الأمانة برضا وقناعة, وقاد مسيرة «الاستقلال», فكان أول أسير سياسي في سجون السلطة, واتهمته إسرائيل بحكم تخصصه في الكيمياء, بأنه يصنع المواد المتفجرة ويساعد القوى الإسلامية المجاهدة –قسم- على تطوير قدراتها العسكرية, وكأن هاني عابد كان رجلا بألف, وكأنه لم يقبل إلا ان يكون استثنائيا, في زمن استثنائي ساد فيه الطغيان وتغول فيه الاحتلال على شعبنا وامتنا.

عمن نتحدث؟ عن هاني عابد المعلم والمعيد في جامعة العلوم والتكنولوجيا, والذي يربي الأجيال ويخرج الأساتذة والعلماء, أم هاني عابد الثائر والمقاوم والذي يسخر علمه لخدمة الجهاد والمقاومة؟ أم نتحدث عن هاني عابد الصحفي الذي حمل أمانة العمل في مجال الصحافة, ليشق طريقه وسط الصعاب, ويدفع في سبيل ذلك أثمانا باهظة؟

اذكر ان السلطة استدعت يوما إدارة «الاستقلال» وأبلغتهم بأن« إسرائيل » تضغط على السلطة لإغلاق الصحيفة لأنها تحريضية ضد الاحتلال, وتدعو للمقاومة والعمليات الفدائية, وتحتفي بالعمليات الاستشهادية, فكان الرد الواضح ان هذا هو طريقنا وسبيلنا, ولن نحيد أو ننحرف عن مسارنا قيد أنملة, وأننا لسنا إعلاما رسميا مبرمجا أو تابعا لسلطات, ولكننا إعلام مقاوم, قضيته الرئيسية هي فلسطين كقضية مركزية للأمة الإسلامية, فكان رد السلطة بإغلاق «الاستقلال» لعامين ونصف, ومصادرة أجهزتها وأرشيفها وإغلاق مكاتبها, واعتقال وملاحقة كل طاقمها الصحفي, والزج بهم في السجون لأشهر عدة.

لكننا لم نفاجأ وكنا نعلم بمصيرنا, ومهد لنا الشهيد هاني عابد رحمه الله هذه المآلات من قبل, وقال انه طريق مليء بالعقبات والأشواك, عليكم ان تجتازوه بأقدام دامية وظهور ملتهبة بسياط الأشقاء والأعداء على حد سواء, لن يكون طريقكم مفروشا بالورود, فانتم تصنعون مجدا لأنفسكم أولا, وللإعلام الفلسطيني المقاوم ثانيا, ولامتكم, هذا الإعلام المقاوم يجب ان يحل محل إعلام « الاستسلام » وإيثار السلامة, والتعمية على القضايا المصيرية والثوابت, والبعد عن جوهر الصراع مع الاحتلال.

رغم ان عمره قصير في العمل الإعلامي المقاوم, وجاء استشهاده بعد العدد الثاني فقط من إصدار «الاستقلال», إلا ان عطاءه كان اكبر بكثير من هذه الفترة الزمنية القليلة, لأنه أستاذ ومعلم وقائد, وكلماته راسخة في الأذهان تخرج من إيمان مطلق بحتمية النصر والتمكين, فقد زرع فينا ثورة البندقية والكلمة, ثورة البذل والعطاء, ثورة التضحية والفداء, لو قدر لهاني عابد ان يكون بيننا اليوم و«الاستقلال» تتجاوز العدد (ألف) لأوقد لنا شمعة وسلك معنا نفس الطريق, لأنه هو من خطه بيده, ورسم خارطته بدمه الطاهر, ونحن لا زلنا نقتبس من نوره, ونرتوي من نبعه الذي لا ينضب, لو كان بيننا هاني عابد لخاطبته متسائلا: هل أنت راضٍ عنا أخي أبا معاذ؟ هل لا زلنا نسير وفق نهجك الأصيل؟ هل نعمل بوصاياك؟ نتمنى ان نكون دائما عند حسن ظنك بنا, ونسأل الله ان نسير على العهد ونكمل الرسالة كما أردت, حتى نلتحق بركبك والله راض عنا, فهذا أقصى ما نتمنى, وهذا ما اخترناه عندما قبلنا ان نكون جنودا من جنودك, فهو نهج الأحرار .

إنه عهد الوفاء أخي أبا معاذ ان نبقى على دربكم سائرين, لمسيرتكم مكملين, وعلى نهجكم الأصيل ماضين, وفق رؤية وتوجيهات قائد مسيرتنا الميمونة الدكتور رمضان عبد الله شلح _ أبو عبد الله_ حفظه الله ورعاه, والذي يمثل الأصالة والتاريخ والامتداد الحقيقي لمسيرة القادة الشهداء الأطهار, فهو خير خلف لخير سلف, وهو صاحب الرؤية الثاقبة والسياسي المحنك, والقائد العظيم الذي يتجمع حوله الجميع, ويستنيرون بآرائه وأطروحاته, والتي انتهت بمبادرة النقاط العشر التي اجمع عليها الكل الفلسطيني, ولقيت ترحابا داخليا وخارجيا, إنها صوابية الطريق التي رسمها الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله, وصار على دربها الشهيد هاني عابد, والشهيد محمود الخواجا, وعمار الأعرج, وأيمن الرزاينة, وصلاح شاكر, وأنور سكر, وهنادي جرادات, ويوسف عارف, ومحمود طوالبة, وهديل الهشلمون وضياء تلاحمة ومهند الحلبي وآلاف الشهداء الميامين, إنه عهد الوفاء أخي أبا معاذ والذي لن نحيد عنه أبدا.

كلمات دلالية