خبر الشهيد حسنين لقن الاحتلال درساً في عقر داره والثمن 14 جثة صهيونية

الساعة 08:49 ص|25 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

في الطابق الثاني من عمارة سكنية شبه منعزلة عن المدينة.. بين شوارع مظلمة ..وأشجار لا يُسمع إلا حفيفها .. وسكون الليل بنجومه وقمره في ليلة يخيم عليها الهدوء والسكون القاتل .. دخلنا منزل عائلة الاستشهادي البطل محمد فوزي حسنين، بمدينة جنين، تلك الشقة الصغيرة التي أعيد ترميمها حديثا ولا زالت تحمل بين زواياها عبق الشهداء.

ولد الشهيد محمد فوزي محمود حسنين في مدينة جنين يوم 25/5/1983، في أسرة متواضعة كانت تسكن في بيت مستأجر بحي البيادر بمدينة جنين،  بين 4 من الأخوة و 3 أخوات، وهو الخامس في العائلة. درس للصف السابع في مدرسة ذكور عز الدين القسام الأساسية بمدينة جنين، فترك دراسته وامتهن مهنة الحلاقة حيث كان يعمل لكسب لقمة العيش مع والده وإخوته بعد وفاة والدته وهو في الثامنة من عمره، إضافة إلى مساعدته لوالده في صناعة كعك القدس « بالسمسم ».

صفاته

كان محمد -كما وصفه صهره طارق- بالهادئ وذوي الأخلاق العالية والالتزام بعمله وإتقانه، كما كان يحافظ على صلواته الخمس في المسجد وملازم على قراءة القرآن الكريم.  ويضيف « كان كتوما لا نكاد نشعر بنيته تنفيذ الشيء إلا عندما يحصل ».

أما شقيقه نور فيقول:  في الأسبوع الأخير من حياته كان دائم الالتزام  بصلاته، وكان يتلقى دروس فقه السنة في مسجد جنين الصغير القريب من مكان عمله، ويواصل صيام أيام الاثنين والخميس« .

ويتابع: يوم زفاف شقيقه أشرف شارك في العرس بشكل طبيعي وكأن شيئا لن يحصل، فقد آثر على نفسه ليزف شقيقه عريسا وبعدها بأيام يزف نفسه عريسا للجنة ».

وأضاف: قبل استشهاده بيوم واحد كان عندنا شغل، وعندما عدت للبيت وجدته مستيقظا، وعلى غير عادته لم ينم في غرفته وإنما نام في صالون البيت، وعند استيقاظ والدي الساعة الثالثة فجرا للذهاب إلى عمله وجده مستيقظا ليتفاجأ ويتساءل عن سبب صحوته، فقال له: أصلي قيام الليل وأقرأ القرآن، وفي الصباح بدأ يلاعب شقيقتي الصغيرة حيث كانت في سن العاشرة ، وبعد انتهاءه من اللعب معها ذهب ولم يعد« .

ويقول شقيقه نور: أثناء تواجدنا في العمل ونحن نفتل بالكعك، فجأة قال لي غدا سيكون أجمل يوم بحياتي ، وسألته عن السبب فقال لي: خلص هيك أجمل يوم وبس وكان في حينها صائما ».

يوم الاستشهاد

يوضح نور شقيق الشهيد محمد حسنين، أنهم اعتادوا الوصول للعمل في المخبز الساعة الرابعة عصرا، ولكن يوم استشهاده وصل والدي وصرخ أين محمد، فأجبته: يمكن بعده بشغله بالصالون أو عنده زبائن، فقال لي اذهب وابحث عنه، وتوجهت لصالون الحلاقة الخاص به فلم أجده، وذهبت للمسجد فلم أجده ، علما بأنه كان قد باع جهازه الجوال وأعطى ثمنه لوالده« .

ويضيف ، عدت إلى المخبز، وأخبرت والدي بأنني لم أجد أخي وبدأنا العمل بدونه وبعد ساعتين جاء أحد الجيران وأخبرنا أن هناك عملية استشهادية في الخضيرة، وبطريقة المزاح قال يمكن محمد، وبعد قليل بدأ الجيران يترددون على المخبز ويسألون عن محمد فبدأ والدي يقول » تأخر الولد « ونتيجة المزاح الذي كان من الجيران بدأ والدي يأخذ الأمور على محمل الجد ».

مع أذان المغرب وحلول وقت الإفطار كونها كانت الأيام البيض والغالبية صيام، وعند علمنا بأن صديقه أشرف مفقود، وأثناء تناولي الطعام جاءني هاتف من خالي وأخبرني أن هناك عملية، ومن المحتمل أن يكون محمد منفذها كما يشيع بين الناس، بحسب نور شقيق الشهيد محمد. واستطرد قائلا: تركت طعامي وتوجهت للبيت لأجد الناس متجمهرين قرب باب المنزل والخبر قد تأكد« .

ويقول طارق صهر الشهيد محمد وشقيق الشهيد أشرف الأسمر رفيق دربه » كنت أجلس في محلي التجاري وبدأت الأنباء تتحدث عن تنفيذ عملية استشهادية في الخضيرة، والتحليلات تشير إلى أن المنفذين من جنين كونها قريبة من منطقة العملية وفي حينها كانت غالبية العمليات الاستشهادية من جنين« .

ويضيف: فقدانا الاتصال بشقيقي أشرف وصديقه محمد أعدت البحث عنهما في الأماكن التي يترددان عليها ولم أجدهما، فشعرت أنهما هما من نفذ الهجوم، وبعد نصف ساعة جاءني أحد جيراني وبدأ يسأل أين يعمل أشرف؟ شعرت وبأنه يقول لي أشرف هو منفذ العملية وليس للتأكد من مكان وجوده،  فقمت بإرسال أحد الشبان للسؤال عنه في مكان عمله وبعد عودته أخبرني بأنه لم يجده ولم يتوجه لعمله منذ الصباح ».

وقال: عندما عجزنا عن الوصول لهما وفقدنا آثارهما، أصبح لدي شبه يقين بأنهما هما المنفذين لنبدأ بأخذ احتياطاتنا بإخلاء منزلنا، فلم نبت ليلتها في المنزل، وصار حالنا كحال الجميع ننتظر إعلان أسماء المنفذين حتى وصل الخبر اليقين الساعة الواحدة ليلا".

نسفت قوات الاحتلال منزل الشهيد محمد تزامنا مع هدم منزل الشهيد أشرف حسنين بعد العملية بأسبوع عقب اقتحام وإغلاق لمدينة جنين كرد أولي على التفجير، وتم اعتقال المجموعة المدبرة للعملية واغتيال العقل المدبر ومهندس العملية التي هزت كيان الاحتلال في منطقة مثلث كركور بين الخضيرة والعفولة بتاريخ 21/10/2002، و أسفرت عن مقتل (14) صهيونيا وإصابة أربعين آخرين بجراح.

وجاءت العملية في وقت صعد فيه الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل ومقدساته.

رحل الشهيد محمد حسنين تاركا خلفه صورا كثيرة تحمل الأخلاق والوقار والشهامة والصدق، ترك خلفه أجيالا متعاقبة تتحدث بسيرته العطرة ، سيرة الشهداء الأبطال الذي أوجعوا الاحتلال بضرباتهم في عمق الكيان .

كلمات دلالية