خبر ليلة عزف أبو عبد الله نوتة الوحدة ... فارس الصرفندي

الساعة 09:50 ص|22 أكتوبر 2016

أحد الاصدقاء الإعلاميين في بيروت قام باحصاء ظهور الامين العام للجهاد الاسلامي الدكتور رمضان عبد الله شلح، فوجد انه اقل السياسيين العرب ظهورا على الشاشات واقلهم القاء للخطابات. فمنذ حرب البنيان المرصوص لم يظهر الرجل على الشاشات الا مرتين او ثلاث مرات وبالعادة مواقف حركته يعبر عنها الناطقون باسمها او بعض القياديين فيها.

أبو عبد الله قرر هذا المساء وفي مهرجان انطلاق حركته في قطاع غزة ان يلقي مبادرة سياسية حرص ان تكون نقاطها جامعة للفلسطينيين غير مفرقة وان تكون هذه النقاط للالتقاء لا للخلاف والصراع، فكم من مبادرة فلسطينية القيت لجسر الهوة وفي تفاصيلها مزيد من المفتجرات لزيادة الهوة. النقاط العشر التي وضعها الرجل هي محل إجماع للفلسطينيين ولم اجد نقطة من النقاط العشر يخالفها احد الا من اراد الخلاف لاجل الخلاف. وبقراءة سريعة للنقاط نجد ان الرجل يرى بانه لا يمكن استمرار الالتزام ببنود اتفاق اوسلو والاحتلال الاسرائيلي يدوس في كل يوم هذا الاتفاق بآلياته العسكرية التي تقتحم المدن وتنشر الرعب والإرهاب فيها، والرجل استند إلى ما جاء على لسان قادة السلطة بامكانية اعادة النظر بالالتزام باتفاق اوسلو، وأما فيما يتعلق بسحب الاعتراف بالكيان الاسرائيلي فلا اظن احدا من الفلسطينيين بعيدا عن السياسة والسياسيين يعترف بان لهذا الكيان الحق بشبر واحد في الارض الفلسطينية.

منظمة التحرير واعادة بنائها الدكتور رمضان هو الاكثر ادراكا انه لا يمكن الحديث عن استبدال المنظمة او تجاهلها لانها مازالت البيت الجامع للفلسطينيين رغم التكلس والترهل الذي اصابها ودعوته لاعادة البناء هو تاكيد على اهمية المبنى الذي سيجمع تحت سقفه فصائل العمل الوطني، الدكتور شلح في النقطة الرابعه وضع يده على الجرح وعلى السؤال الاهم: هل نحن في مرحلة الدولة ام في مرحلة تحرر وصولا الى الدولة، وبما ان عناصر الدولة مفقودة تماما فهذا يعني اننا في مرحلة تحرر ومقاومة للمحتل، فحتى اولئك الذين يدعون للحل السلمي هم اليوم يتحدثون عن المقاومة الشعبية والسلميه وايا يكن شكل المقاومة فوجود المقاومة بكافة أشكالها يعني اننا في مرحلة تحرر، وهذه المرحلة لها اولويات حددها ابو عبد الله في البنود التالية، فكيف للفلسطينيين ان يكونوا في مرحلة تحرر عنوانها مقاومةالاحتلال دون انهاء الانقسام الذي حول البنادق لوجهة غير وجهتها.

أما انهاء الانقسام دون تحديد استراتيجية موحدة وواضحة يعني المسير في الظلام دون هدى او سراج منير، وبما ان المعركة - وهنا تكمن الرؤية الثاقبة - معركة بقاء وتمترس على الارض فهذا يعني ضرورة صياغة برنامج وطني لتعزيز هذا الصمود، وللعلم فقاعدة البقاء والاستمرار تمثل الواقعية السياسية في التعاطي مع الواقع الفلسطيني لاسيما في الضفة الغربية، وتقديري ان الدكتور رمضان طرح هذا البند وهو مدرك للمشهد الفلسطيني في الضفة من كافة جوانبه، مبادرة الرجل السياسية لا تغفل اسقاط الحواجز بين الفلسطينيين واعادة اللحمة للفلسطينيين في كافة مناطق وجودهم لاسيما بعد ان شرذم اتفاق اوسلو الفلسطينيين وترك الجزء الاكبر منهم دون غطاء حقيقي بعد ان ضعفت منظمة التحرير لصالح السلطة الفلسطينية التي مثلت الفلسطينيين في الضفة والقطاع فقط.

الدكتور رمضان في مبادرته حاول اعادة القضية الفلسطينية الى عمقها العربي والاسلامي بعد ان ظلت الدوائر الحقيقية للقضية الفلسطينية تصغر الى ان باتت هذه القضية هي هم الفلسطينيين دون غيرهم، وهو الامر الذي ادى الى استفراد الاحتلال بالدائرة الاصغر ، وللامانه فان دعوته لمصر كي تكون حاضرة في إنهاء الحصار على غزة واستفزاز عروبة مصر كي توفق بين محاربة الخطر الذي يواجهها وبين دورها الاقليمي هي عبقرية من الرجل في التعامل مع مصر صاحبة الوزن الأهم في المعادلة العربية.

ولم يغب عن الرجل أن يفعّل الدور الدولي لإدراكه باننا لا نعيش في جزيرة معزولة ومن يتجاهل المعادلات الدولية يكون كمن يرقص في الظلام، وبما أن الفلسطينيين وقعوا على ميثاق روما، فلماذا حتى اللحظة لم يتم تقديم ملفات لمحكمة الجنايات الدولية.

وفي الختام كل ما سبق يحتاج إلى حوار فلسطيني شامل ومستمر يبتعد عن المحاصصة ويقترب من الهم الوطني المشترك .

الأمين العام للجهاد الاسلامي بمبادرته التي طرحها في ذكرى انطلاقة حركته استطاع ان يبتعد عن الفصائلية التي تسيطر على أذهان قادة الفصائل وأن يكون قائدا وطنيا يملك رؤية تجمع ولا تفرق لم يستفز أحدا لا بفكرة ولا بموقف ولم يخالف عاقلا، واستطاع أن يعزف لحنا وحدويا كاملا فيه من كل المقامات ويجد كل عاشق للحن الفلسطيني ضالته في هذه المبادرة.

كلمات دلالية