خبر حقوقيون: الإرادة السياسية للسلطة الفلسطينية بالتوجه للجنايات الدولية مُنعدمة

الساعة 05:13 م|09 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

شكّلت اللجنة الوطنية للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية مدخلًا لملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي لما ارتكبه من جرائم في الضفة الغربية وقطاع غزة.

إلا أن انحصار عمل تلك اللجنة في جمع المعلومات وإعدادها، دون أي خطوات فعلية على أرض الواقع، دفع حقوقيون فلسطينيون للقول، إن الإرادة السياسية بالتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لدى السلطة الفلسطينية « مُنعدمة ».

وكان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قد أصدر مرسومًا رئاسيًا في شهر شباط/ فبراير 2015، أعلن فيه عن تشكيل لجنة وطنية برئاسة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، توكل لها مهمة إعداد وتحضير الوثائق والملفات التي ستقوم رام الله بتقديمها وإحالتها لمحكمة الجنائية الدولية، عبر لجنة فنية ترأسها وزارة الخارجية في حكومة التوافق الوطني.

ووصل وفد المحكمة الجنائية الدولية للأراضي الفلسطينية؛ أمس السبت، وسيعقد على مدار يومين عددًا من اللقاءات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإطلاعهم على صورة ما يقوم به مكتب المدعية العامة حول الفحوصات الأولية للتحقيق في الملفات.

ولا يشمل جدول الوفد زيارة قطاع غزة، فيما سيشارك أعضاؤه في مناسبتين ستقامان في مؤسسات أكاديمية وفي لقاءات مع وسائل الإعلام، كما سيلتقي أعضاء الوفد ممثلي تنظيمات الأمم المتحدة الفاعلة لدى الاحتلال والسلطة الفلسطينية.

بدوره، أوضح عضو اللجنة الوطنية لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية، شعوان جبارين، أن اللجنة قدمت خلال فترة وجيزة معلومات حول جرائم الاحتلال في غزة والضفة وملف الاستيطان.

وأشار في تصريحات خاصة لـ« قدس برس »، إلى أن تم إيداع أكثر من بلاغ لدى المحكمة الدولية « التي بدورها تقوم بمراجعة بالمعلومات التي تتوفر لديها ».

وقال جبارين، إن اللجنة ليست الجهة صاحب القرار النهائي بتقديم الإحالة للمحكمة الدولية، مبينًا أن « دورها ينحصر في توصية منظمة التحرير والضغط والطلب باتخاذ هذا القرار وعدم الإكتفاء بما قدم ».

ولفت النظر إلى أن « الأمر (تقديم الإحالة إلى الجنايات الدولية) قيد الدراسة وسط آراء قانونية حول جدوى الإحالة في الوقت الحالي ».

وتابع: « الإرادة السياسية متوفرة بالتوجه الحقيقي للمحكمة الجنائية، ولكن قرار الإحالة  يرفع ملف كامل بالوضع الفلسطيني، وليس ملفًا لوحده ولا ضمانة بأن يتم التحقيق في كل ملف يتم إحالته للمحكمة الجنائية ».

من جانبه، رفض رئيس « المرصد الأورومتوسطي » لحقوق الإنسان، رامي عبده، حضور لقاء مع وفد المحكمة الجنائية الدولية لعدم زيارته لقطاع غزة.

وشدد على أن الجرائم المرتكبة بحق قطاع غزة أهم ملفات الإحالة التي يمكن محاكمة الاحتلال عليها، موضحًا أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية أعلنت أن الوفد يزور « إسرائيل » والأراضي الفلسطينية « بهدف التوعية والتثقيف بالمحكمة ».

ورأى عبده في حديث لـ « قدس برس »، اليوم السبت، أن زيارة وفد الجنايات الدولي « لا قيمة لها وليس لها علاقة بملاحقة الاحتلال والتحقيق في جرائمة ».

مستدركًا: « الشعب الذي كان ينتظر موقفًا من المحكمة الجنائية لا يحتاج هذا النوع من التثقيف فيدرك طبيعة مهام هذه المحكمة ».

واعتبر أن السلطة الفلسطينية؛ كونها طرفًا موقعًا على الإنضمام للمحكمة الدولية « يتطلب منها تقديم طلب إحالة في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال؛ سواء عام أو مقيد، وليس انتظار تحقيق المدعي العام بالمحكمة الجنائية بناء على ما يصلها من معلومات ، وتقارير حول جرائم الاحتلال ».

واتهم السلطة بأنها « أفرغت » أهمية محكمة الجنائية من مضمونها، عبر تشكيل اللجنة الوطنية، مستطردًا: « السلطة قامت بتوظيف عنوان المحكمة الجنائية لتحقيق نفعية سياسية لها وكان عليها طلب إحالة بجرائم الاستيطان ».

وأضاف: « تشكيل اللجنة جاء بهدف تزويد المحكمة ببيانات وتقارير حول جرائم الاحتلال على أمل أن يقوم المدعي العام للمحكمة بفتح تحقيق جنائي، وهو أمر لا يمكن أن يتم لأن منصب المدعي العام سياسي وينتج عن توافقات دولية ».

وأكد الحقوقي الفلسطيني أن المحكمة الدولية « لن تكون أكثر حرصًا على الفلسطينيين من أنفسهم، ومهام اللجنة الوطنية الفلسطينية التي شكلتها السلطة تقوم بها المنظمات الحقوقية ».

وتساءل عبده: « كيف يتولى عريقات رئاسة لجنة المتابعة التي من مهامها العمل على جلب قادة الاحتلال، وفي نفس الوقت يقوم بالمشاركة بجنازة أحد أبرز المطلوبين من قادة الاحتلال (شيمعون بيريز) لارتكابه جرائم حرب؟! ».

وفي السياق ذاته، شدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، على أن الإرادة السياسية للسلطة الفلسطينية قائمة بالتوجه لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم ضمن الأنظمة المتبعة في المحكمة الجنائية.

ولفت أبو يوسف النظر (وهو عضو باللجنة الوطنية المكلفة بإعداد وجمع المعلومات لرفعها للجنائبة الدولية)، إلى أن عدة أنظمة تحكم عمل المحكمة الجنائية والموقف القائم اليوم حول انتظار عمل المدعي العام لمحكمة الجنايات.

وأفاد في تصريح خاص لـ « قدس برس »، أن مدعي عام الجنايات الدولية يبحث في التقارير التي قدمتها اللجنة للمحكمة لملاحقة الاحتلال وقادته، « ويتم فحص أولي لهذه الملفات، والقيادة في انتظار نتيجة هذا الفحص، وقد تقرر لاحقًا إحالة ملفات للمحكمة بناء على قرار المدعي العام ».

وتابع: « زيارة وفد المحكمة الجنائية برتوكولية، وجاءت بهدف تثقيفي ووضع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في صورة عمل اللجنة، وليس التحقيق في مجريات الأحداث ».

وذكر المسؤول الفلسطيني، أن اللجنة الوطنية قدمت بيانات ومعلومات بشكل كامل حول ملف الاستيطان والأسرى والحرب على غزة، وجرائم المستوطنين، والتصفيات الميدانية، للمحكمة الجنائية.

ومن الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة، كانت قد أعلنت في يناير 2015 قبول فلسطين كعضو في المحكمة، وانضمامها لاتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، والتي دخلت حيز التطبيق بعد 3 أشهر.

كلمات دلالية