خبر معونة أميركا العسكرية لـ« إسرائيل » والصراع ضد إيران

الساعة 05:39 ص|19 سبتمبر 2016

فلسطين اليوم

حلمي موسى

لم يجد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كلاماً للرد على منتقديه الكثر بسبب اتفاقية المعونة العسكرية الأميركية للعقد المقبل والبالغة 38 مليار دولار سوى القول بأنه لم يعرض على إسرائيل أي دولار أكثر. وجاء هذا الكلام في موضع الرد على ما قيل بأنه سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشي يعلون، أن اتفق مع نظيره الأميركي أشتون كارتر على أن تكون المعونة للعقد المقبل بقيمة 45 مليار. وكان نتنياهو قد أوحى للمقربين منه بأنه يمكنه أن يحصل من الإدارة على ما لا يقل عن 50 مليار دولار للعقد المقبل.

وتشهد إسرائيل هذه الأيام سجالات ساخنة جداً بين المعارضين والموالين والخبراء حول ما إذا كان ممكناً أن تكون اتفاقية المعونة أكبر من التي تم التوقيع عليها. وبعيدا عن المناكفة الطبيعية بين الموالاة والمعارضة يمكن الافتراض أن لسوء العلاقات الشخصية بين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما تأثير كبير على النتيجة. وواضح أن نتنياهو تعمّد مرارا الاصطدام بالرئيس أوباما سواء أثناء معاركه الانتخابية أو بسبب الاتفاق النووي مع إيران. وكان واضحا أيضا أن نتنياهو يميل للجمهوريين، خصوصا من يحملون رؤى متطرفة أكثر. وطبيعي أن لا تقوم علاقات جيدة بين نتنياهو وأوباما.

ولكن، بالمقابل، حاول أوباما طوال سني حكمه في ولايتيه اثبات أنه الأكثر دعما لإسرائيل بين كل رؤساء أميركا. وسمح أوباما لنفسه ليس فقط بتوسيع تمويل برامج التسلح الإسرائيلية وإنما أيضا بتجنب الضغط عليها في المحافل الدولية رغم شدة الاختلاف السياسي. ولذلك ثمة من يرى في رفع إجمالي مبلغ المعونة إلى 38 مليار دولار إشارة واضحة إلى رغبته في الحفاظ على هذه الصورة رغم شدة اشمئزازه من نتنياهو.

ومع ذلك، ولاعتبارات كثيرة، بينها الوضع الاقتصادي الأميركي وتراجع دور أميركا في العالم عموما وفي المنطقة العربية خصوصا، بدا أن اتفاقية المعونة، في جوهرها، عبّرت عن ذلك أيضا. وما إصرار إدارة أوباما على حصر التمويل الأميركي لإسرائيل في رزمة واحدة والحصول على تعهد من إسرائيل بعدم طلب معونات إضافية من الكونغرس إلا واحدا من بين القيود الجديدة. وعدا ذلك هناك البند الآخر الذي يحظر على إسرائيل بالتدريج استخدام أموال المعونة لشراء منتجات عسكرية من الصناعات الإسرائيلية، والذي يكبّد هذه الصناعات خسائر مستقبلية كبيرة.

وقد أثار اتفاق المعونة عددا من أنصار إسرائيل الجمهوريين في الكونغرس الذين رأوا أنه مجحف بحق الدولة العبرية ويريدون منحها أكثر. ومن بين هؤلاء الجمهوريين السيناتور المشهور بدعمه لإسرائيل، لندوي غراهام، الــــذي يعتقد أن الاتفاق ليس سخيا بما يكــفي. وفي نهاية الاسبوع انتقد غراهام نتنياهو وزعم أنه بتوقيعه على اتفاق المساعدات «سحب البساط من تحت أقدام اصدقاء اسرائيل في الكونغرس».

كل هذه الثغرات لم تغير من واقع الحال شيئا، فأميركا هي الداعم الأكبر لإسرائيل. ورغم أن لأميركا حلفاء في مختلف نحاء العالم يتلقون منها الدعم إلا أن إسرائيل وحدها تنال حصة الأسد وأكثر من نصف كعكة المساعدات الأميركية لدول العالم. وتتيح هذه المعونة لإسرائيل توجيه مقدراتها نحو أمور أخرى أكثر أهمية. وهكذا ربما نجد أن مستوى الخدمات الاجتماعية في إسرائيل أفضل من تلك الموجودة في الولايات المتحدة نفسها.

وعموما فإن الاتفاق مع أميركا ليس مجرد دعم مالي مهما كبر بل يتخطاه إلى توطيد العلاقات الاستخبارية والأمنية. وحسب صحف إسرائيلية فإن أوباما كان عرض على نتنياهو قبل إبرام الاتفاق مع إيران التعاون الاستخباري والكفاح المشترك ضد ايران و»حزب الله» وشؤون اقليمية اخرى مثل الازمة في سوريا. ولكن نتنياهو رفض هذا الاقتراح وفضل الــتركيز على مقاومة الاتفاق مع ايـــــران. في كل حال هناك قناعة واســــعة في إسرائيل بأنه لو لجأ نتنــــياهو إلى أسلوب التـــــفاهم مع أوباما بدلا من مناكفــــته لنالت إسرائيل معونة أكبر بكثير.

وعدا ذلك فإن العلاقات مع أميركا تسمح لإسرائيل بامتلاك قدرات للتأثير في دول أخرى. وعدا عن الغزل القائم بين إسرائيل وعدد من الدول العربية فإن إسرائيل تحتفظ بعلاقات مميزة مع دول أوروبية، خصوصا ألمانيا. وتستغل إسرائيل شعور الألمان بالذنب تجاه اليهود بسبب المحرقة النازية، وتحصل على كثير من المساعدات. غير أن المساعدة الألمانية الأهم لإسرائيل هي تلك القائمة في المجال الاستراتيجي خصوصا في منح إسرائيل بشروط ميسرة وتمويل جزئي، أسطولا من الغواصات الحديثة القادرة على حمل رؤوس نووية وبالتالي توفر لإسرائيل القدرة على توجيه الضربة النووية الثانية.

صحيح أن في إسرائيل جهات كثيرة تنتقد نتنياهو على إضراره بالعلاقات مع دول العالم وخصوصا في الاتحاد الأوروبي جراء عرقلته لكل محاولات تقريب التسوية السياسية، إلا أن ذلك لم يمنع، كما يبدو، تطوير العلاقات في ميادين أمنية. وليس مستبعدا أن يحاول نتنياهو في الأسبوع المقبل وأثناء دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك إظهار أن إسرائيل ليست معزولة وأن رئيسها يستطيع الاجتماع بعدد من رؤساء الدول. وطبيعي أن إسرائيل استمرأت مؤخرا اللقاءات مع قادة أفريقيا كسبيل لإظهار أنها لا تعيش في عزلة سياسية ولكن من المؤكد أن لقاء مع زعيم إسلامي أو عربي قد يبدو مدويا. وتزداد رغبة نتنياهو في عقد لقاء كهذا خصوصا إذا أخفقت المساعي الجارية لعقد لقاء بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما.

كلمات دلالية