خبر عن «طهارة سلاح» إسرائيل وإعدام الأسرى!

الساعة 05:52 ص|17 سبتمبر 2016

فلسطين اليوم

حلمي موسى 

على الرغم من أن القرائن على اعدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لأسرى عرب كثيرة، إلا أنها في الغالب كانت تصدر عن جهات عربية. وبين وقت وآخر كانت شهادات بعض الجنود أو القادة السابقين تكشف النقاب عن بعض جرائم الحرب هذه، والتي أغلبها جرى في حربَي السويس وحزيران 1967. ومع ذلك، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر الجيوش في العالم حديثاً عن طهارة السلاح وأخلاقيات القتال. ولربما أن قضية الجندي أزاريا الذي أعدم أسيراً فلسطينياً جريحاً أمام الكاميرات هي ما قادت أخيراً إلى احتدام النقاش حول المسألة في وسائل الإعلام الإسرائيلية في ظلّ تضارب مواقف المسؤولين.

وكان واضحاً، وفق الكثير من المعطيات والدلائل، أن جانباً من الملاحقة الرسمية الإسرائيلية للجندي أزاريا تنبع من الخوف من أن عدم تقديمه للمحاكمة، يُمكن أن يُسهّل الادعاء على إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية. فالجريمة مكتملة الأركان، ولا يُمكن للقضاء الإسرائيلي مواصلة ادعاء النزاهة والاستقلالية من دون تقديمه للمحاكمة على الأقل بتهمة «القتل غير العمد».

وفي الماضي، كان من بين أبرز فضائح إسرائيل ما نشرته صحيفة «حداشوت» في الثمانينيات عن إعدام عناصر «الشاباك» الإسرائيلي لأسير فلسطيني شارك في عملية احتجاز حافلة بقصد الدفع نحو تبادل أسرى. وعُرفت تلك القضية بفضيحة «الخط رقم 30»، والتي قاد كشفها إلى ملاحقة عدد من قادة «الشاباك»، تمّ العفو عنهم لاحقاً من قبل الرئيس الإسرائيلي.

وأمس، نشر رئيس تحرير «هآرتس»، ألوف بن مقالةً حول إعدام الجيش الإسرائيلي للأسرى. وأشار بعيداً عن التفاصيل، إلى قضية لم يُحدّد مكانها وزمانها، على الرغم من أن تفاصيلها واضحة لديه، عن إعدام الجيش الإسرائيلي لعشرات الأسرى العرب بعضهم كان مُصاباً بجروح بليغة. وأوضح أن الضابط الذي أمر بإعدام الأسرى حُوكم ونال عقوبة سخيفة، لكن تمّت ترقية قائده ووصل إلى المراتب العليا في الجيش بعد طمس وتشويش التحقيق.

وبحسب ألوف بن، فإن «عشرات أسرى الحرب كانوا، قد استسلموا في نهاية المعارك وتركوا سلاحهم. البعض منهم كانوا مصابين إصابات بليغة، جمعهم مُقاتلو الجيش الاسرائيلي الذين سيطروا على المكان الذي استسلموا فيه، في ساحة داخلية مُحاطة بسور، وقدّموا لهم الغذاء وتحدّثوا معهم عن الحياة وعن الخدمة في الجيش. ولكن بعد بضع ساعات تمّ إرسال الجنود إلى مهمة أخرى، وحلّت بدلاً منهم قوة أخرى من الجيش الاسرائيلي. وأثار هذا الاستبدال التردّد في أوساط الضباط في المكان، كيف يجب التصرّف مع جنود العدو الذين استسلموا، لأن القوة الجديدة رفضت أن تكون مسؤولة عنهم، ولم يكن لدى القوة التي ستُغادر وسائل لوجستية لقيادة أسرى الحرب.

وأضاف أن «قائد الفرقة في الميدان أمر جنوده بقتلهم. وحسب الشهادات التي وصلت إلى «هآرتس»، فقد تمّ إيقاف الأسرى كل ثلاثة معاً، وأمروهم بالاستدارة، ومن ثمّ أُطلِقت عليهم النار في ظهورهم حتى الموت. أحد الضباط الأسرى الذي كان مُترجماّ وهرب، تمّ إطلاق النار عليه من قبل مُقاتلي القوة الجديدة الذين كانوا في الجيب العسكري. وبعد القتل، قامت جرّافة الجيش الإسرائيلي بوضع الجثث في حفرة وغطّتها بالتراب».

ونقل بن عن روايتَين اطلعت عليهما «هآرتس» حول الحادثة، واحدة لشخص زعم أنه رفض تنفيذ الأمر. فقد أمره القائد بالنزول وإعدام الأسرى المصابين. وقد رفض لأن المصابين كانوا سألوه قبل ذلك إن كان سيتمّ قتلهم. وهو اجابهم أنه لن يتمّ قتلهم. وقال الضابط إنه سيُحاكمه بسبب عدم تنفيذه للأمر، لكنّه كان مُصمّماً على رفضه. وعندها تطوّع شخص آخر، وهو الشاهد الثاني، وقام بتنفيذ الأمر».

أما الرواية الثانية فهي شهادة الشاهد الثاني (الذي اعترف بأنه شارك مع ثلاثة أشخاص آخرين في إعدام الأسرى)، تتداخل بشكل أو بآخر مع أقوال الشاهد الأول، على الرغم من أنه لم تكن هناك صلة بينهما ولم يعرف أي واحد منهما أن الموضوع يتمّ نقاشه مع الطرف الآخر.

أحد الفوارق: الشاهد ادعى أنه رفض تنفيذ الأمر، وبعد ذلك عندما طلب منه الضابط ثانية ذلك، وافق على التنفيذ. وأضاف، أنه بعد إطلاق النار على الأسرى، اقتربوا منهم وأطلقوا عليهم مرة أخرى من مسافة خمسة أمتار للتأكد من القتل.

وأشار بن إلى أن الجيش الإسرائيلي أُجرى تحقيقاً في الحادثة، قاد إلى محاكمة قائد الفرقة بتهمة الإعدام، وحُكم عليه بثلاث سنوات سجن، ولكن أطلق سراحه بعد ثلاثة أشهر. وزعم قائد الفرقة بأنه تلقّى أمر إعدام الأسرى من المسؤول عنه، الذي أصبح في ما بعد من القادة الرفيعين في الجيش. وليس واضحاً إن كان تمّ التحقيق مع المسؤول في الجيش، لكنّه لم يُحاكم في القضية.

واعتبر بن إعدام عشرات أسرى الحرب هو جريمة حرب خطيرة في تاريخ الجيش الاسرائيلي، لكن الجيش طمس القضية. ورأى أن الكشف عن التفاصيل مهم اليوم أيضاً من أجل فهم التاريخ الأخلاقي للجيش الاسرائيلي واستخلاص الدروس التربوية والقيادية من أجل المستقبل.

كلمات دلالية