خبر مؤسسة حقوقية إسرائيلية تظهر بعض جوانب التجاوزات الاحتلالية بحق شعبنا

الساعة 04:32 م|31 أغسطس 2016

فلسطين اليوم

تدعي ما تسمى بهيئة « منسّق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق » الفلسطينية، على موقعها الالكتروني، بأنها تسعى لتأمين رفاهيّة السكّان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتسهم في تطوّرهم وتقدّمهم. بيد أن المعلومات المغلوطة والمشوهة التي تقدمها هذه الهيئة عبر هذا الموقع تشكّل برمتها، استخفافا عميقا بالفلسطينيّين وبدافعي الضرائب الإسرائيليّين الذين تمول هذه الوحدة من أموالهم.

جاء ذلك في تقرير لـ« چيشاه–مسلك »، مركز للدفاع عن حريّة التنقل، هي مؤسسة حقوق إنسان إسرائيلية، مساء اليوم الأربعاء.

وللكثير من الإسرائيليين لا يعني مصطلح « منسّق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق » شيئًا. ورغم أنها غير معروفة نسبيًا، إلا أنها وحدةٍ كبيرةٍ في وزارة الجيش الإسرائيلي يترأسها جنرال. ويشغل هذا المنصب اليوم الجنرال يوآف « بولي » مردخاي. يورد تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية.

هذه الهيئة هي الهيئة المسؤولة عن تنسيق وتطبيق السياسات المدنيّة للحكومة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالجمهور الفلسطينيّ في قطاع غزّة والضفة الغربيّة. الملايين من الأشخاص تتعلّق مصالحهم اليومية بـ« منسّق أعمال الحكومة في المناطق »، وحتى في حاجاتهم الأساسيّة، كإصدار رخص بناء، تراخيص تجّارة، زيارة أبناء العائلة والحصول على تصريح للخروج إلى إسرائيل أو إلى دول الخارج.

ويقول تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية: إن هذه الهيئة تدّعي، من ضمن ما تدّعيه، بأنها تسعى لتأمين رفاهيّة السكّان وتسهم في تطوّرهم وتقدّمهم. وبهدف تنظيم الحياة المدنيّة للسكّان الخاضعين لمسؤوليته، يقوم المنسّق، كأيّ هيئة سلطويّة، بصياغة قوائم من الانظمة والإجراءات الادارية، والتي من المفترض أن تفصّل طريقة عمل هذه الوحدة، وعلى وجه الخصوص، أن تفصّل كيفيّة سير عمل الوحدة أمام الجمهور الفلسطيني الذي من المفترض أن تخدمه.

وأضاف، أن الجمهور الذي من المفترض أن تقدّم هذه الوحدة خدماتها إليه، ولربما تكون هذه المعلومة مفاجئة للبعض، يتحدث اللغة العربيّة. فهل من المنطقي أن يتمّ نشر الإجراءات الإداريّة لهذه الهيئة باللغة العربيّة؟ منطقي طبعًا! هل يحدث هذا عمليًا؟ ليس تمامًا.

وبين أن موقع الإنترنت الخاص بـ« منسّق أعمال الحكومة » معطل منذ أكثر من عام، وقد صدرت وعود بأن يتمّ إطلاق الموقع من جديد « في نهاية شهر آب ». بينما حاليًا، يتمّ نشر الإجراءات المختلفة على موقع انترنت مؤقت، وحتى هذا الموقع أقيم بعد صراع قضائي طويل ومنهك خاضته جمعية « جيشاه-مسلك ».

ومنذ مدة طويلة تقوم « چيشاه-مسلك »، وفق التقرير، ببذل جهود كبيرة لإجبار الدولة « إسرائيل » على توفير الوثائق الهامة للجمهور الفلسطينيّ في لغته، بما فيها تلك الوثائق التي تفصّل القوانين، الأنظمة والأوامر الإداريّة وغيرها. لقد أدّت جهودنا إلى حمل المحكمة الإسرائيلية على إصدار تعليمات لـ« منسّق أعمال الحكومة في المناطق » بنشر سلسلة من الإجراءات التي لم تنشر من قبل، خصوصًا باللغة العربيّة.

وجاء في تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية أنه في نهاية أيار، نُشر على الموقع المؤقت للمنسّق ترجمة للعربية لواحدة من الوثائق الهامّة، وهي وثيقة « وضع الأذونات في ظل الإغلاق » باللغة العربيّة.  هذه الوثيقة هي الإعلان الرسمي الذي بموجبه يتم تحديث المعايير الخاصة بتنقّل الفلسطينيّين من سكّان كل من قطاع غزّة والضفة الغربيّة، ويشكّل ما يشبه دليلاً من الأنظمة والإجراءات الإداريّة.

وقال التقرير: إن واحدة من الحجج التي قدمتها « الدولة »(سلطات الاحتلال) أمام المحكمة كتبرير للتأجيل الذي حصل في نشر الوثائق بالعربيّة هي اضطرارها إلى استبدال الشركة الخارجيّة التي تقوم بأعمال الترجمة. وقد حصل الأمر بعد أن قمنا بالإشارة إلى ترجمات سخيفة وعديمة المعنى تمّ نشرها في الماضي. وقد تمّ استبدال شركة الترجمة، كما ادعى « منسّق أعمال الحكومة »، وتمّت مراجعة عملها من قبل الجهات المهنيّة.

وتابع التقرير: قمنا نحن بالفحص أيضًا، بهدف التأكّد، لا بهدف التشكيك في مهنيّة وصدق النوايا، لا قدّر الله. فماذا اكتشفنا؟.  اكتشفنا بأن الترجمة تبدو، في معظمها، وكأنها قد تمّت عبر شركة الترجمة الشهيرة « غوغل ترانسليت ».

إليكم جوهرتين مقتبستين من الترجمات:

النص في العبريّة: « الفحوصات الطبيّة المطلوبة بهدف الإجراءات القضائية – خاضع لوجود أمر يفرض القيام بالفحص الطبّي، أو، بدلا عن ذلك، استصدار رأي طبي يقول بأن الخضوع للفحص ضروري من أجل الإجراء القضائي ».

هذه معلومة هامة جدا، خصوصا إذا بالنسبة للأشخاص من سكّان غزّة، الذين بحاجة إلى القيام بفحص طبي في إطار إجراء قضائي.

لقد اختار « منسّق أعمال الحكومة في المناطق » تسهيل وصول هذه المعلومة الضروريّة بهذه الصياغة في اللغة العربية:

« احتياجات إجراء الفحوص الطبيّة اللازمة لإجراءات قانونيّة تخضع لوجود المعلّم إجراء فحص طبي أو الرأي الطبي أن الاختبار ضروري للإجراءات القانوني ».

وقال تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية: إن كلمة « يفرض »  قد ترجمت إلى كلمة « المعلّم ». العربيّة. بمعنى معلّم في مدرسة. فقد تمّ استخدام اسم المهنة بدلا من الفعل المضارع « يفرض/ يقضي » في الجملة الأصليّة، إلى جانب إفراغ هذه الجملة تمامًا من مضمونها. فما الذي ستفعله المريضة، مثلًا، التي تحتاج إلى إجراء علاج طبي حين يتركها هذا النص المترجم محتارة ومرتبكة. فلنقترح عليها أن تحاول فهم ترجمة وثيقة وضع الأذونات. فلربما تجد عزاءا في بند الأذونات الخاصة التي تُمنَح لأبناء عائلات الشخصيات الرفيعة في السلطة.

فقد وردت في النصّ الأصلي – في اللغة العبريّة من ذلك البند عبارة: « يسمح للأقارب من ذوي الدرجة الأولى لحملة وثائق VIP1 ». لقد تمّت ترجمة كلمة « يُسمح » بالعبريّة، والتي تعني السماح، إلى كلمة « سعيد » باللغة العربيّة. بما يعني الفرح، ووردت مرتين في الصفحتين المذكورتين.

وأضاف تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية أن هذه الجملة مُنتزعة تمامًا من السياق وفاقدة لأي معنًا. ولا يبدو لنا بأن أي شخص – ناهيك عن أي مترجم مهني – سينجح في أن يرتكب مثل هذا الخطأ في الترجمة.

هذان مجرد مثالان اثنان فقط من تشكيلة واسعة ومثيرة للإحباط من النصوص، تشمل جملا كاملة تمّ حذفها من الوثيقة، فقرات فاقدة تماما لأي معنى، وأخطاء تفيض عن القدرة على العدّ (حاولنا أن نعدها، وأصبنا باليأس بعد اكتشافنا لعشرات الأخطاء الأساسيّة).

وهكذا، وبعد شهور من العناد الذي أبدته جمعيّة « چيشاه-مسلك »، نجح « منسّق أعمال الحكومة في المناطق » بصياغة وثيقة جزء منها غير مفهوم، جزء منها فاقد لأي معنى، وتشكّل برمتها، استخفاف عميق بالفلسطينيّين الذين يحتاجون إلى هذا النوع من المعلومات، وكذلك أيضًا بدافعي الضرائب الإسرائيليّين الذين يتمّ تمويل وحدة « تنسيق أعمال الحكومة في المناطق » من أموالهم. يورد تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية.

وبحسب تقرير الإعلام التابع للوحدة، فقد قام « منسّق أعمال الحكومة في المناطق » بصرف نحو 25 ألف شيكل في العام 2015 على الترجمة. نأمل ألا يكون قد صرف شيكل واحد من هذا المبلغ على صياغة الوثيقة المذكورة أعلاه.

وقال التقرير: تشمل خطّة « العصى والجزر » الهادفة إلى الالتفاف على السلطة الفلسطينيّة، الذي أعلنها وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان خلال الأسبوع الماضي، بندًا مثيرًا للاهتمام: إقامة موقع إخباريّ باللغة العربيّة، تتمّ إدارته من قبل « منسّق أعمال الحكومة في المناطق » ويتمّ تمويله بعشرة ملايين شيكل.

وأضاف، أن صفحة الفيسبوك الخاصة بهذه الوحدة باللغة العربيّة (حيث لا تقوم الوحدة بنشر منشوراتها باللغة العبريّة. بل بالإنجليزيّة والعربيّة) هي صفحة ناشطة أكثر من أي وقت مضى. حين يكون الأمر مرتبطا بنشر الدعاية السياسيّة، فالعاملون في وحدة « منسّق أعمال الحكومة » لا يجدون مشكلة في العثور على الكلمات المناسبة باللغة المطلوبة. أما وحين يتوجّب نشر معلومات هامة للجمهور تتعلق بحاجاتهم الحياتيّة الأكثر أساسيّة، وهو بالمناسبة جوهر عمل « منسّق أعمال الحكومة في المناطق »، فإنهم، وبشكل مفاجئ يبحثون عن العربيّة فلا يجدونها.

كلمات دلالية