تقرير كنز من ذهب في الخليل.. اكتشفوه

فلسطين اليوم

تستعد العائلات الفلسطينية في مدينة الخليل بالضفة الغربية في هذا الوقت من كل عام لتحضير ما اعتادت عليه من منتجات العنب من "دبس و ملبن و مربى"، حيث تعتبر هذه المنتجات من الموروثات التاريخية للفلسطينيين في المدينة تحديداً، كما أنها تعتبر باب رزق للكثيرين منهم.

و يعتبر "الدبس" أحد أهم العناصر الغذائية في فصل الشتاء، نظراً للكم الكبير من الطاقة التي يحتويها، في فصل الشتاء الأكثر برودة في المدينة.

و يحرص الكثير من المواطنين بالمدينة لا سيما من يمتلكون كروم العنب على إعداد هذه المنتجات و خصوصاً "الدبس" من أجل تخزينه "كمونة للشتاء"، و ويقومون ببيع الفائض عن حاجتهم الى عائلات أخرى لا تمتلك أراضي يزرع فيها كروم العنب، و تسعى للحصول عليه لأنها تدرك أهميته من بين أصناف الأغذية لها ولأبنائها نظرا لاحتوائه على الكثير من العناصر الغذائية.

و عن طريقة تحضير "الدبس الخليلي" تتحدث أم علاء نوفل من بلدة دورا بالخليل لـــ "وكالة فلسطين اليوم الاخبارية" قائلة: "بعد أن ينضج العنب جيداً، يتم قطفه وغسله ، ثم يوضع في أواني ليتم عصره و اخراج البذور و القشور منه، ثم يوضع عصير العنب في قدر كبير يسمى "الدست"، ثم يضاف إليه "الحِوّر"، و هو نوع من أنواع الأتربة الموجودة في جبال الخليل، ثم يوضع على النار، وعندما يبدأ بالغليان تصعد الشوائب للأعلى ويترسب "الحور" في الأسفل، يصفى العصير من جديد ويوضع مرة أخرى في "الدست"، لتبدأ مرحلة الغليان النهائي حتى يتكاثف ليكون ما يعرف بـ" الدبس"، ثم يترك الدبس وقتاً من الزمن حتى يبرد ثم يُحفظ في أواني بلاستيكية أو زجاجية، لاستخدامها في المنزل أو حتى بيعها في الأسواق.

من ناحيتها أم فادي من بلدة "بيت كاحل" شمال الخليل فأوضحت بأن موسم اعداد منتجات العنب يعتبر من المناسبات السعيدة التي يلتئم فيها الأقارب مع بعضهم كمناسبة العيد، تُصنع فيها أنواع متعددة من منتجات العنب، كالدبس و الملبن و المربى، حيث تشكل هذه المنتجات عنصرا غذائيا هاماً في الصيف و الشتاء، كما يُعتبر مصدر رزق للكثيرين منها، حيث يتم بيع الفائض عن الحاجة.

و أضافت إن عائلتها تقوم بإعداد "دبس العنب" في مثل هذا الوقت من كل عام، حتى نقوم بتخزين ما نحتاج، ثم نبيع ما يتبقى، حيث يعود علينا بمردود مالي جيد.

و حول الفائدة الصحية في تناول دبس العنب، أوضح خبير التغذية، د. بدر الصفدي بأن العنب ثمرة ذكرت في القرآن الكريم، لما له من أهمية في النظام الغذائي للانسان.

و أشار في حديث لـــ "وكالة فلسطين اليوم الاخبارية" بأن تناول دبس العنب له قيمة غذائية هامة حيث أنه يحتوي على العديد من الفيتامينات، مثل فيتامين A,C,B

و أكد بأن مشتقات العنب، و منها الدبس يحتوي على الحديد والبوتاسيوم والزنك والسكريات الأحادية البسيطة لذلك يمكن القول أنه يمنح الطاقة للإنسان في فصل الشتاء ،ويقوم بتقوية الجهاز العصبي المركزي ويطرد الفيروسات من الجسم عن طريق المادة المنقية للجسم ويعزز الجهاز المناعي داخل الجسم.

و نصح الصفدي النساء الحوامل بتناول العنب و مشتقاته، حيث أنه يساعد في تقوية نسبة الحديد في الجسم، كما أن له فوائد كبيرة في مرحلة الرضاعة الطبيعية لدى الأطفال، كما أنه يحتوي على حمض الفوليك الذي يمنع التشوهات لدى النساء الحوامل.

و أشار الى أن دبس العنب يقي الانسان من أمراض القلب و تصلب الشرايين، بسبب قلة المواد المؤكسدة الموجودة فيه، مضيفاً بأن هناك دراسات اثبتت بان تناول العنب و مشتقاته تقي الانسان من الزهايمر عند مرحلة الشيخوخة.

و من الفوائد الهامة لدبس العنب، اضاف الصفدي ان الدبس يساعد على تقوية الذاكرة و يؤثر في قدرة الدماغ لأن العنب يساعد على ضخ الدم الى الدماغ، و من ثم تقويته و تقوية الذاكرة لدى الانسان.

و أشار في سياق حديثه الى رد احد الأطباء الامريكيين حين عرض عليه أحد طلبة الخليل زجاجة من "دبس العنب", و أجرى عليها فحوصات و دراسات و تحليلات بيوكيميائية، حيث قال: " عجبت لأهل الخليل كيف يمرضون وعندهم الدبس".

ويساهم العنب بحوالي 12% من مجمل الإنتاج الزراعي ويحتل المرتبة الثانية بعد الزيتون من حيث كمية الإنتاج، وتقدر مساحة الأراضي المزروعة بكروم العنب بأكثر من 80 ألف دونم منها حوالي 45 ألفا في محافظة الخليل و15 ألفا في محافظة بيت لحم.

وتقدر كمية الإنتاج السنوية من هذا المحصول بحوالي 80 ألف طن سنويا.

و اشتهرت منطقة الخليل بزراعة العنب وارتبطت جودته باسمها وتنوعت أصنافه لتزيد عن 15 صنفا، وتكثر زراعته في مدينة الخليل وبلدات بيت امر وحلحول والعروب وسعير والشيوخ ودورا.

و أطلق المزارعون الفلسطينيون في الايام القليلة الماضية موسم تصنيع منتجات العنب، وبدأ مزارعو الخليل التي تعتبر الاكثر شهرة في زراعة العنب في فلسطين، عملية تصنيع مشتقات العنب المختلفة، مثل الدبس والزبيب والملبن والعنبية وغيرها من المنتجات المشتقة من العنب .