خبر الفائز خاسر !! ..د.أحمد الشقاقي

الساعة 06:19 ص|28 أغسطس 2016

تحظى الانتخابات المحلية بمساحة كبيرة من الاهتمام على الصعيد الرسمي من قبل الأحزاب والفصائل، وأصبح الشاغل الأول للتنظيمات البحث في رفع مستوي مؤشرات قبولها لدي الشارع والجمهور، ومن خلال عدة مؤشرات نلحظ توجهاً فصائلياً نحو كشف حساب إحصائي في الشارع تحت بوابة الشعارات وبعيدا عن جدية البرامج والخدمات.

ذهبت بنا الفصائل وقوائمها الانتخابية نحو سجالات من المبكر الخوض فيها، وبتنا عرضة لأرقام وإحصائيات مسبقة عن نتائج يوم الاقتراع، ما فتح الباب أمام مناكفات حزبية في دواعي وأسباب انحصار ترشح قوائم بعينها في دوائر الهيئات المحلية وخصوصا في محافظات الضفة الغربية. 

مسألة الفوز والخسارة باتت معادلة الساعة، ويتنادي المراهنون الآن على وضع توقعات ورسم محددات لسقف الفوز لكل قائمة، بعد أن تمكنت الفصائل مجددا من العودة بنا إلى المربع الأول، ولتشتد حدة الانقسام وتتلخص أهم القرارات الانتخابية لدي الشارع في المقاطعة أو الاختيار مابين فتح وحماس.

المعادلات الرقمية التي تحيط بنا في أجواء الإعلام الاجتماعي، وفي أوساط السياسيين والمتابعين خلال الدعاية الانتخابية استوقفتني أمام استفهام كبير: هل أصبحنا مجرد أرقام ودمي؟ ولماذا قبلنا بان نكون في وضع المفعول به؟ ورفضنا أن نغير قواعد اللعبة بعد فشل اكبر الأحزاب الفلسطينية في إدارة شئوننا في الضفة والقطاع. هل نحن جاهزون لخوض عملية ديمقراطية؟ وهل ستذهب بنا نتائجها نحو التوافق الداخلي؟

المشهد الذي تلوح أبعاده في الأفق القريب يجعلنا نفتح مزاد الأصوات مبكراً، مع تهميش المسألة الأهم في المرحلة الحالية والمتمثلة في عرض البرامج الانتخابية بعيدا عن « المزاودات الحزبية ». فمن الصعب أن يحتكر طرف المقاومة باسمه، وأن يقوم بالزج بها في خضم منافسة حزبية لهيئات خدماتية بحاجة إلى حلول واقعية تضمن خدمة الناس بما يتجاوز واقع الحصار الذي تساوم إسرائيل به كورقة لنزع سلاح المقاومة. كذلك من العيب أن يقوم طرف آخر بابتزاز الناس في صمودهم وتصوير تضحياتهم وكأنها ثمن دفع بشكل مجاني بل والذهاب بعيدا في تحميل هذه المعاناة للمقاومة وتبرئة المحتل في سلوكه العدواني المتواصل.

لا يمكن أن نذهب في تصوراتنا للانتخابات المحلية بعيدا عن الفاعل الإسرائيلي، وكان الأجدر من الفصائل الذهاب نحو تشكيل قوائم وطنية توافقية في هذه المرحلة الحساسة بما يشكل دافعا للجميع للمشاركة في البناء والتعمير بكفاءات مهنية وطنية، بل إنه من أسوء تعقيدات المشهد أن تتشكل قناعة لدي البعض أن هناك من يبحث عن تقديم فوز نسبي للطرف الآخر لسحب الادعاء لدي الجمهور بأنه المتسبب في المعاناة، في (توريط للآخر بمستنقع الحصار)، أو أن تتسرب للبعض اعتقادات أن هناك من ينتظر تدخلا إسرائيلياً لوأد فوز مستحق !!

حالة التشكيك التي تزداد وتيرتها ساعة بعد أخرى، تستدعي تدخلا سريعا لضمان الذهاب نحو انتخابات تشكل مدخلا لتحقيق المصالحة، وكلما اقتربنا من يوم الاقتراع سيتعقد المشهد أكثر، لذا فالدعوة لتأجيل الانتخابات أصبحت وراء ظهورنا لان خياراً كهذا سيعقد الساحة الداخلية، ويدخلنا في دهاليز التشكيك التي تطيح بما تبقي من عناوين للتوافق، كذلك فإن الممارسات الأمنية التي ادعتها بعض الأطراف تجعلنا في مهب الريح. قد نكون في هذه الفترة الحرجة بحاجة لتفادي توتير الحالة العامة حتى وان كان على حساب المصلحة الحزبية لنضمن أن نذهب نحو توافق سياسي.

بعد ما يزيد عن عشر سنوات من مشهد صندوق الاقتراع نقف على أبواب اللجان الانتخابية قريباً وسيذهب المواطن ليحدد خياره في قيادة الهيئات المحلية، لذا فالمطلوب من القوائم الانتخابية أن تكون صادقة مع جمهورها في دعايتها الانتخابية، وأولى نجاحات مرشحي القوائم أن يعترفوا بعناصر فشل سابقيهم ومناقشتها مع الجمهور لتجاوزها لاحقاً بدلا من الاستخفاف بعقول الناس والتعامل معهم كأرقام في سجل الناخبين.

نجاح أو فشل القوائم المتنافسة سيبقى معلقاً حتى نرى أثراً ايجابياً لمن يحصد أعلى الأصوات، فلسنا بحاجة إلى مزيد من الخذلان في كل ما يشكل بارقة أمل في دفع المركب المتعطل، وملفات الخدمة العامة التى يبحث عنها المواطن يجب أن تجد صداها لدى المسئول القادم، وأن يكون حريصاً عليها كحرصه على أصواتهم الانتخابية في المرحلة الحالية.

صحفي وأكاديمي إعلامي

كلمات دلالية