خبر الامور التي تُرى من هناك -هآرتس

الساعة 09:35 ص|18 أغسطس 2016

فلسطين اليوم

بقلم: آري شبيط

          (المضمون: نتنياهو على قناعة بأهمية القوة فقط متجاهلا أهمية الاخلاق والقيم الديمقراطية - المصدر).

          بنيامين نتنياهو على قناعة بأننا سنشتاق اليه. وهو يعرف ما الذي يقوم المحققون بالتحقيق فيه، ويعرف ما الذي تقوم النيابة بفحصه. إنه يشعر بالخنق المتزايد حول عنقه. لذلك هو يستعد لما هو اسوأ. هو يريد رواية قصته قبل أن يتم فرض نهاية القصة، ولا شك لديه أنه اذا طُرد من الحكم، فان الجمهور سيندم على ذلك. ولا شك لديه في أنه يقف وحده بين اسرائيل وخرابها.

          إن قناعة نتنياهو هي قناعة والده، بن تسيون، وهي أن الواقع هو ساحة للصدام الدارويني بين القوى، بحيث أن القوي يبقى والضعيف يختفي. القيم والمشاعر والأدب ليس لها أي أهمية. اذا كنت قويا فالجميع يريدون التقرب منك حتى لو لم يحبونك. واذا كنت غير قوي فهو يغرسون سكينا في ظهرك، حتى لو أحبوك. إن المفتاح الوحيد للبقاء هو القوة، القوة، القوة.

          حسب المؤرخ الأب وحسب السياسي الابن، هناك نوعان من الناس الذين يجدون صعوبة في فهم هذه الحقيقة الاساسية، الليبراليون واليهود. لهذا فان الليبراليين يميلون الى ادارة سياسة مشوهة. وبسبب ذلك فانه لا يوجد لليهود أي قدرة سياسية، والليبراليون اليهود مكروهين بشكل خاص، حيث أنهم يتحدثون بمستوى عال في الوقت الذي يسيرون فيه مثل العميان في المسارات الخطرة في غابة التاريخ. ولو كان الامر متعلقا باليسار، لكان سيُنزل على الشعب اليهودي كارثة أخرى وأخيرة.

          هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو على قناعة بتميزه. فحسب رأيه، الدولة التي ورثها قبل عقدين كانت على شفا الضياع بسبب اتفاقات اوسلو الحمقاء. وحسب رأيه ايضا فان الاقتصاد الذي ورثه كان صغيرا ومُهانا ومغلقا. ولكن في السنوات التي أدار فيها شؤون الدولة بُنيت في الدولة قوة اقتصادية، تمول القوة العسكرية التي تتحول الى قوة سياسية.

          هاي تيك؟ هاي تيك. سايبر؟ سايبر. مياه؟ مياه. غاز؟ غاز. القط الاسرائيلي في الثمانينيات تحول الى نمر اسرائيلي قوي. الارهاب الفلسطيني تم القضاء عليه والهجرة الكبرى من افريقيا تم كبحها. والحروب مع الدول القريبة اختفت من العالم. ولأن اسرائيل أصبحت قوة عظمى تكنولوجيا وأمنيا فانه يمكنها عقد تحالفات جديدة (الصين، اليابان، الهند وروسيا). واتخاذ قرارات جديدة (افريقيا، امريكا الجنوبية). والتحول الى محبوبة العالم العربي.

          حسب نتنياهو، اذا تحررنا من المواجهة الاعلامية ومن التشوه الايديولوجي (اليسار)، فيمكننا رؤية أن كل شيء جيد هنا. وطالما أن نتنياهو يحافظ على وجودنا، فالحياة هي مثابة جنة عدن.

          صورة الواقع عند نتنياهو ليست خاطئة بالمطلق. ليس كل شيء أسود هنا، وليس هناك شيء انهار. والشخص الذي يجلس في مكتب رئيس الحكومة ليس شخصا سطحيا أو متهكما أو بدون معرفة، لكن صورة الواقع لدى نتنياهو تتجاهل حقيقتين اساسيتين. الاولى، تحت حكمه بدأنا في فقدان الاغلبية اليهودية والسيادة اليهودية والاخلاق اليهودية والدولة اليهودية. والثانية، تحت حكمه يتم سحق القيم الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية والروح الديمقراطية والدولة الديمقراطية.

          يبدو أنه ما عدا ذلك فان كل شيء جيد. ولكن بدون دولة يهودية وبدون دولة ديمقراطية. لا توجد حياة ولا يوجد مستقبل ولا أي شيء. يمكن أنه قد حان الوقت كي يتوقف رئيس الحكومة عن احتقار اليهود الليبراليين. ويمكن أنهم بحاجة لتعلم الكثير منه، ويمكن ايضا أنه بحاجة للتعلم منهم.

          القوة هامة، لكنها ليست الشيء الوحيد الذي يستخدم في التاريخ. فهناك حاجة الى الاخلاق والأخوة والرغبة الجيدة. وهناك حاجة ايضا الى حب اسرائيل ووحدة اسرائيل. فبدون أي هدف سينتهي الشعب، وبدون دولة يهودية ديمقراطية لن تكون صهيونية.

كلمات دلالية