« فرحة لا توصف.. وجوه لم أرها من قبل, وخاصة بعد 13 عاماً من الاعتقال.. رجفة تسيطر على كامل جسدي ولهفة لاحتضان جميع افراد اسرتي وأحبائي, ولكن فقدان أعز الناس عليَّ ترك غصة في قلبي, وخاصة انني كنت اتمنى ان يكون والدي هو من يتوسط جموع المهنئين بخروجي من المعتقل... ».
بهذه الكلمات بدأ الأسير المحرر أيسر واكد (33 عاماً) من قرية العرقة غرب جنين, الحديث عن لحظات الافراج عنه بعد (13 عاماً) في سجون الاحتلال.
وعاد الاسير أيسر يمضي بذكرياته للحديث عن والده « كان والدي ينتظر ويعُد الأيام والليالي والساعات لهذا اللقاء، رحل والدي العزيز ومنعني هذا المحتل الغاصب حتى من إلقاء نظرة الوداع عليه، لكنا نمتلك اليقين الذي لا يمتلكه احد وخاصة المؤمن بالله يعلم انه فراق مؤقت ونسأل الله أن نلتقي به في الجنة ».
مشاعر المهرجان
يصف الأسير المحرر واكد لحظة وصوله لقريته العريقة قائلاً « عندما رأيت الجميع من أهالي قريتي وأصدقائي والفصائل قد توحدت في استقبالي سعدت كثيراً, لأنهم شكلوا نموذج وحدوي، وقال » ان اعداد المشاركين في المهرجان كبير وذلك يدل على أن الأسير ما زال يحظى باهتمام شعبي بعد هذه الأعوام المريرة التي عانيناها ولا زلنا نعيشها رغم التحرر، ففرحتنا لا تكتمل إلا بتبييض السجون وتحرير جميع الأسرى الأبطال « ، مضيفا كنت سعيدا عندما رأيت تلك الحشود كون قضية الأسرى هي قضية وحدوية ، وكانت بمثابة تأييد شعبي من جديد وتجديد للعهد لهم »
نبذه
الاسير أيسر أُعتقل بتاريخ 12\8\2002 وحكم عليه 13 عاما بتهمة الانتماء للذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي سرايا القدس ونشاطه العسكري في انتفاضة الأقصى الثانية، أفرجت عنه قوات الاحتلال في ساعة متأخرة من يوم الخميس 12/8/2016 بعد قضاء محكوميته التي حولها واستثمرها في الدراسة والحصول على عدة شهادات علمية، كما وكان يشارف على إنهاء متطلبات الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة العبرية، وكان ممثلا لأسرى حركة الجهاد الإسلامي في السجون بلجنة الحوار مع إدارة مصلحة السجون .
وولد الاسير بتاريخ 1/12/1983 في قريته العرقة، وأنهى دراسة الثانوية العامة قبل اعتقاله، انتسب لجامعة القدس المفتوحة في تخصص إدارة الأعمال من هنا، ليعتقل وتُحرم عائلته من تحقيق حلمها بتخرجه وإكمال تعليمه، لكنه لم يستسلم وعاد وانتسب لجامعة الأقصى ليحصل على البكالوريوس في التاريخ، عانى ويعاني من آلام في المفاصل و ووجود كيس ماء تحت الغدة الدرقية وهو ما تعرض له خلال الاعتقال.
إجراءات الخروج
وعاد الاسير أيسر ليحدثنا عن إجراءات الخروج من السجن وقال إنها لا تقل عنجهية وإذلال عما يتعرض له أبناء شعبنا على الحواجز الإسرائيلية بين المدن والمخيمات والبلدان الفلسطينية.
يقول، خرجت من غرفتي الساعة السادسة مساءاً وأنا أعيش حالة من الإرباك النفسي من شدة الإجراءات التي أُتخذت بحقي ، والتي تعمدت بها مصلحة السجون وكعادتها بتأخيري وتأخير كل أسير مفرج عنه لساعات متأخرة من الليل، واتخاذ إجراءات تعسفية بحقه كالتفتيش العاري والتفتيش الدقيق وكل ذلك للتنغيص عليه وحرمانه من تذوق طعم الحرية، ولكن وبحمد الله على الرغم من كل هذه العراقيل والإجراءات يخرج الأسير مرفوع الهامة ومرفوع الرأس وسرعان ما تتلاشى كل هذه المنغصات وهذه الإجراءات التعسفية عندما يتنسم عبير الحرية ويلتقي أهله وأحبته .
التحقيق
يصف لحظات التحقيق والتي سادها الضغط النفسي والترهيب، وعبّر « أمضيت 50 يوما في التحقيق و كانت فترة صعبة جدا حيث أنهم مارسوا ضغوط مختلفة علي، ومنها تركي جالسا على كرسي التحقيق في غرفة باردة جدا حيث كانت تصل أحيانا لثمانية وتسعة ساعات دون سؤال ولا جواب، وهو ما يجعل الأسير يشعر بأن أعصابه » تلِفَت « ولكن بعون الله وعزيمتنا كنا أقوى منهم » .
رسالة الأسرى
ختم أيسر حديثه معنا عن أهم أمانة حملها على عاتقه وهي الأسرى داخل سجون الاحتلال، حيث وصفهم بأنهم القلعة الأخيرة التي لم ولن تسقط بإذن الله أمام الطوفان الصهيوني الذي اجتاح كل القلاع فتساقطت أمامه قلعة تلو الأخرى كأحجار النرد، وبقيت قلعة الحركة الأسيرة المتماسكة والشامخة والراسخة ببوصلة ثابتة الاتجاه، نحو فلسطين كل فلسطين، نحو الأقصى والقدس العاصمة الأبدية والتاريخية والجغرافية والحضارية لهذا الشعب .
وأضاف ، رسالة الأسرى هي رسالة محبة ووفاء وحرية، فالمحبة للشعب الأبي الأصيل الذي لم يتخلى عن قيَمِه وثوابته، والوفاء كل الوفاء لعهد الشهداء ودربهم والذين هم أكرم منا جميعا، والحرية للأسرى والأسيرات الماجدات .
واعتبر واكد أن الأسير الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية، مؤكداً أنه العمود الفقري لهذه الحركة، فهو ناضل وقاتل وجاهد قبل الاعتقال وناضل وقاتل وجاهد أثناء الاعتقال وما زال مستمرا بنضاله وعمله الوطني .
يقول « هذا الأسير الفلسطيني الذي رهن حياته لدينه ووطنه وشعبه أعتقد أنه يستحق الحرية وهو جدير بها ».
ووصف أيسر حال الأسرى المرضى بأنهم يحتاجون لوقفة جادة لإخراجهم من المقابر التي يدفنون بها أحياء ولا يجدون مغيثا لهم إلا الله ، وأكد أن إدارة السجون تنتهج نهجا ليس بغريب ولا جديد عليها ولكنّها تُمعن به وهو سياسة الإهمال الطبي ، وعليه فعلى كل المؤسسات التي تسمي نفسها تُعنى بشؤون الأسرى وحقوقهم أن تتحرك باتجاه إنهاء هذه المؤامرات التي تحاك من أجل تصفية الأسرى وإغلاق ملفاتهم .
وعن الأمانة التي حملها واكد بين أكفه وثنايا جسده قال « يطالب الأسرى بالسجون وخاصة ذوي الأحكام العالية أن تكون قضيتهم على رأس أي صفقة أو تبادل قادم دون النظر لأي انتماء سياسي أو لون حزبي وأن تتمتع بمعايير وطنية بامتياز ».
التضحية والصمود والإرادة والعزيمة، كلها صفات تجتمع بالإنسان والمواطن الفلسطيني رجلاً كان أو كهلا أو طفلا وحتى امرأة، فحريٌ بنا أن نفي هؤلاء الأسرى الأبطال حقهم لما قدموه من تضحيات في سبيل الله وفي سبيل فلسطين كل فلسطين .