أكاديمي يتهم الجامعات بالتجارة

تقرير « التعليم الموازي » والفقر يُحطمان أحلام المتفوقين

الساعة 04:04 م|01 أغسطس 2016

فلسطين اليوم

تحطم حلم خريجة الثانوية العامة « التوجيهي » زينب عبد الله، من دخول « كلية الطب » في إحدى الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، على صخرة التعليم الموازي أو ما يطلق عليه (التجارة الجامعية).

تقول الطالبة زينب لمراسل « فلسطين اليوم الإخبارية »: « بذلت كل جهدي ووقتي وإمكانياتي خلال عام من »التوجيهي« لتحقيق حلمي وحلم عائلتي بدخول »كلية الطب« في إحدى الجامعات المحببة إلى قلبي وحصلت على معدل 97.9% في الثانوية العامة ».

وأشارت إلى أن حلمها تبدد في بادئ الأمر بسبب العدد الكبير من الطلبة الراغبين في دخول كلية الطب؛ لكنها أصيبت بالإحباط واليأس عندما علمت أن الجامعة اكتفت بالعدد المحدد وقد زاد تفاجأها وغضبها واحباطها عندما علمت أن الجامعة فتحت المجال لـ10 من الطلبة « للتعليم الموازي » رغم تدني معدلاتهم.

وأكدت الطالبة أنها قامت بمراجعة الجامعة إلا أن رد المسؤولين: « لا يوجد متسع في الكلية » رغم أن مفتاح القبول لدخول كلية الطب يصل إلى 97% لكنهم اكتفوا بالعدد (40) وفتحوا المجال لـ10 من الطلبة للدخول في الكلية عن طريق التعليم الموازي (ادفع تدخل).

وأوضحت بأن عدد من الطلبة الذين دخول كلية الطب عن طريق التعليم الموازي كانت معدلاتهم 95% فما فوق، متسائلة: « هل كلية الطب حكر على الأغنياء إذا كانت معدلاتهم أقل من الفقراء؟

ولفتت إلى أنها عانت نفسياً جراء قبول الجامعة لبعض الأغنياء بسبب أموالهم، ورفض الفقراء لعدم وجود متسع في الكلية رغم الفارق في المعدل بين الطلبة.

وأمام رفض الجامعة لقبولها قررت الطالبة زينب التوجه إلى الجامعة الأخرى والتي تراها غير مناسبة لأسباب خاصة بها.

طالبة الفقر منعني من تحقيق حلمي

وفي حالة أخرى وقفت تكاليف دراسة الطب أمام الطالبة منار أبو زر حاجزاً منيعاً في تحقيق حلمها رغم حصولها على معدل 98.6% في الثانوية العامة التوجيهي.

وكانت تحلم الطالبة »مَنَار« أن تغدو طبيبة لمداوة جراحات أبناء شعبها، وعلى هذا الهدف سارت واجتهدت وسهرت الليالي وواصلت الليل بالنهار؛ حتى حصلت على نتيجةٍ عالية تُمكنها من الدخولِ إلى كلياتِ الطب في الجامعاتِ الفلسطينية.

ولم تتمكن منار من تحقيق حلمها بسبب التكاليف العالية جداً لكلية الطب، حيث تبلغ ساعة الطب في الجامعات 90 ديناراً وأمام الأوضاع الاقتصادية لا يستطيع والدها أن يوفر لها هذا المبلغ الكبير جداً فقررت تحويل دراستها إلى كلية أخرى أقل تكلفة من الطب.

التعليم الموازي بدعة تجارية..

من جانبها أكد الأكاديمي الدكتور أسعد أبو شرخ، أن »التعليم الموازي« بدعة لا أساس له في قانون وزارة التربية والتعليم العالي، وهو فكرة تجارية لإنقاذ الجامعة من الظروف الاقتصادية التي تعاني منها.

وقال د. أبو شرخ في تصريح خاص »لفلسطين اليوم الإخبارية« : »إن هذا التعليم يخلق حالة من الإحباط واليأس والحسرة لدى الطلبة المتفوقين من الفقراء الراغبين في دخول إحدى الكليات التي لا يمكن الدخول إليها في حال عدم حصوله على مفتاح القبول إلا بالأموال الطائلة« .

وأضاف: »ابتدعت الجامعات هذه البدعة عندما نزح عشرات الطلبة خارج البلاد بهدف تلقي العلم الذي يرغبون به، بعد أن منعتهم الجامعات المحلية من الدخول لعدم موافقة معدله في الثانوية العامة « التوجيهي » لمفتاح القبول« .

وأشار الأكاديمي الجامعي د. أبو شرخ إلى أن الجامعات تضع الأسعار التي تراها مناسبة دون وجود ناظم قانوني من وزارة التربية والتعليم لينظم العلاقة بين الجامعة والطلبة، قائلاً: »جامعات التعليم الموازي تسير على حل شعرها بعلم وإقرار من وزارة التربية والتعليم سواء في غزة أو في الضفة« .

ولفت إلى أن مشكلة الموازي ليست الأولى في الجامعات بل هناك الكثير من المشاكل التي يجب على وزارة التربية والتعليم أن تقف بكل حزم وقوة ضدها، قائلاً: »عملياً الجامعات تقبل كل من يتقدم للدراسة في الكلية التي يرغبها الطالب وفقاً لمفتاح القبول بغض النظر عن التعليم الموازي وهذا القبول للطلبة بحد ذاته مشكلة كبيرة جداً خاصة مع عدم وجود دراسة علمية أكاديمية لحاجة المجتمع كي يجد الطالب بعد أن يتخرج فرصة عمل لا أن يجلس عالة في بيته« .

 د. رياض الخضري: للتعليم الموازي هدفان لحماية الطالب وتحصيل رسوم اضافية

بدوره قال الأستاذ الدكتور رياض الخضري رئيس جامعة الأزهر سابقاً: »إن الهدف من التعليم الموازي أمران، الأول حماية الطلبة من الهجرة إلى خارج الوطن ما يؤدي إلى تكاليف اقتصادية مرتفعة على كاهل عائلته، والثاني لصالح المؤسسة التعليمية (الجامعة) من تحصيل بعض الرسوم الإضافية.

وأضاف د. الخضري في تصريح لـ« فلسطين اليوم »: « لا يجوز للجامعات أن تقبل أحد من طلبة »التعلم الموازي« في حال وجود طلبة حصلوا على نسب تؤهلهم لدخول الكليات العلمية بشكل تلقائي ».

وأشار، إلى أنه إذا تم اكتشاف طالب مُنع من دخول الكلية التي يرغب فيها بالجامعة رغم حصوله على النسبة المسموحة، إلى جانب اكتشاف طالب دخل الكلية عن طريق التعليم الموازي فيجب مراجعة الجامعة ورئيسها لإيقاف الخلل لأن الأولوية للمتفوقين.

ولفت د. الخضري، إلى أن الجامعات في كثير من الأحيان تتجاوز العدد المسموح لها في قبول الطلبة خاصة إذا وجدت رغبة عند الطلبة وعائلاتهم.

وأكد، أن وزارة التربية والتعليم لم تضع « قانون ناظم » للتعليم الموازي في الجامعات، بل « الأمر متروك ولا يوجد ما يمنع دخول الطلبة عبر التعليم الموازي ».

وأوضح د. الخضري، أن سعر التعليم الموازي في قطاع غزة يختلف عن الضفة الغربية فهو يُدفع مرة واحدة فقط، ويتفاوت السعر من كلية إلى أخرى حيث أن كلية الطب يبلغ سعر التعليم الموازي « 12 ألف دينار » أما كلية طب الأسنان فـ « 10 ألاف دينار »، وفي الضفة الغربية تسير الجامعات على نظام زيادة في سعر الساعة العلمية طول الفترة الدراسية بحيث إذا كانت الساعة تبلغ 90 دينار فهي تزيد عن التعليم العادي« .

د. ثابت: التعليم الموازي قانوني لكن لم يتم تحديد النسبة المسموحة للقبول في الجامعات

أما وكيل وزارة التربية والتعليم فقد أكدت على لسان د. زياد ثابت، أن التعليم الموازي قانوني وموجود في كافة الدول العربية وهو مسموح للجامعات أن تتعامل به لكن الذي لم يحدده القانون هي النسبة التعليم الموازي في الجامعات.

وأكد ثابت في تصريح لـ »فلسطين اليوم« ، أنه يجب على الجامعات أن تحدد نسبة معقولة لا تتجاوز 20% للتعليم الموازي، قائلاً: »قد نجد تجاوز في بعض الأحيان لكن يجب ألا يتجاوز الحد المعقول وتصبح الجامعة تجارية« .

وأشار إلى أن التربية والتعليم تتابع الأمر منذ سنوات، قائلاً: »هناك طلبة أغنياء درجاتهم متدنية لكنهم يرغبون في تعلم الطب على سبيل المثال وهذا الأمر يجيزه التعليم الموازي وإذا لم يحصلوا على فرصة التعليم سيغادرون البلاد".

ودعا ثابت الحكومة الفلسطينية للتدخل لدعم الفقراء في الجامعات الفلسطينية سواء من خلال دعم الجامعة في ميزانياتها أو توفير منح لهم بدلاً من أن يتم توزيع المنح على طلبة معدلاتهم متدنية جداً تصل إلى 50% و 51%.

وأكد أن وزارة التربية والتعليم في غزة، لا تعلم حقيقة المنح التي تأتي من وزارة التربية في رام الله للطلبة سواء في الجامعات المحلية أو الجامعات الخارجية.

كلمات دلالية