تقرير « قلنديا » .. ثماني ساعات غيرت المشهد

الساعة 05:17 م|26 يوليو 2016

فلسطين اليوم

لم ينتظر جنود الاحتلال الإسرائيلي أن يخلد الأهالي للنوم للدخول وتنفيذ جرائمهم كالمعتاد، فما أن أصبحت الساعة العاشرة مساء، حتى اقتحم عشرات الجنود المدججين بالسلاح وتعززهم الآليات العسكرية المتنوعة قرية قلنديا شمال القدس المحتلة.

كان الوضع هناك أقرب إلى مجزرة، بالرغم أنها لم تكن هذه المرة ضد البشر بشكل مباشر، بل كانت ضد الحجر، مستخدمين المجنزرات العسكرية والجرافات الكبيرة لتدمير 11 منزلا في القرية تقع بمحاذات مطار القدس المدمر، وذلك في غضون ثماني ساعات متواصلة لم يسمح فيها للأهالي من النوم.

بدر حسن سلامة، أحد أصحاب المنازل المهدمة، يقف أمام ركام منزله المكون من ثلاثة طوابق، لم يبقى منه شيء إلا ذكريات العمل والحلم.

يقول « إن جرافات الاحتلال شرعت بهدم المنزل حوالي الساعة العاشرة مساء، ورغم كل المحاولات في إخبارهم أن المبنى مرخص من قبل بلدية الاحتلال في القدس، وأنه تم البناء على أساس الترخيص، إلا أنهم هدموه أمام عيني »، مضيفا « هذا انتقام، حرب، ما يسعى له المحتل هو تهجيرنا عن أرضنا، لكننا ثابتون ولن نرضخ لسياسة المحتل النازي ».

وتابع « بنيت المزل منذ أكثر من 25 عاما، كل زاوية في المنزل لها ذكرى في حياتي، لكن لم يبق شيء منه، أصبح ركاما على الأرض ».

وعلى الجهة المقابلة، يقف طارق أبو شلبك وقد رسم الشقاء والتعب ملامح وجهه، ينظر إلى منزله الذي حول إلى ركام، وتعابير الأسى والحزن تبدو واضحة عليه.

يقول طارق « الاحتلال كعادته يرتكب المجازر، وما حدث اليوم في قلنديا هو مجزرة فعلا، أول مرة أسمع في حياتي أن المحتل هدم عددا من المنازل  خلال ساعات معدودة، هذه نكبة جديدة ».

ويضيف « سأجلس كل يوم على ركام منزلي، ليعلم المحتل أن هذا الفعل لن يحيدنا عن الطريق، مهما ارتكب من مجازر ».

من جهته، يقول المواطن محمود حمدان قريب أحد أصحاب المنازل المهدمة، إن هذه مجزرة ضد الحجر والبشر، والهدف من اقتحام البلدة هو هدم المنازل، حيث قبل أقل من أسبوع وصلت الاخطارات وقرارات الهدم.

واعتبر حمدان أن الاقتحام والهدم سبب تخوفات لدى أهل البلدة حول إمكانية أن يكون هناك أمر مبطن، وأن هذه خطوة تهدف إلى تهجير سكانها وطردهم، مشيرا إلى أن أغلب الناس استثمروا كل مستقبلهم في هذه المنازل.

على أطراف البلدة، حيث منزل المواطن صلاح سليمان لم يجد أفضل من أن يكتب على حجر من الركام المندثر على الأرض « نحن هنا باقون، وهم زائلون، إن هدموا بيتي سيبنيه أبنائي ».

يقول صلاح بنبرة حزن وألم « كل أحلامي راحت، لكن على الرغم مما حصل، إلا أن هذا يزيدنا إصرارا بالثبات على أرضنا، وهذا في النهاية حجر، وسيتم بناؤه من جديد، نحن أصحاب حق وهم إلى زوال ».

فيما يشرح الشاب موسى الشاهد لحظة اقتحام الاحتلال البلدة، قائلا « في البداية كان الأمر مخيفا، لم نتوقع أن يكون حجم الهدم إلى هذا المستوى، رغم كثرة الآليات العسكرية التي اقتحمت القرية من المدخل المؤدي للمنطقة الصناعية »عطروت« ، وعلى الفور توجه أحد مواطني القرية للمسجد، ونادى في مكبرات الصوت، بأن الاحتلال يسعى لهدم المنازل، وعلى الجميع التوجه إلى المدخل ».

ويتابع « في غضون دقائق قليلة، تجمع أكثر من 60 شخصا من الأهالي على المدخل كدروع بشرية لمنع دخول الآليات العسكرية لوسط البلد، في المقابل ألقى الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدوع والصوت اتجاهنا، أصيب البعض منا، وقاموا بحجزنا، وهددونا بأنهم سيطلقون الرصاص الحي نحونا إذا قمنا بإعاقتهم، في حين توجهت باقي الآليات للبدء بالهدم ».

في السياق ذاته، قال رئيس مجلس قروي قلنديا يوسف عوض الله إن حجم الخسائر التي تكبدها أهالي البلدة جراء عمليات الهدم تجاوزت الـ4 مليون شيقل.

وأشار إلى أن أهالي المنازل المهدمة لجأوا إلى أقاربهم وأصدقائهم، مؤكدا أن هذه مجزرة تستهدف تهجير أهالي القرية من أرضهم.

بدوره، قال مدير مركز المعلومات لنشر وتوثيق الانتهاكات الاسرائيلية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قاسم عواد إن المنطقة تتعرض لمحاولة سيطرة من الإسرائيليين لإجلاء الناس عنا بإتجاه مناطق أخرى، وهذه محاولة لتفريغ القدس الشرقية من الفلسطينيين.

وأشار إلى أن الاحتلال يسعى إلى تنفيذ مشروع يقضي بتهجير بدو بادية شرق القدس، وهذا جزء من الصراع الديمغرافي الذي يحاول من خلاله التفوق العددي على مدينة القدس.

وأوضح أن عمليات الهدم لهذا العام وصلت إلى 590 عملية، مؤكدا أن هذا الرقم تجاوز مجمل عمليات الهدم طوال العام الماضي التي بلغت 557 حالة هدم، في حين أن إخطارات الهدم ووقف البناء وصلت إلى 444 اخطارا منذ بداية العام الجاري.

كلمات دلالية