انتحار اقتصادي -هآرتس
بقلم: أسرة التحرير
ظاهرا، دولة اسرائيل هي دولة قانون مرتبة. وعليه فقد سبق أن قررت الدولة قبل سنين قاعدة الميزانية لوزارة التعليم: كعمق التعليم للمواضيع الاساس، هكذا عمق الميزانية. فالمدارس الرسمية تعلم 100 في المئة تعليم مواضيع اساس وتحصل على ميزانية كاملة؛ مدارس التيار المعروف بانه غير رسمي (ولا سيما الاصولي، ولكن ليس هو وحده فقط) يعلم 75 في المئة من المواضيع الاساس ويتلقى ميزانية 75 في المئة. ومدارس في التيار المعفي من الخدمة (الاصوليين فقط) تعلم 55 في المئة من المواضيع الاساس وتحصل على 55 في المئة من الميزانية.
غير أن هذه القاعدة لم تحترم ابدا. فقد حرصت وزارة التعليم، وبالطبع بأمر من فوق، ان لا تفحص استيفاء المدارس الاصولية على أنواعها المختلفة لواجب التعليم الاساس لديها، ولهذا فان الميزانية تتم دون صلة حقيقية بحجم تعليم المواضيع الاساس. وقد بلغت الذروة في الاتفاق السياسي، الذي اعطى لشبكتي التعليم الاصوليتين الكبريين – « التعليم الذاتي » لكتلة « يهدوت هتوراة » و « نبع التعليم التوراتي » لكتلة شاس – ميزانية 100 في المئة، انطلاقا من الفهم بان الشبكتين تعلمان تعليما اساسا كاملا. غير أنهما لا تفعلان ذلك.
المشكلة في هذه الكذبة العلنية حاول وزير التعليم السابق، شاي بيرون، حلها. فقد سن بيرون تعديلا للقانون، حاول لاول مرة فيه الزام المدارس في التيار المعفي بتعليم المواضيع الاساس، كشرط كي لا تفقد ميزانياتها. وهكذا اعتزم بيرون الحفاظ على المساواة امام القانون والبدء ايضا في التقدم في تعليم الابناء في المؤسسات الاصولية، الذين يتخرجون من ا لمدارس في مستوى علم الصف الرابع، بينما هم جهلة من المعرفة في مجالات العلوم والرياضيات وبالاساس لا يعرفون الانجليزية.
جهل الاصوليين ينتقم من دولة اسرائيل عندما لا ينجح الرجال الاصوليون في الانخراط في سوق العمل، او ينجحون في الانخراط فقط في أعمال اجرها منخفض.
وتسعى الحكومة الى الغاء مشروع القانون هذا، في اجراء سريع، في ضوء التزام بنيامين نتنياهو بذلك في الاتفاقات الائتلافية. ويرجع نتنياهو باسرائيل بذلك الى الكذبة المتفق عليها والهدامة التي انتهجت هنا حتى دخول بيرون الى منصبه.
ان عدم تعليم المواضيع الاساس في المدارس الاصولية للبنين هو خطوة انتحار اقتصادي وطني. فالدولة تمول المدارس بأموالها، وهذه تربي الجيل التالي من الناس الجهلة والفقراء.
بأفضل أموال دافع الضرائب تخطيء الدولة نحو الواجب الاخلاقي لدولة الرفاه في ان تضمن بان يكون كل طفل متساوي الحقوق، وتخلد استمرار تخلف اسرائيل مقارنة بالدول المتطورة. وهكذا تواصل دولة اسرائيل التدهور من ناحية أخلاقية، اقتصادية واجتماعية. نتنياهو يعرف هذا بل ويقود هذا الميل – كالمعتاد، لغرض البقاء السياسي.