خبر قضية مقلقة في الأردن- معاريف

الساعة 09:36 ص|08 يوليو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي ميلمان

الاردن هو حليف استراتيجي لاسرائيل. فقد بدأت مظاهر التعاون الامني والسياسي بين الدولتين قبل نحو ستين سنة وتعاظمت في أعقاب اتفاق السلام الذي وقع في 1994. ولهذا التعاون جوانب جديدة، من المعقول الافتراض بان بعضها توجد تحت السطح: تبادل المعلومات والمصالح المشتركة في مكافحة منظمات الارهاب، التدريبات المشتركة لسلاحي الجو وغيرها. ومع الاخذ بالاعتبار لسوابق الماضي، يعرف الاردن بانه من أجل المصلحة الاسرائيلية في الحفاظ على اتفاق السلام معها، يمكنه أن يعتمد على أن تفعل اسرائيل كل ما في وسعها كي تمنع سقوط الاسرة المالكة الهاشمية، التي يقف على رأسها منذ اكثر من 17 سنة الملك عبدالله.

 

عبدالله، الذي ورث المملكة عن ابيه الحسين، عزز أكثر فاكثر العلاقات مع اسرائيل. وهو يظهر كملك قوي، تجاوز غير قليل من الازمات، بما فيها غزو الولايات المتحدة للعراق واسقاط صدام حسين، عمليات الارهاب التي قامت بها القاعدة والان داعش، الحرب الاهلية المتواصلة في سوريا، الوضع الاقتصادي العسير، المظاهرات وملايين اللاجئين من العراق ومن سوريا ممن استقروا في المملكة.

 

ورغم كل هذه التحديات، لا تلاحظ اسرائيل مؤشرات الضعف في مكانة الملك ولا تعتقد بانه يلوح خطر على نظامه. ومع ذلك، انكشفت مؤخرا قضية تشغل بال كل من يهمه استقرار وأمن المملكة الهاشمة، بما في ذلك اسرائيل بالطبع. ولسبب ما  لم تحظى هذه القضية تقريبا بموقف في اسرائيل.

 

في تشرين الثاني 2015، فتح أنور ابو زيد، رائد في شرطة الاردن، النار في معسكر تدريب للشرطة. وقد تمكن من قتل شرطيين اردنيين، مدربين امريكيين ومدربا جنوب افريقي قبل ان تطلق النار عليه. وكشف تحقيق صحفي مشتركة قبل اسبوعين اجرته « نيويورك تايمز » و « الجزيرة » بان السلاح الذي استخدمه الرائد كان مسروقا. وقد استندت التقارير الى تحقيق اجراه مكتب الـ اف.بي.اي ووكالة السي.اي.ايه والمخابرات العامة الاردنبة.

 

ولكن الاخطر من ذلك هو حقيقة ان التقارير كشفت بانه في واقع الامر ليس هذا سلاحا وحيدا سبق أن سرق، بل يدور الحديث عن ظاهرة خطيرة وواسعة بلا قياس. ففي السنوات الثلاثة الاخيرة سرق ضباط من المخابرات الاردنية مئات قطع السلاح – بنادق من طراز كلاشينكوف، ذخيرة واجهزة اطلاق للمقذوفات الصاروخية – من ارساليات بعثت بها السي.اي.ايه.

 

السي.اي.ايه، بالتعاون مع المخابرات العامة السعودية، تنظم مشتريات للاسلحة وتبعث بها الى جهاز المخابرات الاردني، كيف ينقلها هذا الى جماعات الثوار في سوريا والتي تقاتل ضد نظام الاسد. ويتبين من التحقيقات بان قسما من الاسلحة، بقيمة ملايين الدولارات، لم يصل الى الثوار، بل وبيع في السوق السوداء الى عصابات من المجرمين والقبائل البدوية في ارجاء الدولة، ووصل على ما يبدو أيضا الى منظمات الارهاب. ان الاسواق الاساس لتجارة السلاح غير القانوني في الاردن هي في مدينة معن في جنوب الدولة وفي غور الاردن.

 

          وحسب الشبهات التي ثارت في اعقاب التحقيقات، فليس قليلا من ضباط الاستخبارات الاردنيين، وليس فقط في رتب صغيرة بل وحتى عليا، كانوا مشاركين في اعمال الغش. فسرقة السلاح والتهريبات كانت واسعة النطاق لدرجة أن حتى شاحنات اختفت احيانا بكل حمولاتها. وقد اشترى الضباط بالمال الذي حصلوا عليه مقابل السلاح المسروق سيارات فاخرى، هواتف ذكية وغيرها من العتاد.

 

          لا توجد حاليا أي أدلة تشير الى ان رئيس المخابرات العامة الاردنية، الجنرال فيصل الشوبحي، الذي يعتبر الرجل القوي في المملكة بعد الملك، كان مشاركا بشكل مباشر أو غير مباشر في سرقة السلاح. ولكن حقيقة انه من خلف ظهر الجنرال، الشخصية المعروفة جيدا في أسرة الاستخبارات في الشرق الاوسط وفي الغرب، والذي يشكل جهازه السند الاهم للاسرة المالكة، قد  جرت أفعال غش وسرقة كهذه، تطرح علامات استفهام عديدة.

 

          منذ عشرات السنين والمخابرات الاردنية تعتبر في اسرائيل جهازا مهنيا وناجعا. وتعمل وكالة السي.اي.يه وأجهزة المخابرات الغربية معه في تعاون وثيق، بما في ذلك في عمليات سرية على نحو خاص لاغتيال الارهابيين. وليس صدفة ان عنوان المقال الافتتاحي في « نيويورك تايمز » كان لاذعا ونقديا: « عندما يسرق اصدقاء كالاردن السلاح ».

كلمات دلالية