خبر قوي بالعربية، ضعيف بالانجليزية- هآرتس

الساعة 10:23 ص|30 يونيو 2016

فلسطين اليوم

قوي بالعربية، ضعيف بالانجليزية- هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون: بقدر ما يقترب نتنياهو من قادة ودول الشرق الاوسط فانه يبتعد عن قادة ودول اوروبا. وسبب ذلك أنه يمكنه التعايش والتعامل بشكل افضل مع الديكتاتوريين أكثر مما هو مع الديمقراطيين المنتخبين - المصدر).

لقد أثبت اتفاق المصالحة مع تركيا من جديد حقيقة أن بنيامين نتنياهو هو أحد السياسيين الوحيدين في المنطقة. وخلافا لكثير من القادة يمكنه التمييز بين الاساسي والثانوي. وخلافا لكثير من قادة المعسكر القومي، لا يفكر بمفاهيم ترضي الشعب مثل الاحترام القومي والاهانة القومية. وخلافا لقادة اليسار الذين كانت ردودهم على الاتفاق مخجلة. إن رئيس الحكومة لا يتحدث فقط بصوت مرتفع عن السلام. وبالذات المنتقدين الشديدين مثلي مجبرين على التعبير عن التقدير للحكمة والمسؤولية والشجاعة التي أظهرها مؤخرا.

الاتفاق لا تنقصه الصلة. مبعوث سلام زار قبل وقت قصير القاهرة وحاول دفع الزعيم المصري الى انتقاد زميله الاسرائيلي، لكنه فشل. الرئيس عبد الفتاح السيسي يحب نتنياهو، ومثله الكثير من القادة العرب المعتدلين. لقد وضع نتنياهو نفسه كحليف للسنة في الحرب ضد الشيعة، وهو يحظى بمكانة اقليمية كبيرة. لا شك أن نتنياهو نجح في ادارة صيانة الاستراتيجية لاسرائيل: الحفاظ على الامن والامتناع عن حروب لا لزوم لها. ولكنه يفعل أكثر من ذلك. فقد قام ببناء شبكة علاقات في الشرق الاوسط والحوض الشرقي للبحر المتوسط، الامر الذي حوله الى صديق مقرب وسري للعالم العربي.

ولكن في مقابل النجاح الكبير لنتنياهو في المنطقة العربية، هناك فشل ذريع في الغرب. ففي سنة 2012 لم يقرأ نتنياهو الخارطة الامريكية جيدا وراهن بشكل خاطيء على ميت رومني. وفي سنة 2015 مرة اخرى لم يقرأ الخارطة الامريكية وراهن بشكل خاطيء على أن الكونغرس الجمهوري سيكبح الرئيس الديمقراطي ويوقف الاتفاق النووي مع ايران. ومنذ 2009 ولغاية الآن لم يقرأ نتنياهو الخارطة الاوروبية. لقد سخر من اوروبا ودفع العلاقات معها الى أزمة خطيرة.

في الوقت الحالي سيدفع نتنياهو ثمن هذه الاخطاء. فمن جهة يستعد اوباما واوروبا من اجل تمرير قرار في الامم المتحدة سيكون من الصعب على اسرائيل التعايش معه. ومن جهة اخرى لن تحظى اسرائيل بالمزيد من التعاون الاستراتيجي الحميم مع الولايات المتحدة المطلوب لضمان قوتها. وفشل نتنياهو أمام الغرب قد يتسبب بضرر كبير للحصانة السياسية والامنية الاسرائيلية.

والسؤال المطروح هو ما الفرق بين نتنياهو عند العرب ونتنياهو عند الغرب؟ لماذا ينجح في الشرق الاوسط ويفشل مرة تلو الاخرى في شمال الاطلسي؟

الاجابة هي: رياح الزمن. نتنياهو منقطع تماما عن رياح الزمن. إبن البروفيسور بنتسيون نتنياهو هو في داخله فيكتور ياني من القرن التاسع عشر، وهو يحب جدا التكنولوجيا العليا، لكنه ليس شريكا في قيم القرن الواحد والعشرين. في اعماقه يفضل تلميذ توماس هوبس، الاستقرار على الحرية والقوة على العدل والقوة على الحقوق. لذلك هو يرتاح برفقة فلادمير بوتين أكثر من راحته برفقة اوباما. وبسبب ذلك يستطيع التصرف أمام الديكتاتوريين (العرب، الروس، الصينيين والاتراك) بشكل أفضل من تعامله مع قادة ديمقراطيين منتخبين.

في عالم البقاء للشرق الاوسط، الذي يتشكل حسب مصالح فظة وعلاقات قوة صلفة، فان نتنياهو هو الملك. وفي المقابل، في العالم الرقيق للغرب المتنور، فان نتنياهو هو نبتة غريبة، متحجرة، بقايا غير مفهومة وهو يثير الاحتقار وهو من حقبة اخرى.

يا للسخرية، نتنياهو ليس رجل سلام، لكنه مقرب الآن من الكثير من جيراننا العرب أكثر بكثير من رجال السلام الواضحين. نتنياهو خريج جامعة بوسطن ولكن ليست له صلة مع بوسطن إبنة زماننا. في نفس الوقت الذي يندمج فيه قائدنا متحدث الانجليزية بشكل غير مسبوق، فانه يبعدنا بشكل غير مسبوق ايضا عن العالم الحر.

كلمات دلالية