خبر في محل بريطانيا -هآرتس

الساعة 10:47 ص|26 يونيو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: أسرة التحرير

          ان الصدمة التي أوقعها قرار الجمهور البريطاني للانفصال عن الاتحاد الاوروبي لا تزال في بدايتها. فالهبوط في بورصات العالم واستقالة رئيس الوزراء ديفيد كمرون هي مجرد بداية حملة انفصال طويلة ومضنية لا يمكن بعد التقدير لنتائجها. فهل الاتحاد الاوروبي كله يقف على شفا الانقسام؟ هل بريطانيا نفسها ستواصل كونها المملكة المتحدة؟ ماذا ستكون آثار  القرار على التحالفات الدولية، تلك المتعلقة بالتجارة العالمية وتلك التي اقيمت للحرب ضد الارهاب؟

           في مقابل هذه التساؤلات المحملة بالمصير يمكن في هذه المرحلة أن نراجع فقط الاسباب التي أدت الى الانفصال. بشكل مباشر كان هذا هو القرار المتهور من جانب رئيس الوزراء للوعد باستفتاء شعبي كي يهدىء روع خصومه في داخل حزبه، والذي ولد النتيجة التي أدت الى استقالته. ولكن التيارات العميقة والقومية المتطرفة، الايديولوجيا الانعزالية، العنصرية والسعي الى الابتعاد عن اوروبا التي يغرقها اللاجئون السوريون، مثلما هي ايضا عدم الرغبة في مواصلة المشاركة في المعارك العسكرية الدولية – هي التي شكلت بنية تحتية فكرية وثقافية للتصويت في الاستفتاء الشعبي. وفي هذه البنية يتشارك على ما يبدو معظم المواطنين البريطانيين.

          هذه البنية لا تتميز بها بريطانيا وحدها، فهي قائمة في العصر الحالي في معظم الدول الاوروبية. كما أن الولايات المتحدة ليست معفية من افكار الانعزالية القومية التي تسعى الى ابعاد القوة العظمى عن التدخل في ازمات العالم والتي تنطوي ايضا على ميول عنصرية وكراهية الاجانب، والتي تجد تعبيرها في مجرد ترشيح شخصية مثل دونالد ترامب للرئاسة.

          ذات التيارات العميقة القومية المتطرفة والانعزالية التي قطعت بريطانيا عن اوروبا تعتمل في اسرائيل ايضا، وليس من تحت سطح الارض. اسرائيل، كما يخيل، لا تحتاج الى قرار رسمي او استفتاء شعبي من أجل الاعلان عن فك الارتباط عن اوروبا او عن الغرب. فسياستها وهويتها كدولة الاحتلال الاخيرة في الغرب قائمة منذ الان كاعلان عن ذلك. ولكن خلافا للقرار البريطاني، تحتاج اسرائيل لغرض بقائها الى تحالف دولي يدعمها.

          ان الانعزالية القومية التي تعرضها اسرائيل بفخار ليست سورا واقيا ضد المقاطعات والعقوبات الدولية، بل سورا من ورق. في اوروبا عنصرية وكراهية أقليات واجانب، تغذي حركات اليمين المتطرف، لا تزال تصطدم بسدود ليبرالية وانسانية شديدة القوة. اما في اسرائيل فان هذه السدود آخذة في الانهيار وهي تجد صعوبة شديدة جدا للوقوف في الثغرة. محظور أن يشكل القرار الذي اتخذ في بريطانيا قدوة لاسرائيل، من اجل تعزيز من يؤمن بقدرة الدولة والعيش كجزيرة. لا يجب السماح لليمين القومي بان يجعل اسرائيل دولة حبيسة في عزلتها.

كلمات دلالية