قائمة الموقع

خبر يوميات شرطي مرور في رمضان

2016-06-25T13:09:04+03:00
تصوير: رمضان الاغا
فلسطين اليوم

شرطي المرور، ذلك الرجل « فائق المهارات »، يتحرك مسرعا من مكان إلى مكان، يقضي نهار رمضان في العمل، لا يأبه بحرارة الشمس، ولا يؤثر عليه غضب بعض السائقين.

1. مهام

الشمس تلقي بـ« خيوطها الذهبية » فوق الجميع، يتصببون عرقًا، وضجيج السيارات يملأ المكان، الجميع له هدف واحد أن يصل إلى المكان الذي يريد بأسرع وقت، أما شرطي المرور فمهمته أن يصلوا بأمان.

الثلاثيني خليل زينو، هو شرطي مرور غزي، يبدأ مهامه في المكان المخصص له وسط مدينة غزة العتيقة، عند التاسعة صباحًا، يقول عن هذه المهام: « إننا نقدم الخدمة للمواطنين قدر المستطاع ».

يوزع نظراته على السيارات متفحصا التزامها بالقواعد السليمة للسير، ويضيف: « هناك بعض المخالفات من السائقين يتم التجاوز عنها أنت عارف نحن في شهر رمضان ».

يبتسم الشرطي قائلا: « المفروض أن الصيام يؤثر إيجابا وليس سلبا على الناس، ولكن في بعض التجاوزات لبعض السائقين يعني بيكون الاستعجال آخر ساعة قبل الإفطار، وبيكون هناك سرعة والكل مستعجل، وهيك بيصير بعض المشاكل بيتم حلها في الميدان ».

زينو، قمحي البشرة، ينسج كلماته من ابتسامة ينبض بها قلبه، متحدثا عن كيفية تعامله مع السائقين سريعي الغضب في رمضان أو المخالفين: « أنا شخصيا الحمد لله صدري واسع على الآخر، وبتعامل معهم على إنهم إخواننا، وبمتص غضبهم على الآخر، وبفهِّمهم شوية شوية ».

هذا يقوده إلى تأكيد أهمية وجود شرطي المرور في الشارع، إذ يوضح أن عدم وجود الشرطي في الشارع يدفع البعض إلى عدم احترام القانون، ومخالفة الإشارات المرورية.

كما أن وجود شرطي المرور، والكلام لزينو، مهم جدا في تنظيم حركة السير خصوصا لو مرّت سيارة إسعاف، أو حدثت حالة طوارئ.

ويعتقد أن ثمة ضعفا في الثقافة المرورية لدى بعض السائقين، مدللا على ذلك بأن بعضهم لا يلتزمون بالإشارات المرورية، مردفا: « نحن نسامح ونتغاضى لأن الوضع حصار وصعب في غزة، الأمور هذه نتغاضى عنها كثيرا، لكن هناك أمور لا نتغاضى عنها وهي الأخطاء الجسيمة ».

ولا يقتصر عمل شرطي المرور على تنظيم حركة السير، فهو أيضًا يقوم بتوعية السائقين بالثقافة المرورية، « في بيقتنعوا وفي بعد فترة بيقولوا: آه فعلا كلامك صحيح »؛ يقول الشرطي.

وترسيخ الثقافة المرورية من وجهة نظره، يقع على عاتق جهات عدة أبرزها الإعلام فوسائل الإعلام، والكلام لزينو، يمكن من خلالها الترويج لحملات مرورية تهدف إلى التوعية، وأيضًا لبيان أن هناك مخالفات لمن يتعدى على حقوق الآخرين في السير.

ويشير إلى أهمية دور المدارس والمساجد في تثقيف الناس، وتوعيتهم بأهمية إشارات المرور، التي قد يؤدي عدم الالتزام بها إلى حوادث تهدد حياة المارة والسائقين أنفسهم.

والفرق بين عمل شرطي المرور في رمضان وغيره من الشهور، يوضحه زينو بقوله: « رمضان هو شهر بركة وخير ولكن بيكون شوب وشمس وعطش، يعني في غير رمضان ممكن الإنسان يشرب حاجة، لكن رمضان صيام مفش أي حاجة ».

ورغم وقوفه تحت الشمس، وكل ما تحدث عنه من عطش وحر، يتبسم قبل أن يتمم: « الحمد لله، نحن مسلمون، ونعلم جيدا أن الأجر على قدر المشقة ».

 

2. الشق الآخر


بحلول الثانية بعد الظهر، يكون الشق الثاني من يوم شرطي المرور خليل زينو، في رمضان قد بدأ، حيث يغادر المفترق المخصص له ويعود إلى المنزل.

ويحل بدلا منه شرطي آخر حتى أذان المغرب، فيما يتسلم المهام بعد الإفطار شرطي ثالث حتى منتصف الليل تقريبا.

وفور عودته إلى المنزل، يحرص على الجلوس مع أسرته، يقول: « بنقعد مع الأهل وبيكون الإنسان تعبان ومنهك فبنتريح ساعة زمان، وبنقوم نصلي العصر، وبنروح على السوق بنشتري أغراض للدار »، كما أنه يحرص على قراءة القرآن يوميا.

ويساعد الرجل الثلاثيني زوجته، في شؤون المطبخ إذا طلبت منه ذلك، يوضح: « بساعد زوجتي في شغل المطبخ إذا طلبت مني مساعدة، هذا توافق واتفاق، الله يعينها هي بتتعب طول النهار وهي صايمة ».

أما الأصناف التي لا يمكن أن تغيب عن سفرة إفطاره في رمضان، فهي السلطات والمخللات، قائلا: « بيعملوا جو للسفرة ».

والحديث عن سفرة الإفطار، يعني حتمًا تجمع الأسرة حولها، يستحضر زينو هذا المشهد، قبل أن ترتسم الابتسامة على وجهه، واصفا هذا الحدث: « أسرتي مكونة من تسعة أشخاص: أنا وزوجتي وأربعة أولاد وثلاث بنات، اللمة حلوة جدا أنا بقعد طبعا قبل الأذان بثلث ساعة مع أولادي وزوجتي وبندعي وبنستغفر ربنا ».

بعد الإفطار يتناول زينو، أشهر حلويات رمضان، وهي القطايف، ثم يصطحب أولاده إلى المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح، عدا عن أنه يساعد في تقديم الخدمات للمصلين مثل تجهيز المياه.

أما الزيارات الرمضانية فله معها حكاية، في ظل ضيق الوقت، يشير الرجل إلى أنه أجرى بعض الزيارات عصرًا، لكنه لم يستسغ هذا التوقيت بالنسبة له ولمن يزورهم، ولهذا لجأ إلى إجرائها بعد الإفطار معتبرا أن ذلك يدخل الفرحة بشكل أكبر على قلوب الزائرين والأقارب.

وعن كيفية تغلبه على ضيق الوقت، يوضح أنه يصطحب زوجته بعد الإفطار لزيارة الأقارب، ويتوجه عند حلول موعد صلاة التراويح لأدائها في مسجد قريب.

عند العودة من الزيارات الرمضانية، تكون الساعة قد شارفت على الحادية عشرة والنصف، وحينها يقضي بعض الوقت مع أولاده، قبل أن ينام، ويستيقظ عند السحور.

وبعد السحور يحرص زينو، على اصطحاب أولاده إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، مبينا أنه يعلمهم الصلاة والصيام وقراءة القرآن.

ويستثمر وقته بعد الفجر، في تعلم القرآن في ذات المسجد، ليعود بعده إلى المنزل، ويستعد لبدء يوم جديد في تنظيم حركة السير والمرور.

 

3. عزيمة

اهتمام وحرص يبديهما شرطي المرور، زينو، على أداء مهامه بإتقان، رغم امتناع حكومة الحمد الله منذ تشكيلها في 02 يونيو/حزيران 2014 عن صرف راتبه، ورواتب زملائه الموظفين الذين عينتهم الحكومة السابقة في غزة.

ينوه الرجل الثلاثيني إلى المعاناة التي تنتج عن امتناع حكومة الحمد الله عن صرف راتبه، لكنه يؤكد في نفس الوقت أنه ماض في أداء مهامه ورعاية مصالح المواطنين، كشرطي مرور، متمما: « نحن مصرون وملتزمون بعملنا الذي هو أمانة ».

اخبار ذات صلة