خبر بالخطأ.. هآرتس

الساعة 11:47 ص|23 يونيو 2016

بقلم

وقف الجنود على الجسر، بالخطأ قاموا باطلاق النار الكثيفة على السيارة التي سافرت على الشارع الذي تحتهم دون معرفتهم من كان فيها. بالخطأ قتلوا الفترى وبالخطأ أصابوا اربعة من اصدقائه باصابات بليغة. بالخطأ اعتقد الجنود أن المسافرين في السيارة رشقوا الحجارة وصبوا الزيت على الشارع. بالخطأ اعتقدوا أن من حقهم اطلاق النار كما يريدون.

بالخطأ. من الواضح أنه لو كان الفتى يرشق الحجارة، لكان من المسموح قتله. بالخطأ نشر الجيش الاسرائيلي في البدء أن جنوده قتلوا « المخرب » وأصابوا شركاءه. وبعد بضع ساعات تم اصلاح الخطأ والاعتراف بأن الفتى قتل بـ « الخطأ ». بالخطأ. نسي الاسرائيليون أن شارع 443 الذي يؤدي الى العاصمة يمر في عمق بمناطق الاحتلال وفي اراضي القرى المحيطة التي لا يستطيع سكانها السفر عليه الى أي مكان.

بالخطأ يعتقد الاسرائيليون أن هذا سيستمر الى الأبد: يسافرون الى القدس في الشارع الرئيسي، والاولاد ينظرون اليهم من أسفل بعيون خانعة. من الشوارع السفلية التي أقيمت لهم والقرى التي حبسوا فيها والتي لم يسمع عنها إلا القليل من المسافرين في شارع 443، وأقل منهم ممن يهتمون بالأمر.

بالخطأ يعتقد الاسرائيليون أن سكان الاراضي المصادرة سينزلون رؤوسهم دائما أمام المسافرين في الشارع الذي مزق حياتهم. بالخطأ يعتبر السلوك العنيف ارهابا، واقتلاع السكان يعتبر حفاظا على القانون وقتل الشاب هو دفاع عن النفس. بالخطأ تقول اسرائيل مرة اخرى إنها الضحية، والمتحدث بلسان وزارة الخارجية وقح بما يكفي من اجل اتهام الفلسطينيين بقتل الشاب.

بالخطأ تم التحقيق الاولي في حادثة قائد كتيبة بنيامين، العقيد اسرائيل شومر، الذي قتل شابا رشق الحجارة – ولم تتم محاكمته على ذلك ولم تتم اقالته من منصبه. على شومر أن يعرف ما الذي يجب عليه أن يحقق فيه وما الذي لا يجب أن يحقق فيه. قبل اعطاء الملف للشرطة العسكرية، أكيد أن جنوده قالوا له: تصرفنا مثلك بالضبط أيها القائد.

شومر أعدم الفتى الصحيح. لذلك لم يعتبروا الامر ولو حتى خطأ. الجنود من شارع 443 كان لهم خطأ تنفيذيا، لذلك اعتقدوا بالخطأ. بالخطأ اعتقد الاسرائيليون أن حياتهم في الشارع في خطر: حياة الفلسطينيين أكثر خطورة. بالخطأ ايضا كتب الصحافيون – « كمين في الشوارع » (« يديعوت احرونوت »)، « خلل في التنفيذ » (« اسرائيل اليوم »)، « قتل بالخطأ » (« معاريف ») – حيث أن أفضل الكلمات الصحفية شاركت في هذا الوصف.

لكن أي شيء من كل ذلك لم يكن بالخطأ. محمود رأفت بدران (15 سنة) الذي عاد مع ستة من اصدقائه من السباحة الليلية في متنزه المياه « لين لاند » بعد انتهاء وجبة الافطار في رمضان، لم يقتل خطأ. فالجنود الذين أطلقوا النار عليه لم يفعلوا ذلك بالخطأ. هادي بدران، أحد المسافرين في السيارة الذي أصيب بالرصاص قال أمس لمحقق « بتسيلم »، اياد حداد، إنه قد سمع 15 طلقة، وأن اطلاق النار نحو السيارة من مسافة 40 – 50 مترا، الامر الذي ينفي ادعاء الخطر على حياة الجنود.

الجنود قاموا باطلاق النار بهستيريا وبنية مسبقة على سيارة مسافرة. ولم يعرفوا من كان فيها باستثناء حقيقة أن من فيها هم فلسطينيون. لذلك لم يكن اطلاق النار خطأ بل كان قتلا متعمدا. إن أحد ما قد دربهم على السلوك بهذا الشكل وقال لهم ليس مسموحا فقط، بل من المفروض فعل ذلك. لو كانوا قتلوا فتى آخر رشق الحجارة، لكانوا حظوا بالمديح بسبب بطولتهم، فقط لو كانوا قتلوا الفتى الصحيح.

لكن الخطأ الحقيقي يكمن في التفكير أنه من المسموح لهم اطلاق النار على راشقي الحجارة وهم هاربين. وهذا الخطأ هو خطأ خبيث. والشارع الذي أطلقوا النار فيه لم يتم تعبيده خطأ، بل بنية سيئة مبيتة، وهذا هو السبب في كل ما حدث هنا منذ تلك الفترة.

كلمات دلالية