خبر نتنياهو يدجّن الإعلام الخاص

الساعة 09:35 ص|12 يونيو 2016

فلسطين اليوم

صالح النعامي

مثّل تعيين رامي سدان، الصحافي، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة، مديراً لشركة الأخبار في قناة التلفزة العاشرة، والتي تعد ثاني أهم قنوات التلفزة التجارية في إسرائيل، حلقة جديدة ضمن سلسلة طويلة من الإجراءات الهادفة لإحكام سيطرة أوساط الحكم اليمينية على وسائل الإعلام الخاص. فقد اعتبرت الخطوة على نطاق واسع بأنها تهدف إلى « تدجين » القناة التي اشتهرت بتوجيه الانتقادات لسياسات نتنياهو وبتحقيقاتها التي أسهبت في تسليط الأضواء على مظاهر الفساد وانعدام الشفافية التي تتهم بها عائلة رئيس الوزراء، لا سيما زوجته سارة.

فقد كشف رفيف دروكير، المعلق السياسي في القناة، بشكل كبير الكثير من قضايا الفساد وانعدام الشفاية التي تورطت فيها عائلة نتنياهو، من خلال سلسلة من التحقيقات التي بثتها القناة، وتناولت بشكل خاص تعمد سارة الإسراف وتبذير المال العام المخصص لمنزل نتنياهو الرسمي؛ إلى جانب تسليط الضوء على سفر نجلي نتنياهو للخارج على حساب خزينة الدولة، أو على حساب رجال أعمال لهم تقاطعات مصالح مع الحكومة.

وقد استبد الغضب بنتنياهو بسبب تغطية القناة لدرجة أنه رفض خلال حملة الانتخابات الأخيرة دخول استديوهات القناة لإجراء مقابلة إلا بعد أن يغادر القاعة كل من دروكير والمعلق بن كاسبيت، والذي اشتهر أيضاً بانتقادات لسلوك عائلة نتنياهو.

وحسب صحيفة « هآرتس » فإن نتنياهو، والذي يشغل أيضاً منصب وزير الاتصالات، استغل صلاحياته كمسؤول عن السلطة الثانية التي تشرف على قنوات التلفزة التجارية وضغط على مالكي القناة العاشرة وأجبرهم على تعيين سدان، المقرب منه ومن زوجته. واعتبرت « هآرتس » في افتتاحيتها أول من أمس الخميس أن تعيين سدان يدلل على أن سوق الإعلام التجاري ليس مستقلاً ويخضع لتأثير المستوى السياسي. وأشارت الصحيفة إلى أن العائلات التي تسيطر على سوق الإعلام، والتي تحتكر الأغلبية الساحقة من أسهم قنوات التلفزة، توظف سيطرتها على هذه القنوات من أجل تحسين علاقاتها مع المستوى السياسي الحاكم. وأضافت أن عائلات: بفلتيك، جلعادي، ريكناطي، والتي سيطرت مؤخراً على أسهم قناة التلفزة العاشرة، تملك الكثير من المصالح التجارية والاقتصادية، وهي تعي أنها تحتاج لتدشين علاقات مجاملة مع صناع القرار السياسي، مما دفع هذه العائلات إلى استرضاء نتنياهو بتعيين أحد مقربيه كمدير لشركة الأخبار في القناة العاشرة. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن العائلات التي تتحكم في قنوات التلفزة التجارية تتكبد خسائر كبيرة إلا أنها تصر على مواصلة الاحتفاظ بها لأنها تمنحها هامش مناورة وإدارة علاقة مجاملة مع المستوى السياسي الحاكم من خلال التحكم بنمط التغطية.

وأشارت الصحيفة إلى أن رجل الأعمال شاؤول أولفيتش، والذي يسيطر على عدد كبير من أسهم شركة « بيزك » للاتصالات، يملك أيضاً موقع « وللا »، والذي يعد أهم موقع إخباري، إلى جانب أنه أشهر محركات البحث بالعبرية. وحسب الصحيفة، فإنه نظراً للاعتبارات الاقتصادية، ولنظراً لتأثير نتنياهو كوزير للاتصالات على قطاع الاتصالات، فقد أوعز أولفيتش لموقع « وللا » بأن يتخذ خطاً تحريرياً تصالحياً مع عائلة نتنياهو وعدم التعاطي مع الأخبار التي تتعلق بالتحقيقات في قضايا فساد زوجته. وأكدت الصحيفة إلى أنه نظراً لأن وسائل الإعلام التجارية تتكبد خسائر ناجمة عن التحولات على واقع الإعلام وتعاظم تأثير الإعلام الجديد، فإنها باتت بحاجة إلى تسهيلات حكومية وإعفاءات جمركية لمساعدتها على مواصلة العمل، مما يجعلها مطالبة بتبني تغطية لا تغضب المستوى السياسي. ومما عزز من تأثير نتنياهو على سوق الإعلام التجاري حقيقة أن الاتفاق الائتلافي الذي على أساسه شكلت الحكومة الحالية يضم بنداً ينص على منح وزير الاتصالات الحق في تقديم مشاريع القوانين التي تتعلق بسوق الإعلام، والتي يراها مناسبة للبرلمان باسم الحكومة.

 

ومما لا شك فيه أن أهم تطور في سوق الإعلام التجاري خدم نتنياهو وعائلته تمثل في انطلاق صحيفة « يسرائيل هيوم »، والتي دشنها صديقه الملياردير اليهودي الأميركي شيلدون أدلسون، والتي تعد أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً، وباتت تهدد بقية الصحف لأنها توزع مجاناً. وقد شبه الصحافي ناحوم برنيع، كبير المعلقين في صحيفة « يديعوت أحرنوت » صحيفة « يسرائيل هيوم » بصحيفة « تشرين » السورية، والتي تعبّر عن مواقف نظام الأسد.

وفي المقابل، فإن أوساط الحكم اليمينية كثفت من هجومها على صحيفة « هآرتس »، وهي الصحيفة الوحيدة التي تحافظ باستمرار على خط نقدي تجاه سياسات الحكومة وممارسات عائلة نتنياهو.

 

كلمات دلالية