خبر صيفنا وأوقاتنا... اجازاتنا وأوقاتنا - بقلم: أمين أبو عيشة

الساعة 07:59 ص|05 يونيو 2016

فلسطين اليوم

أستاذ المال والأعمال – جامعة الاسراء

ونحن على أبواب فصل الصيف يعيش طلاب المدارس وما في حكمهم بداية اجازتهم لنهاية العام الدراسي والتي تعد استراحة محارب بعد جملة من الواجبات والفروض والمسوؤليات والاختبارات المدرسية ...انها الاجازة الصيفية التي تمتد هذه السنة لحوالي ثلاثة اشهر،حقيقة فإن مدة هذه الاجازة ليست قليلة فهي في حسبة المال والأعمال والزمن ربع سنة من العمر والوقت كاملة ، ولا يخفي عن اي احد كان من كان أهمية هذا الامر سواء في حياه الأفراد أوالشعوب أو الامم ولا سيما نحن امة العرب والمسلمين الذين نستمد ثقافتنا وتعاليمنا من ديننا وشرعنا الحنيف ، ولتدليل على هذا الامرفلقد اقسم الله عز وجل بالوقت ( « والعصر » ، « والضحي » ، « والليل إذا يغشي والنهار اذا تجلي »)  ... كما أقسم وأقسمت بدلالات هذا الوقت ( والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها ، فلا اقسم بالشفق والليل وما وسق والوقت إذا اتسق ) في كال الاحوال في نظري فهذا القسم لا يقتصر على دلالاته فحسب بل يشمل ويتضمن ابعد من ذلك الى تنبيه الانسان الغافل وغير الغافل لأهمية وتكلفة وثمن هذا الوقت في حياته الدنيا .. كما ان السنة النبوية العطرة تضمنت هذا الأمر لتؤكد المسؤولية الكاملة للإنسان عن اهدار هذا الوقت في العمل الصالح والنافع لا الطالح ، ففي الحديث الذي رواه ابو داوود عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال ( لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع ... منها عن عمره فيما أفناه ) فالوقت وفقاً لما سبق ....هو راس مال الامم وتجارتها المربحة لذا فإن عظم هذا الامر وعلو قيمته يتطلب منا التوقف والتفكير في كيفية استثمار هذا الوقت الطويل بما يفيد وينفع .. ولعل القارئ يسأل كيف يمكن ذلك الأمر ؟ وما هي الادوات المناسبة لنيل هذا الشيء ؟ وهل نحن قادرون على فعل ذلك ؟ ...حقيقة جملة من التساؤلات التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبارات في تعاملنا مع اوقاتنا .. ولنحقق هذا البند بداية لا بد من التخطيط الذي يعد اساس النجاح في تحقيق أهدافنا وغاياتنا المنشودة، ولعل إشارة الرسول المصطفى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ بقوله : « ولئن تدع أبناءك أغنياء خير من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس »، فيه دلالة على أهمية التخطيط لتحقيق مصلحة الأسرة. وكما يُقال أيضا: « إنسان بدون هدف كسفينة بدون دفة كلاهما سينتهي به الأمر على الصخور ». ومن الأمور التي ينبغي أن تؤخذ في عين الاعتبار للاستغلال الامثل والافضل لوقتنا وايامنا ، ما يلي....

1.     تعيين غاية خير لحياتك ووقتك ولتكن تحديد قائمة من الكتب لقراءتها خلال الإجازة الصيفية ، وفي رأي يجب ان تكون هذه الكتب متنوعة وممتعه وألا تركز على مجال دون غيره ، حيث ان اختيار الكتب الممتعة والمتنوعة يجعل الانسان يشعر بلذة القراءة ويديم القراءة لمزيد من الكتب .

2.     تخصيص واستقطاع جزء من اوقاتنا للمتعة والترفيه ، يتم من خلاله زيارة الاقارب ولقاء الاصحاب والأصدقاء والمشاركة في الرحلات قد الامكان والسفر ان اتيح ذلك الشيء ،ففي ذلك الامور فوائد نفسية واجتماعية وثقافية لا تخفي على أحد.

3.     تنظيم الوقت وممارسة تطبيق تنظيم الوقت وتدريب النفس على احترام الوقت ، فأكبر المشاكل لدي العرب ونحن جزء منهم الفلسطينيون هي الفوضوية وعدم القدرة علي تنظيم الوقت ،ولا ينبغي هنا ان نستهين بهذه المسألة ،فهي التي تحدد نجاح الانسان في الحياه او فشلة .

4.     ممارسة الهواية المحببة للنفس والعمل على اكتشاف الذات لتحديد الهواية المناسبة قليلة التكاليف ويسهل ممارساتها بسهولة وبشكل مستدام ومستمر ، فمثلا لا يمكن لانسان في مدينة رام الله ممارسة هواية صيد الاسماك وذلك لصعوبة الوصول للبحر بصفة دورية .

5.     وضع أهداف ومرامي يرغب الانسان في تحقيقها في الحياة ،بحيث تكون بعض الأهداف قصيرة المدي،وأخري متوسطة وطويلة المدي.فمع الاسف كثير من الناس يعيش الحياة كيفما جاءت ،دون أهداف يرمي إلي تحقيقها ،ثم يفأجأ عندما يصل ألى مرحلة التقاعد بأنه لم يحقق شيئاً يرضي الضمير ويحقق الذات !

 

والسؤال المهم الموجه للجميع هو: هل لديك خطة للحياة تشتمل على بعض الأهداف القابلة للتغيير والتعديل حسب المستجدات؟ ينبغي ألا ننكر أن هناك أهدافا عامة لكل إنسان مثل: الحصول على الشهادة الجامعية أو أعلي والزواج، وامتلاك منزل مناسب للأسرة، ولكن بعض هذه الأهداف لا تتحقق بسهولة ويسر خلال فترة معقولة، إلا من خلال التخطيط المناسب.

وأخيرا لا بد أن تقوم منشآت القطاع الحكومي والخاص والأهلي بدورها في استثمار أوقات الطلاب والمعلمين والموظفين والمتقاعدين الذين يتمتعون بالإجازة أو تتوافر لديهم أوقات فراغ، وذلك من خلال:

ـــ إتاحة الفرص أمام العمل التطوعي سواء في المدارس الحكومية  أو الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع الأخرى لغرس مفهوم العمل التطوعي لدى الشباب وتمكين الكبار من تقديم ما يفيد المجتمع.

ـــ يجب ان يولي خريجوا كليات التربية والمهن الصحية هذه الاهمية ، عندنا في غزة التطوع اوقف في مؤسساتنا وتحديدا التعليمية والصحية ،فهنا اطالب الجهات المعنية بإعادة تفعيل هذا الامر لخريجي وخريجات جامعاتنا .

ـــ إطلاق برنامج تحت اسم « تشجير المحررات او الشوارع » بدعم من القطاع الخاص ضمن مسؤولياته المجتمعية اتجاه المجتمع.

ـــ للاسف اغلب .مؤسسات قطاعنا الخاص وتحديدا البنوك والهاتف الخلوي خارج التفكير بهذا الامر ،فما زال تفكيرهم فقط ربحي ليس الا وبكل اسف ،فلا بد من تحمل جزء من المسؤولية والعبء المجتمعي وان يكونوا شركاء والا تقتصر تصويب اوضاعهم على المساهمة بل المشاركة في هذه البرامج .

ـــ وضع برامج ثقافية وورش عمل تدريبية مجانية لكل الفئات من شباب وكبار وذكور وإناث من أجل استثمار الوقت فيما يفيد الفرد والمجتمع، في مجالات « تنظيم الوقت »، والتصوير، والرسم، وينبغي أن تقوم منشآت القطاع الخاص والأهلي بدعم هذه الأنشطة.

وفي الختام اقول ان الاستمرار في عدم استغلال اوقاتنا وإجازاتنا يعني اننا نتاجر في تجارة كاسدة وبور فلنكن على قدر المسؤولية لوقف استنزاف مواردنا وإلا سيظل استثمارنا في وقتنا وأوقاتنا استثمار خاسر،  ويجب وان تسبق اعمالنا وأفعالنا اجازاتنا ..اتمني ان يكون وراء ذلك فعل وعمل واستثمار مربح.

 

كلمات دلالية