نتنياهو وليبرمان يستبقان الـ«تسونامي»:

خبر نعم لتحديث المبادرة العربية.. وحل الدولتين!

الساعة 04:48 ص|01 يونيو 2016

فلسطين اليوم

أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لشؤون السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي مالدنوف، عن مباركته للتصريحات التي أطلقها رئيس الحكومة « الإسرائيلية » بنيامين نتنياهو ووزير جيشه الجديد أفيغدور ليبرمان بشأن المبادرة العربية. وكان لافتاً مسارعة ليبرمان إلى تهدئة المخاوف الإقليمية والدولية من تعيينه وزيراً للجيش، بإعلان قبوله بحل الدولتين، ما أوحى باستمرار الزخم الذي كان بدأ قبل تعيينه من أجل التوصل إلى حل إقليمي. غير أن معلقين « إسرائيليين » يصرون على أن تغيير الكلام لا يعني تغيير الموقف، وأن « لا جديد تحت الشمس » في تصريحات نتنياهو وليبرمان.

وقال مالدنوف « إنني أبارك كلام نتنياهو وليبرمان حول مبادرة السلام. فأقوالهما يمكن أن تساعد في المفاوضات من أجل تحقيق حل الدولتين، وهي استمرار مباشر لأقوال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي دعا »الإسرائيليين« والفلسطينيين لمواصلة المسيرة التاريخية نحو السلام الذي أقامته مصر وإسرائيل قبل 37 عاماً. هذه فتحةٌ لفرصةٍ تاريخية، ينبغي أن لا تضيع ».

وكان نتنياهو أعلن خلال مؤتمر صحافي مع ليبرمان « أنني أود التوضيح أنني ملتزم بتحقيق السلام مع جيراننا الفلسطينيين ومع كل جيراننا. ومبادرة السلام العربية تتضمن مكونات حيوية يمكنها أن ترمم مفاوضات بناءة. نحن على استعداد لإجراء مفاوضات مع الدول العربية لتحديث المبادرة، بشكل يُعّبر عن التغييرات الدراماتيكية في المنطقة منذ العام 2002، والحفاظ على الهدف المتفق عليه لدولتين لشعبين ».

وأضاف نتنياهو « إننا نرحب بخطاب الرئيس المصري الأخير، واقتراحه تحقيق السلام والأمن في المنطقة ».

كما أن وزير الجيش الجديد، أفيغدور ليبرمان، أطلق إشارات اعتدال، قائلاً « أنا أتفق مع كل ما قيل، بما في ذلك حل الدولتين. إنني منذ سنوات تحدثت مراراً عن الاعتراف بدولتين. لقد أيدت بشدة خطاب بار إيلان. وخطاب السيسي كان هاماً جداً وخلق فرصة حقيقية، ومن واجبنا أن نحاول خلع القفازات. كما أن في المبادرة العربية عناصر إيجابية، تسمح بالحوار ».

وكان حديث نتنياهو وليبرمان عن المبادرة العربية وحل الدولتين قد دفع المعلقين في « إسرائيل » للحديث عن العلاقات الإسرائيلية - المصرية التي تضررت بعض الشيء جراء تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع، والابتعاد عن ضم « المعسكر الصهيوني » للحكومة.

وأشار المعلق السياسي في « معاريف » بن كسبيت إلى أنه بعد تعيين ليبرمان، هاتف نتنياهو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان غاضباً بسبب ما شعر أنه خداعٌ له. « فقد تجند، بكامل ثقل وزنه، كي يشق طريق هرتسوغ الى حكومة السلام الجديدة لنتنياهو، وبدلاً من هذا تلقى ليبرمان الذي هدد بإعدام اسماعيل هنية في غضون 48 ساعة. هذا لا يعني أن السيسي قلق على حياة هنية، ولكنه كان جزءاً من خطوة دولية واسعة بنيت حول تحفيز أرجل هرتسوغ الابداعية والتأثير لطوني بلير واستعداد الدول العربية السنية لدفع ثمن علني مقابل تنازلات اسرائيلية ».

وبحسب كسبيت، فإن نتنياهو قال للسيسي: « أنا أقف خلف كل ما وعدت به، أنا لا أتراجع عن أي شيء. وأنا مستعد للتحرك الى الامام ». السيسي لم يفهم. التحرك الى الامام؟ مع ليبرمان؟ الى اين؟ فشرح نتنياهو لمحادثه بأن ليبرمان ليس ما يعتقده الجميع، وهو ملتزم بالمسيرة، بالاستقرار، بالخطوة الاقليمية. فهو الذي اخترع موضوع الخطوة الاقليمية في الحملة السابقة، قبل أن تقع على حزبه تحقيقات الشرطة. اما السيسي فلم يهدأ حقاً. وقرر ان يقيس نتنياهو بأفعاله، وليس بوعوده.

ويعتبر كسبيت أن كلام نتنياهو وليبرمان عن المبادرة العربية وحل الدولتين هو « توفير للبضاعة. حسناً. ليست حقاً بضاعة يمكن لمسها، ولكنه تصريح »اسرائيلي« أول، تاريخي، نوع من الاعتراف الغامض بمبادرة السلام العربية (التي ينبغي تحديثها) كأساس للمفاوضات بين »إسرائيل« والفلسطينيين. وسارع ليبرمان للحاق به ». وفي رأي كسبيت، فإن دوافع نتنياهو لمثل هذه التصريحات هي الخوف من « تسونامي حقيقي ».

وكتب أن نتنياهو أطلع ليبرمان على « الإعصار السياسي » الذي ينتظر « إسرائيل » ويتمثل في أن « اوباما سيكون حراً، ويتطلع الى الثأر بين تشرين الثاني وكانون الاول، الاوروبيون شرعوا بالمبادرات، والخطر حقيقي. وهو يستبق ذلك بخطوة اقليمية لا تكلفه حالياً بالأقوال. ماذا سيخرج في النهاية من كل هذا؟ كالمعتاد، ليس كثيراً ».

ويوضح المعلق السياسي لصحيفة « هآرتس » باراك رابيد أن لا جديد البتة في كلام نتنياهو. ويكتب أنه في تموز 2009، تحدث نتنياهو عن أن « مساعي الدول العربية لحث مبادرة السلام تستحق التقدير العميق. فروحية هذه المبادرات ترمز لتغيير هام عن روحية سابقة، روحية مؤتمر الخرطوم قبل أربعة عقود. وإذا لم تكن هذه الاقتراحات نهائية، فإنني أؤمن أن هذه الروحية يمكن أن تساعد في خلق أجواء يكون فيها السلام الشامل ممكناً ».

وبحسب رابيد، فإنه طوال سبع سنوات بعد هذا الكلام، كرر نتنياهو مثل هذا الكلام من دون أن يعني هذا التكرار أي شيء. حدث هذا في العام 2013، وفي العام 2015، وبتعابير مشابهة. وفي رأيه، هذا أيضاً سيكون وصف كلام نتنياهو الجديد الذي ليس أكثر من تلاعب لفظي.

وحاول رابيد تفسير سبب تكرار نتنياهو هذا الكلام بعد تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع، فكتب أن «هناك أسبابا ليست قليلة القاسم المشترك بينها هو الضغط الدولي على إسرائيل في الشأن الفلسطيني في الشهور القريبة، وهو ما يخشاه نتنياهو. فيوم الجمعة، سوف يجتمع في باريس وزراء خارجية 29 دولة، بينها أميركا وروسيا، للبحث في الجمود بين إسرائيل والفلسطينيين وفي تحقيق مبادرة السلام الفرنسية». وأضاف أنه بعد أيام من ذلك، سينشر تقرير الرباعية الذي قادت صياغته أميركا، وهو يتضمن انتقادات شديدة لإسرائيل ويقرر أن سياستها في الضفة الغربية، خصوصاً توسيع المستوطنات، يهدد بالقضاء على حل الدولتين. وعدا ذلك، خوف نتنياهو من سيناريو الرعب الذي يتمثل باحتمال إقدام الرئيس باراك أوباما بعد الانتخابات على تأييد قرار في مجلس الأمن الدولي، أو على عدم استخدام الفيتو ضده، في الشأن الفلسطيني.

وعموماً، يرى رابيد أن نتنياهو يحاول بكل الطرق اختراع مسار بديل مع دول عربية عدة، في مقدمتها مصر. ولكن نتنياهو بقي كما كان، يرفض أن يعطي ويصر على أن يأخذ. وكلماته الجميلة لن تغير لا موقف الأميركيين ولا الأوروبيين، وأيضاً لا مصر والدول العربية. فكلامه لن يوقف المبادرة الفرنسية، ولن يلطف تقرير الرباعية، ولن تنشر لنتنياهو صورةٌ مع زعيم عربي.

كلمات دلالية