خبر تحذيرات من ملامح الفاشية في « إسرائيل »

الساعة 05:11 ص|30 مايو 2016

فلسطين اليوم

من أبرز وأخطر ردود الفعل في « إسرائيل » على تعيين المتطرف أفيغدور ليبرمان وزيرا للجيش كان تحذير وزير الجيش ورئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك من ملامح الفاشية في حكومة بنيامين نتنياهو. بيد أن ملامح تفاقم العسكرة والفاشية تتجلى بوجوه أخرى منها تدريب الأطفال على استخدام السلاح.

وبينما تهاجم « إسرائيل » التنظيمات الفلسطينية بادعاء أنها تدرب الأطفال على استخدام السلاح، يكشف تقرير تنشره صحيفة «هآرتس» أن شرطة « إسرائيل » تنظم نشاطات يجري خلالها التدرب على إطلاق « النار » بواسطة « بنادق الكرات » للأطفال دون سن الخامسة، حيث تكتب أن عشرات الأطفال من رياض الأطفال في منطقة المجلس الإقليمي رمات هنيغف، شاركوا الثلاثاء الماضي، في « نشاط إعلامي » من قبل قوات الأمن والإنقاذ، تدرب خلاله الأطفال على بندقية الكرات.

وعرضت الشرطة أمامهم وسائل لتفريق المظاهرات وأسلحة مختلفة وأصفادا وطرق التنكر.

وشاركت في النشاط قوات من شرطة حرس الحدود والشرطة ونجمة داوود الحمراء والمطافئ. وحسب الصور التي نشرها موقع المجلس الإقليمي، ارتدى الأطفال زي وخوذ حرس الحدود، وعرضت أمامهم على المنصة أسلحة وأدرع واقية، وتدربوا على إطلاق الكرات من بنادق خاصة باتجاه الهدف، بمرافقة شرطي من حرس الحدود. وعلى المنصة الخاصة بالشرطة عرضت أمام الأطفال تشكيلة من الدروع والسترات الواقية والأصفاد وبندقية لتفريق المظاهرات. وفي أعقاب توجه «هآرتس» لتلقي رد حول الموضوع، تم شطب الموضوع من صفحة «فيسبوك» التابعة للمجلس الإقليمي، وأزيلت الصور من الموقع الرسمي.

يشار الى ان هذه النشاطات تعتبر جديدة في جهاز التعليم، لكنه يتبين من محادثات مع رجال التعليم وجهات بلدية أن الوزارة لا تراقب البرامج والنشاطات التي يجري تمريرها في هذه الأيام، وإنما تشرف عليها الشرطة الجماهيرية والمجلس المحلي والجهات التربوية المحلية. ولم يسبق مشاركة رياض الأطفال في نشاطات كهذه، وإنما تم تنظيمها لطلاب المدارس الابتدائية. وكتبت مواطنة من بلدة كمهين في منطقة المجلس الاقليمي تعليقا على الخبر الذي نشر على موقع المجلس الإقليمي: «صور الأولاد مع السلاح.. لو البسوا الأولاد بالأسود لكنت سأعتقد بالخطأ للحظة ان المقصود صور دعائية من معسكر تدريب لـ «داعش». وتساءلت ألا توجد لدى الشرطة مهام أخرى لا ترتبط بإطلاق النار، يمكن الشرح عنها؟

أما المجلس الإقليمي فأعلن مفاخرته بهذا النشاط الذي حمل اسم «أنا والشرطي» الذي يجري كل عامين، وقال «إن المدربين  كافتهم من سكان المجلس الإقليمي، منوها أن هذا النشاط يعرض أمام الاطفال عمل قوات الشرطة والانقاذ. وقال إنه تم إطلاع كل الأهالي على المشروع قبل تنفيذه فصادقوا عليه، كما إنه تم اخضاع المشروع لمراقبة وزارة التعليم.

وقالت الشرطة إنها تنفذ مشاريع اجتماعية كثيرة من أجل تعزيز العلاقة مع الجمهور وتحسين الخدمة، ويجري في إطار أيام «جمهور الشرطة» عرض عمل الشرطة وأهمية احترام القانون في المجتمع الطبيعي، زاعمة أن برنامج «أنا والشرطي» يتم حسب المنهاج التعليمي وبرامج الأمان والحذر على الطرق وغيرها. وحسب الشرطة فإن الأولاد يستمتعون بهذه النشاطات بل يطلبون تكرارها.

مكافحة العنصرية

وفي سياق متصل حول تصحر التربية للقيم وتفشي العنصرية وتقديس الدولة وكراهية الآخر المختلف وغيرها من الأفكار الفاشية يوجه تقرير لـ «مراقب الدولة» حول الجهاز التعليمي في إسرائيل انتقادات شديدة الى وزارة التعليم لعدم نجاحها بدفع قيمة التعايش المشترك بين اليهود والعرب ومكافحة العنصرية في المدارس. ويشير التقرير إلى سلسلة طويلة من الإخفاقات، من بينها التمويل المنخفض والقوى البشرية المقلصة، وعدم صياغة خطة عمل شاملة، والامتناع عن تطبيق توصيات اللجنة الشعبية التي عينتها الوزارة، وقلة التأهيل، والتهرب المنهجي للتيار الرسمي الديني من الانشغال في هذه المسائل.

وقالت المصادر المطلعة على التقرير الذي نشر موجزه فقط أن سلسلة الإخفاقات في برنامج التثقيف على الحياة المشتركة ومنع العنصرية تشير لفشل متواصل يتحمل مسؤوليته وزراء التربية والتعليم والمدراء العامون للوزارة خلال السنوات الأخيرة.

وبخلاف ما تعلن الوزارة رسميا يستدل من تقرير المراقبة ضعف التثقيف المدني، ويتضح أن الوزارة غير معنية في الواقع بالتربية ضد الكراهية والعنصرية ومن أجل التعددية. وعلى خلفية تعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للأمن وتفشي العنصرية والفاشية والتعرض للعرب بالضرب بالشوارع ومن قبل الشرطة شهدت تل أبيب الليلة قبل الماضية مظاهرة عربية – يهودية ضد الفاشية بمشاركة النواب أيمن عودة، دوف حنين، يوسف جبارين، عبد الله ابو معروف وسياسيين عرب ويهود.

وقال رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة إن هناك معارضة تتزايد ضد نتنياهو، وإن الواجب الوطني يقتضي تعزيز النضال العربي اليهودي المشترك في الشارع لتشكيل النواة الصلبة حتى الإطاحة بحكومة نتنياهو. وفي المظاهرة التي رفعت فيها شعارات ضد الفاشية وضد الاحتلال أكد النائب الشيوعي دوف حنين أن الإسرائيليين يستمرون في التدهور لأماكن خطيرة، محذرا من انتصار الأشرار في حال استمر صمت الأخيار. واعتبر أن هذه المقولة تلائم إسرائيل 2016 أكثر من أي وقت مضى، زاعما أن هناك معسكرا كبيرا ممن يعارضون العنصرية ويدعمون المساواة التامة في المواطنة والحياة المشتركة، يقاومون الاحتلال ويدعمون السلام العادل واستقلال كلا الشعبين، ويؤمنون بالعدالة الاجتماعية.

في المقابل ينوه حنين أن صوت هذا المعسكر غير مسموع ويسيطر على الساحة السياسية بلطجية، محرضون وعنصريون، لافتا لحيوية المظاهرة من هذه الناحية.»

وردا على سؤال «القدس العربي» حول جدوى التظاهر في الشارع الإسرائيلي قال عودة إن الفاشية تصيب الأقلية أولا وأساسا ولكنها تبطش بشرائح من مجتمع الأكثرية اليهودية وهذا ما ينبغي الإشارة له في المظاهرات والأحاديث معها. وأضاف أنه مع تعيين الفاشي ليبرمان وزيرا لـ «الأمن» يجب تعزيز النضال المشترك حتى إسقاط هذه الحكومة في الطريق الطويل لإسقاط هذه الايديولوجية.

لنستيقظ، لننتفض، لننقذ إسرائيل

وربما على هذه الخلفية يحذر الكاتب الصحافي آرييه شافيط من أن إسرائيل التي يعتبرها معجزة سياسية واقتصادية فقدت طريقها وبدل التقدم نحو المستقبل ظلت تراوح مكانها، وبقيت عالقة في الماضي وبدل أن تكون مكانا للأخوة والوحدة والصداقة، تحولت الى مكان للنزاع والغضب وتحتاج لمن ينقذها من ذاتها. وفي مقال نشرته صحيفة «هآرتس» يقول شافيط «جيشنا هو الأقوى في الشرق الأوسط لكننا لا نشعر بالأمان، اقتصادنا هو أحد الاقتصادات المتقدمة في العالم لكننا لا نعايش رفاهية اقتصادية. نحن متعلقون ببعضنا البعض لكننا لا نشعر بالوحدة». ويمضي في نقد ذاتي شفاف: «ميراثنا هو ميراث أخلاق لكن تظهر لدينا مظاهر كراهية الآخر وكراهية الغريب والكراهية الذاتية والتمييز والعنصرية. تم خرق تحالف الدم الذي كان من أسس دولة إسرائيل. تفكك التكافل. التراتب الاجتماعي والاقتصادي، والتقسيم القبائلي والخلاف السياسي أوصلت إسرائيل الى أزمة داخلية عميقة. ويخلص لدعوة الإسرائيليين للتعامل بقلب محب، بروح جديدة وبقوى مشتركة بغية بلورة إسرائيل من جديد كـ «دولة رائعة» قبل فوات الأوان.

ويأتي مثل هذا الموقف بعدما وجه زملاء له انتقادات قاسية وبلغ الأمر عند بعضهم للقول بعد الإطاحة بموشيه يعلون وتوزير ليبرمان إنه يوصي أولاده بالاحتياط على جواز سفر أجنبي تمهيدا للإقامة خارج البلاد.

كلمات دلالية