خبر الجهاد الإسلامي أكثر تطرفاً من حماس.. اوستن ميكائيل بوديتي

الساعة 03:06 م|27 ابريل 2016

الجهاد الإسلامي أكثر تطرفاً من حماس.. 

الكاتب: أوستن ميكائيل بوديتي

الناشر: كلية بوسطن، برنامج « الحرب مملة »

التاريخ: 4 نيسان 2016

أحكمت حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة، واتخذته قلعة لها، وامتدّت سلطتها على المنافسيين المحليين، وأقامت حكماً ذاتياً بمعزل عن الحلفاء الأجانب. فشلت القوى الإقليمية، كإيران وسوريا، في السيطرة على « حماس »، في حين وجدت حركة الجهاد الإسلامي، ثاني أقوى حركات المقاومة في غزة، نفسها أمام تحدي حماس، أو القبول بقوتها والإذعان لها. برهنت حركة الجهاد الإسلامي عن قوتها وطلاقة حركتها، وأظهرت أنها قادرة على تحدي إسرائيل ميدانياً، وبأنها – وعلى عكس الأحزاب العلمانية والاشتراكية التي نتجت عن الحروب العربية – الإسرائيلية – قادرة على الاحتفاظ بعلاقاتها في صراع يتغير باستمرار. وأياً يكن من أمر، عملت حماس على تأكيد سيطرتها وسيادتها في غزة خصوصاً، وفلسطين عموماً.

تدير حماس دولة بوليسية في أراضيها. « تخضع الصحافة للرقابة والسيطرة بشكل كبير، ويخضع أعضاء حركة فتح للمراقبة، والظهور العلني لشرطة حماس وقواتها المسلحة أمر مرعب »، بحسب النيويورك تايمز، التي أضافت: « بعدما واجهت العشائر المؤيدة لفتح، ونزعت أسلحتها، باتت حماس تحتكر السلاح في غزة. » وعلى خلاف السلطة الوطنية الفلسطينية، التي يتوجب عليها الخضوع لإسرائيل وضبط المجموعات شبه العسكرية العاملة في الضفة الغربية، والحد من تحركاتها، تقوم حماس بتوجيه حركات المقاومة والمنظمات الإرهابية في غزة نحو الجهاد ضد الدولة اليهودية. عملت حركة الجهاد الإسلامي مع حماس لمهاجمة الأراضي الإسرائيلية. قد تميل حركة الجهاد الإسلامي، بعد أن خسرت أحد قادتها القلائل في الضفة الغربية، إلى الاعتماد بصورة أكبر على غزة، وعلى حماس بالتالي، للاستمرار في ضرب إسرائيل. تحالفت لجان المقاومة الشعبية، وهي ائتلاف يضم عدداً من المجموعات الفلسطينية المسلحة ويعتقد أنها ثالث أقوى حزب يعمل في قطاع غزة، مع حماس بعد معارضتها علاقات السلطة الفلسطينية لإسرائيل وخضوعها لها. « ستستمر الانتفاضة، وستصبح أكبر نقطة تحول استراتيجي في تاريخ النضال الفلسطيني »، بحسب مسؤول في حماس، الذي يضيف: « لا شيء سيوقف هذه الانتفاضة. لا العدو المحتل ولا التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية. » استشعرت حماس استعلاءها على الفصائل الفلسطينية، مدركة لموقعها القيادي في محاربة إسرائيل. وبما أن المجموعات شبه العسكرية مثل حركة الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية تتعاون معها بدلاً من منافستها – وفي حين تخلت السلطة الفلسطينية عن مقاومة إسرائيل كلياً – أدركت حماس أنها نجحت حيث فشلت باقي الفصائل الفلسطينية. قليلون هم القادرون على فرض تحد على سيطرتها في غزة وعلى باقي المنظمات الإرهابية المعارضة لإسرائيل في فلسطين.

ناضلت حماس لتقليل اعتمادها على حلفاء خارجيين. اصطفت حماس إلى جانب إيران وسوريا في محور المقاومة والردع، الرافض للتدخل الإسرائيلي والغربي في الشرق الأوسط. إلا أنّ الربيع العربي أشعل ثورات تحولت، في العديد من البلدان، إلى حروب أهلية بين السنة والشيعة المدعومين من إيران. انسحبت حماس، وهي الحركة السنية في تحالف ذات أغلبية شيعية، من محور المقاومة بسبب دعم إيران لحكومة منحازة إلى الشيعة وترتكب مجازر بحق السنة في سوريا. امتنعت الحركة عن الوقوف إلى جانب إيران في العديد من حروبها التي يشنها وكلاؤها ضد العربية السعودية. في غضون ذلك، أنهت الحكومة السورية علاقتها بالفصيل الفلسطيني، مستفيدة من موقف حماس غير الداعم لها في الأساس. ووفقاً لبعض المصادر، قدمت حماس دعماً للمعارضة السورية. وبالرغم من توقع محللين أن تؤدي هذه الأحداث إلى إضعاف الحركة، إلا أنّ رفض حماس العمل مع إيران وسوريا أظهر استقلاليتها عن الرعاة الخارجيين وأجنداتهم وطموحاتهم وأيديولوجياتهم الطائفية. بحث قادتها عن الدعم لدى دول سنية، مثل الإمارات وقطر. بخروجها من محور المقاومة، تضمن حماس بأنها ستركز على أهداف فلسطينية بدلاً من أهداف خارجية. تزعم الحركة تمثيلها لفلسطين، ويبدو أن زعمها هذا كاف، حسبما أظهرت استراتيجياتها وتكتيكاتها.

تجنبت حركة الجهاد الإسلامي المشكلات التي تواجهها حماس في حكم غزة بالتركيز على الجهاد ضد إسرائيل. « بما أن الجهاد لم تشارك في الانتخابات، فإنه من الصعب تحديد شعبيتها في هذا المضمار »، بحسب ما كتبت المونيتور، التي أضافت: « أثّر عبء الحكم على شعبية حماس في وقت تجهد فيه لقيادة غزة وسط حصار إسرائيلي – مصري وفي ظل أزمات سياسية واقتصادية. » قبل سنتين، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي صواريخ لمعاقبة الدولة اليهودية على قتلها بعض مقاتليها. في ذلك الوقت، امتنعت حماس عن قتال إسرائيل بسبب النتائج المحتملة على البنى التحتية في غزة، التي قد تحتاج إلى إعادة بنائها. « تريد حركة الجهاد الإسلامي إعادة تأسيس دولة فلسطينية إسلامية ضمن حدود فلسطين الانتدابية ما قبل عام 1948 »، بحسب مجلس العلاقات الخارجية، الذي يضيف: « تدعو الجهاد الإسلامي إلى تدمير إسرائيل بالوسائل العنيفة؛ وتنظر إلى الصراع العربي – الإسرائيلي كحرب أيديولوجية، وليست كأزمة حدود. يرى أعضاء حركة الجهاد الإسلامي أن العنف هو الطريق الوحيد لإزالة إسرائيل من خارطة الشرق الأوسط، ويرفضون تسوية حل الدولتين حيث تتعايش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب. » وبالرغم من النهج المتشدد لدى حماس، يرى المحللون أن حركة الجهاد الإسلامي أكثر تشدداً، حيث أنها ترفض الاعتراف بإسرائيل، في حين أن ذلك أمراً وارد بالنسبة لحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. وفي حين أصبحت حماس تياراً عاماً، تقدم حركة الجهاد الإسلامي نفسها على أنها ألد أعداء إسرائيل، وتهدد بشن هجمات عليها في المكان والزمان والكيفية التي تقدر فيه على ذلك.

تمتلك حركة الجهاد الإسلامي قدرات تتجاوز القدرات العسكرية والسياسية. فهي تدير مرافق خدمات اجتماعية عديدة للفلسطينيين، بما في ذلك مدارس، رغم امتناعها عن ممارسة الحكم. « نعلّم الحقيقة للأطفال »، هكذا أخبر أحد المدرسين التابعين لحركة الجهاد الإسلامي صحيفة هآرتس، الذي يضيف: « نعلمهم كيف اضطهد اليهود الأنبياء وعذبوهم. نصر على القول لهم إن اليهود قتلوا وذبحوا العرب والفلسطينيين في كل فرصة سنحت لهم. والأهم، أن الأطفال يفهمون أن الصراع مع اليهود ليس على الأرض، بل على الدين. طالما استمر اليهود هنا، من النهر إلى البحر، سيبقون أعداءنا وسنطاردهم ونقتلهم. » بل إن حركة الجهاد الإسلامي بحثت في تجنيد دور الحضانة في صراعها المسلح ضد إسرائيل، حيث يغسلون أدمغة جيل كامل من الفلسطينيين بعقائدهم. تفشل هذه المرافق الاجتماعية في منافسة أهداف حماس الشاملة والمنتشرة في غزة، ورغم ذلك، فإنهم يبذلون الجهود لتقوية عبادة الشخصية حول الجهاد الإسلامي ومثلها العليا. تبنت الحركة تكتيكات واستراتيجيات تشابه تلك التي تتبعها إيران عموماً وحزب الله خصوصاً. تعلّم حزب الله أن يوازن بين تقديم المساعدة لمجتمعه وممارسة حكمه عليه، تاركاً معضلات الحكم الكبرى للحكومة اللبنانية. حققت حركة الجهاد الإسلامي توازناً مشابهاً في غزة. وفي وقت تزداد العلاقات بين حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، ومحور المقاومة والردع تعقيداً، يبدو أن حركة الجهاد الإسلامي قد تتجه إلى استخدام الخيار الوحيد الذي تتيحه لها إمكانياتها وحرية الحركة لديها. أن تتموضع الحركة في وضع يسمح لها بتجاوز حماس، أو أن تتراجع، كما فعلت حماس.