خبر أوباما في ألمانيا للدفاع عن سياسات « الصديقة » ميركل

الساعة 08:09 م|24 ابريل 2016

فلسطين اليوم

استقبلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الأحد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في قصر «هيرنهاوزن» بمدينة هانوفر.

وبالرغم من البرد القارس، فقد تركزت المحادثات على القضايا الدولية الساخنة مثل أزمات سوريا وليبيا وأوكرانيا.

تم أيضاً بحث ملف الخطر القادم من تنظيم « داعش » الإرهابي، بالإضافة إلى الدفع من أجل إبرام « اتفاقية التبادل الحر عبر الأطلسي » (TTIP) المثيرة للجدل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. 

وفي هذا الصدد، قال الرئيس أوباما في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية إن هذه الاتفاقية « تشكل أحد أفضل السبل لزيادة النمو وإيجاد فرص العمل ». وكانت المستشارة ميركل قد أكدت في منتصف مارس/آذار الماضي أنها ترغب في التقدم بأسرع ما يمكن بهدف « تحديد الخطوط الكبرى للاتفاقية »، قبل نهاية ولاية أوباما.

مؤيدو الاتفاقية يقولون إنها قد تدعم اقتصاد الطرفين بنحو مئة مليار دولار. لكن عشرات الألوف من المتظاهرين في مدينة هانوفر كان لهم رأي آخر؛ إذ أبدوا معارضتهم للاتفاقية، وأكدوا أن هذه المليارات ستذهب إلى جيوب النخبة التجارية الثرية، وستتسبب، برأيهم، بتهديد إجراءات حماية المستهلك وتسريح العمالة، وتهديد المعايير البيئية.

علاوةً على ذلك، يؤكد معارضو ميركل أن الاتفاقية التي يجري التفاوض بشأنها خلف الأبواب المغلقة قد تكون تعديًا على السيادة الأوروبية وإلغائها بشكل كامل، على حساب تقوية « إمبراطورية » الشركات التجارية والمالية في الولايات المتحدة، والتي تهيمن بالفعل على سياسات واشنطن وجزء كبير من سياسات الدول الغربية. وبالتالي، إنْ تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وأوروبا، فإنها ستكون لخدمة مصالح الشركات وليس للمواطنين الأوروبيين.

ووفقا لجون هيلاري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في « جامعة نوتنغهام »، والخبير في التجارة والاستثمار، فإن الاتفاقية هي ميثاق من أجل إلغاء الضوابط التنظيمية؛ ما سيؤثر بشكل سلبي على الوظائف، ويقضي على الديمقراطية. 

ويقول هيلاري إن: « معاهدة التبادل الحر عبر الأطلسي ليست مفاوضات بين متنافسين من الشركاء التجاريين، بل هي محاولة من قبل الشركات العابرة للحدود الوطنية لتثبيت الأسواق المفتوحة والمتحررة من الضوابط على جانبي المحيط الأطلسي. »
وبحسب المراقبين للشأن الألماني، يكمن الخطر الأكبر في هذه الاتفاقية في اعتدائها على الديمقراطية الألمانية؛ حيث أن واحدا من الأهداف الرئيسية للـTTIP هو إنشاء ما يسمى « تسوية النزاعات بين المستثمر والدولة » (ISDS)، بما يسمح للشركات بمقاضاة الحكومات إذا كانت سياساتها تتسبب بخسارة في الأرباح المالية. هذا يعني أن الاتفاقية ستعطي للشركات العابرة للحدود الوطنية، والتي لم يتم انتخابها من قبل الشعب، الحق في إملاء السياسات التجارية والاقتصادية على الحكومات المنتخبة ديمقراطيا.


من جانبه، وتعليقاً على المعارضة الشرسة لإبرام هذه الاتفاقية، قال أوباما من هانوفر إنه يتفهم قلق الناس من العولمة، وخاصة عندما يرون المصانع تُغلق والوظائف تذهب إلى بلدان أخرى. غير أنه شدد على ضرورة أن تظل الولايات المتحدة قادرة على المنافسة في مناطق آسيا وأوروبا وإفريقيا من أجل تنمية اقتصادياتها.

زيارة الرئيس الأمريكي إلى هانوفر تأتي بعد زيارة عمل استغرقت ثلاثة أيام إلى بريطانيا؛ حيث حث البريطانيين على التصويت بالبقاء في الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء الذي سيُجرى في 23 يونيو/حزيران من العام الجاري، محذراً من أن المملكة المتحدة ستأتي في مؤخرة القائمة فيما يتعلق بإبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي، لأن المفاوضات بين الطرفين قد تستغرق 10 سنوات من أجل إبرام صفقات تجارية جديدة إذا ما قررت بريطانيا المغادرة. 

وفي مؤتمر صحافي مشترك يوم الجمعة الماضي عقده مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، دافع الرئيس أوباما عن تدخله في السياسة البريطانية الداخلية والنقاشات المثيرة للجدل حول موضوع بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو خروجها. حيث انحاز أوباما في مقال افتتاحي في صحفية « ديلي تلغراف » البريطانية إلى جانب الأصوات البريطانية الداعية إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم كاميرون، الذي أشاد بدوره بموقف أوباما وكتب في تغريدة على التويتر أن « الولايات المتحدة هي واحدة من أقرب حلفائنا، لذلك من المهم سماع باراك أوباما عن السبب في أننا يجب أن تبقى في الاتحاد الأوروبي ».


وقد قوبل هذا التدخل غير الدبلوماسي للرئيس أوباما في شؤون بريطانيا الداخلية، بحملة انتقادات كبيرة من قبل وسائل الإعلام البريطانية والساسة البريطانيين لإقحام الرئيس الأمريكي نفسه في نقاش حول مستقبل أوروبا ودور بريطانيا في ذلك. 

وكان وزير العدل البريطاني دومينيك راب من بين الأشخاص الذين وجهوا انتقادات إلى أوباما. وقال راب، وهو أحد كبار أعضاء الحملة الداعمة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: « هذا تحرك أعرج من الرئيس الأمريكي، الذي يحاول الخروج عن النص، ودعم صديقه البريطاني (كاميرون) ».

وأضاف « ليس لدي أي شك في أن المفاوضين التجاريين الأمريكيين سيتطلعون في المستقبل إلى فرص أخرى، أعتقد أن البريطانيين سيكونون في أول القائمة، وليس في مؤخرتها ».

بيد أن الرئيس أوباما كان قد صرح بأن بريطانيا تكون في ‏أفضل حالاتها عندما ‏تقود أوروبا قوية، محذرا من أنه في حال الخروج من الاتحاد ‏الأوروبي، فإن اتفاقا تجاريا ‏بريطانيا-أمريكيا لن يظهر « في أي وقت قريب ».‏