خبر ماذا يوجد للتحقيق فيه -هآرتس

الساعة 10:51 ص|30 مارس 2016

فلسطين اليوم

بقلم: عوزي برعام

          (المضمون: عندما كان أحد الجنود يصافح باروخ مرزيل قبل عشرين سنة كان المجتمع الاسرائيلي يعتبر ذلك أمرا غريبا ومرفوضا - المصدر).

          لا يوجد شيء مغلق في الحادثة التي قتل فيها جندي من الجيش الاسرائيلي المخرب المصاب. ما الذي يجب التحقيق فيه هنا؟ الجندي فعل ما فعله بدون أي استفزاز ويبدو أنه بدون اشتباه معين ايضا. إنه اعتقد ببساطة أن العربي يستحق الموت. خاضعا ومقيدا مع سكين أو بدونها – يجب أن يموت.

          ولكن لا يجب على الجندي أن يقلق. فهناك جهاز يغذيه جمهور كبير يعتقد مثلما يعتقد الحاخام السفارادي أن الاغيار لا مكان لهم في دولة اسرائيل، يدافع عنه السياسيون من اليمين الذين يحاولون ارضاء جمهور ناخبيهم بثمن الحاق الضرر بالقيم التي تشكلت بناء عليها دولة اسرائيل. ويدافع عنه من يحارب جهاز القضاء وعلى رأسهم وزيرة العدل التي بدل أن تقف الى جانب الجهاز الذي هي مسؤولة عنه، تقوم بالتهجم عليه واهانته. ويدافع عنه كثير من مواطني اسرائيل الذين  لا يعتقدون أنه يجب عقابه فقط، بل يعتبرونه بطل حرب تقريبا.

          كل هؤلاء تدعمهم حقيقة أن العمل الفظيع لم تصوره كاميرات الجيش الاسرائيلي بل كاميرا تهدف الى تشويه الواقع حسب وجهة نظرهم – كاميرا لمنظمة تعتبر عدو تقريبا في اوساط الكثير من الجمهور الاسرائيلي، هي « بتسيلم ».

          عندما يريد مواطن تركي معرفة بماذا يفكر رئيسه فيجد ربه قراءة صحيفة « زمان » التي تم تأميمها من قبله. وعندما يريد مواطن اسرائيلي أن يعرف بماذا يفكر رئيس حكومته، فيجدر به قراءة صحيفته الخاصة.  وأشك أن الرئيس بوتين له صحيفة خاضعة كهذه. وهذا ما يكتبه أحد رؤساء الصحيفة: « المخرب الذي أراد القتل له مظلة ودفاع من قبل كاميرات »بتسيلم« . أما مقاتل الجيش الاسرائيلي فهو بحاجة الى محام والى رحمة وسائل الاعلام ».

          وريث بن غوريون واشكول وبيغن ورابين لا يتحدث عن اخلاق الجيش ولو كضريبة كلامية. وحسب الرسالة التي ينقلها فان « بتسيلم » هي العدو والجندي ببساطة وقع ضحية كاميراتها.

          يعرف نتنياهو أن الادعاء الذي يكرره والذي يعتبر أن الارهاب ضد اسرائيل لا ينبع من اليأس أو الاحباط، بل من موقف داعش الذي يطمح الى ضعضعة الحضارة الغربية – هو كاذب، لكنه يخدم أجندته وسعيه الى تصوير « بتسيلم » على أنها متعاونة مع أعداء الدولة اليهودية التي تناضل على وجودها.

          في أجواء الظهور كضحية والرحمة الشخصية التي تعيشها الدولة، أتجرأ على توقع أنه لو تم اجراء استطلاع للرأي الآن وشمل سؤال من يؤيد قتل العرب لكونهم عربا، لكان ثلث المستطلعين أجابوا بالايجاب. إن صورة ودين وكراهية العربي تحوله الى شخص يستحق الموت.

          لم أكن في أي وقت من مؤيدي التعميم الذي هو حسب رأيي مشوه. لذلك اعتبر أن تعبير دولة ابرتهايد ليس دقيقا لأنه لا يستجيب لمعايير نظام كهذا، مثل جنوب افريقيا. ومع ذلك من الواضح أن مواطني اسرائيل لديهم مميزات بارزة للعنصرية وهم يؤمنون أن لليهود حقوق اضافية قياسا بالاغيار الذين يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية في نظر النخبة الحاخامية ومؤيديها الكثيرين.

          ما الذي يمكن تعلمه من كل ذلك؟ هل ستقوض العنصرية التضامن الضئيل الذي ميز المجتمع الاسرائيلي؟ يبدو أن الاجابة نعم. فقبل عشرين سنة كان الجندي الذي يصافح باروخ مرزيل يعتبر غريبا. والآن تم تجاوز الحدود.

          لكن كل ذلك هو طرف واحد للمعادلة. ففي الطرف الثاني هناك الكثير من المواطنين الذين يؤمنون بالحلم الذي أقام دولة اسرائيل. فهذه الدولة لم تنشأ لتكون دولة حاخامات محرضين. لقد جئنا الى هنا من اجل بناء بيت تقف جدرانه على الديمقراطية والسعي الى السلام.