خبر مأكولات الضفة تحت قبة الصخرة في غزة

الساعة 02:24 م|21 مارس 2016

فلسطين اليوم

بعد ثلاثة أعوام من إطلاق سراحهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي في صفقة التبادل الأخيرة، اجتمع أربعة أسرى محررين حرمهم الاحتلال من العودة لمسقط رأسهم وأبعدهم إلى قطاع غزة، على فكرة فتح مطعماً حمل اسمه « القدس العتيق » دلالات سياسية واجتماعية.

فالاسم يحمل اسم القدس العتيقة التي هجروا منها قسراً بعد إطلاق سراحهم، يحمل رسالة للاحتلال بان المبعدين، يواصلون حياتهم في أي جزء من أجزاء الوطن ويكملون حلمهم بالوحدة والتحرير، وأنهم حتما سيعودون يوما إلى مسقط رأسهم مهما طال الزمان.

ومن الناحية الاجتماعية، فتمثل طبيعة المأكولات التي اتفق الشركاء على تقديمها حنينهم إلى مسقط رأسهم، فيما حمل تصميمه قبة الصخرة، لتسر الزائرين والزبائن الذين ارتادوا المطعم منذ افتتاحه في الجندي المجهول في حي الرمال وسط مدينة غزة.

الأسرى الأربعة « جاسر البرغوثي وياسين ربيع المبعدين من رام الله ونادر أبو تركي المبعد من الخليل وحمودة صلاح المبعد من نابلس، اجتمعوا على التصميم اللافت كما اجتمعوا على المشروع ، الذي يقدم شاورما رام الله ومسخن الخليل وكنافة نابلس بالإضافة إلى عصائر ومأكولات وحلويات سورية، على سفرة واحدة تجسد وحدة وتنوع الوطن وتراثه وتاريخه بعد أن عجزت عن تحقيقها الجغرافيا، بفعل الاحتلال وإجراءاته القمعية والتعسفية بحق الفلسطينيين.

يقول جاسر البرغوثي »من قرية كوبر" ان الفضل بالفكرة يعود لأهل غزة الذين احتضنوا الأسرى المبعدين منذ وصولهم للقطاع. وأضاف: نحن كأسرى محررين ومبعدين لنا رمزية خاصة عند أهل غزة وكل شيء نقوم به يلقى دعما وترحابا، فقررنا أن ننقل لأهلنا في القطاع أكلات خاصة بنكهات أهلنا في الضفة، خاصة أن لكل مجتمع عاداته المختلفة في الأكل، وكما كنا نستغرب كأهل الضفة بعض الأكلات الغزاوية قررنا أن ننقل التجربة من الضفة إلى غزة.

وقال: هذا المشروع يحمل رسالتين، الأولى اقتصادية وهي من حق أي إنسان أن يحسن من وضعه الاقتصادي، كما أننا استطعنا من خلال هذا المشروع توفير الكثير من فرص العمل لشباب غزة الذين يعانون من البطالة نتيجة لظروف القطاع المغلق والمحاصر، والرسالة الثانية تحمل طابعا إنسانيا مفادها تغيير النمط السائد عند البعض أن الأسير المحرر بحاجة إلى عطف ومساعدة، بل العكس وهو أن الأسير المحرر مبادر وقادر على خلق فرص عمل لنفسه وللآخرين.

وأوضح البرغوثي ان مهنته في الأصل تاجر ولكن عشقه للفكرة وحنينه الدائم لمسقط رأسه قرية كوبر وحبه للعمل الجماعي دفعه للمشاركة في المشروع بالرغم من أنه لم يضع لمسة في المأكولات المقدمة في المكان إلا أنه أضفى لمساته في الديكورات والتصميم والنقوش الأمر الذي يجعل الزائر يشعر بأجواء مدينة القدس.

وحول الوضع الاقتصادي للقطاع يقول البرغوثي: أنا لو فكرت في الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه قطاع غزة لتراجعت عن تنفيذ أي شيء، فالحروب المتكررة والأزمات الاقتصادية المتلاحقة والإغلاقات جميعها تدفعني للتراجع خطوات للوراء، فالاحتلال خبير في تحطيم المشاريع، وهذا ما يصيبني بالدهشة من أهل غزة وكيفية قدرتهم على عمل مشاريع في ظل هذا الوضع الصعب، فالمبادرة في عمل أي مشروع في قطاع غزة تعتبر مجازفة، لكن رسالتي من هذا المشروع ليست مادية بالدرجة الأولى بل رسالة حب للحياة وصناعة للأمل.

في السياق ذاته، قال حمودة صلاح المبعد من نابلس: إن الاحتلال أبعدنا عن مسقط رأسنا وأهلنا حتى يكسر فرحة الإفـراج فينا، لكنه أبعدنا عن أرضنا إلى أرضنا، وبمجرد وصولي إلى غزة بدأت بمشروع حلويات نابلسية، حيث لاقى نجاحاً كبيراً، وحاول كثيرون تقليده لكنهم لم يستطيعوا.

ويضيف: اليوم أنا وشركائي عندنا فكرة نحاول تطويرها وهي نقل بعض العادات الغذائية من الضفة الغربية إلى غزة وليس فقط نقل المذاق وإنما خلق أجواء بعض الأماكن إلى القطاع وعلى رأسها القدس الشريف التي نشتاق إليها جميعا، وساعدنا في ذلك اختيار المكان المناسب فقمنا بتصميمه وتحويل كل ركن فيه إلى أجزاء مستوحاة من قبة الصخرة وزخارفها، وأدخلنا في قائمة الطعام مأكولات الضفة كشاورما رام الله ومسخن وحمص الخليل وحلويات نابلس ومشروبات ضفاوية كعصير اللوز الطبيعي والخروب والكركديه، وجمعنا هذه الأطعمة والمذاقات في مكان، ويجد الزائر نفسه في أجواء تحاكي الضفة مع حرصنا الشديد على أن يكون السعر مناسبا للجميع وبجودة عالية.

وعن صناعته للحلويات يقول أبو تركي: إنه بدأ صناعة الحلويات داخل السجن عندما كان يعد الحلويات لزملائه الأسرى وبعد إبعاده استعان بأحد أصدقائه من نابلس الذي مكث في غزة عدة أشهر لتعليمه سر الصنعة على أصولها وتقنياتها لتخرج مثل أهل نابلس، والآن يشرف بنفسه على صناعة الحلويات بمذاقها الأصلي لعله يجد فيها تعويضا عن حنينه لمسقط رأسه، بجانب تجربة العمل وشراكته مع أصدقائه الذين عاشوا معا كأسرة داخل الأسر وأكملوا مشوارهم كعائلة واحدة في تجربة الإبعاد إلى قطاع غزة.