خبر القضية التي لم تكن- يديعوت

الساعة 11:24 ص|21 مارس 2016

فلسطين اليوم

لا صمتا ولا شيء يحطم

بقلم: ناحوم برنيع

(المضمون: السؤال هو ماذا فعلنا لاخوة وأخوات من نعتقلهم في الليالي، للجيران الذين رأوهم يسيرون في ظلمة الليل الى المعتقل، مكبلين ومعصوبي العيون. فهل ردعناهم؟ اذا كانوا ردعوا، فهذا جيد. وربما، كبديل، زرعنا فيهم الرغبة في القيام بعمل ما. اذا كانت هذه النتيجة، فماذا فعلنا، وعلى ماذا يحرق قادة وجنود في الجيش الاسرائيلي لياليهم - المصدر).

انضممت الاسبوع الماضي الى قوة من الجيش الاسرائيلي نفذت اعتقالات في ضواحي رام الله، في المنطقة أ. وكان سلوك القادة والجنود، وبينهم مجندات، بلا شائبة: فقد تصرفوا داخل شقق الفلسطينيين بمهنية، لم يهددوا بالسلاح، لم يضربوا، لم يرفعوا صوتهم، لم يخربوا الممتلكات، لم يأخذوا أغراضا للتذكار. وجرى التحقيق الاولي داخل الشقق، بنبرة موضوعية. وبعدها اقتيد المعتقلون الى الخارج، مقيدي الايدي من خلف الظهر، ومعصوبي الاعين بخرق قماشية. وكان جنديان يسندان كل معتقل خشية أن يسقط، وكل شيء كان يسير حسب الكتاب.

سألت أحد القادة، الذي يقوم بهذا العمل كل ليلة، اذا كان يصعب عليه النوم بعد ذلك، فأجاب: « لا. هذا ليس لطيفا ولكني لا ارى في ما نفعل هنا اساسا للصدمة ». والحقيقة اني أنا ايضا لم أرَ ذلك.

في الغداة أنتجت القناة 2 العاصفة الجديدة حول منظمة « نحطم الصمت ». وكانت هذه حالة نادرة لم يخرج فيها أحد نظيفا: لا شركة الاخبار لقناة 2، لا وزراء الحكومة، لا الجنرالات المتقاعدين ولا « نحطم الصمت ».

نبدأ بالتلفزيون: وكيل منظمة يمينية التقى في حوادث عابثة نشيط من منظمة يسىارية وسجل اسئلته في الخفاء. ولم يكن للتسجيل قيمة صحفية: أول من عرفوا بذلك كانوا كبار رجالات القناة: والسبب الوحيد الذي رفع هذا الى البث كان المنافسة بين شركة اخبار القناة 2 وقسم الاخبار في القناة 10 – منافسة تعاظمت مؤخرا وأنزلت القناتين الى الهوامش.

لتطهير الدنس دعي الى العلم مسؤولين سابقين: آفي ديختر الذي كان رئيس المخابرات وآفي مزراحي الذي كان قائد المنطقة الوسطى. وأطاع كلاهما الامر التلفزيوني، واهينا. لهذه الدرجة كان هاما لهما أن يريا صورتيهما على الشاشة. وعندها قفز الى العربة وزراء الحكومة. وكما هو الحال دوما، كان أول من شخص الفرصة هو نتنياهو؛ وسار بوغي يعلون خلفه؛ فقد أعلنا كلاهما بانهما أمرا بفتح تحقيق. وكلاهما يعرفان بانهما ينثران الهواء في عيون جمهورهما. ليس هناك من يمكن التحقيق معه أو ما يمكن التحقيق معه فيه.

وكان آخر من جاء في الطابور « نحطم الصمت ». فالهجمات الكاذبة على هذه المنظمة تنسي الضعف الاساس في عملها. فلا يوجد اليوم صمت ولا يوجد ما يمكن تحطيمه: الاحتلال شفاف، علني، يرفع  الى التمجيد؛ فالحكم يؤمن بخلوده ويلوح به بفخار. والمخالفة التي يرتكبها جندي في الحاجز لاغية وباطلة مقارنة بالضرر الكامن في استمراره. فما بالك أيضا ان انتفاضة السكاكين غيرت قواعد اللعب في نقاط الاحتكاك بين الجنود والسكان. فاحتمال الخطر ازداد؛ والرد في الميدان تغير بما يتناسب مع ذلك. الجنود الذين كانوا في الماضي ينكلون ويهينون، باتوا اليوم يطلقون النار كي يقتلون. فهم يشعرون، وفي احيان قريبة عن حق بان حياتهم في خطر. الجهاز القضائي يعطيهم اسنادا تاما، سواء كان احساسهم مسنودا أم لا. وليس الجهاز القضائي وحده – بل والرأي العام أيضا.

يسحب هذا الواقع البساط من تحت البرنامج الاساس للمنظمة. فلم يتبقَ لها غير البحث عن تبرير وجودها في كفاح سياسي ضد الاحتلال، في البلاد وفي الخارج. وفي هذا الكفاح يوجد لها منافسون كثيرون. فضلا عن ذلك، من الصعب التخلي عن الانشغال بجنودنا. « نحطم الصمت »، بالضبط مثل خصومها، تفهم بان جنودنا هم ذخر عاطفي. فهم أبدا أطفال، ليسوا راشدين بكل معنى الكلمة. « نحطم الصمت » ستحمي براءتهم من خلال تجنيدهم للمنظمة، ونتنياهو وباقي السياسيين سيحمونهم وكأنهم كانوا أطفالا في الروضة.

عودة الى الاعتقالات التي تنفذها قوات الجيش الاسرائيلي في المدن الفلسطينية. يخيل لي أن السؤال ليس الضرر الذي تلحقه هذه الاعمال، اذا كانت تلحقه، بالجنود، بل المنفعة العملية التي تنشأ عنها. فلم نعتقل قادة خلايا ارهابية، لم نعتقل منتجي أحزمة ناسفة، اعتقلنا شبانا رشقوا حجارة أو كتبوا اقوالا حماسية على الفيس بوك. هؤلاء الشبان سيقبعون لبضعة اشهر في السجن وسيتحررون:  فثمة حدود لاستيعاب السجون. السؤال هو ماذا فعلنا لاخوتهم وأخواتهم، للجيران الذين رأوهم يسيرون في ظلمة الليل الى المعتقل، مكبلين ومعصوبي العيون. فهل ردعناهم؟ اذا كانوا ردعوا، فهذا جيد. وربما، كبديل، زرعنا فيهم الرغبة في القيام بعمل ما. اذا كانت هذه النتيجة، فماذا فعلنا، وعلى ماذا يحرق قادة وجنود في الجيش الاسرائيلي لياليهم.