قائمة الموقع

بالصور « ختيار الحلاقين » في غزة.. زبائنه رموز وطنية وكاتم اسرارهم

2016-03-09T16:50:49+02:00
ابو هاني (81 عاماً) يمارس مهنة الحلاقة منذ (63 عاماً)
فلسطين اليوم

على الرغم من تجاوز عمره ثمانية عقود إلا أن يده اليمنى لازالت تمسك مقص الحلاقة بقوة والاخرى تمسك المشط وتتحركان سوية فوق رؤوس الزبائن بخفة، جاءت نتيجة خبرة (63 عاماً) توارثها اب عن جد.

الحاج اسماعيل الخطيب المكنى (أبو هاني) من مواليد قرية (كرتيا) عام 1936م، صاحب أقدم صالون حلاقة في قطاع غزة، حيث أفتتح صالون حلاقته الاخير في سوق فراس الشعبي منذ عشرات السنين، مكتسباً تلك الخبرة عن أجداده الذين توارثوا المهنة.

ابو هاني بدأ مهنته في الثالثة عشرة من عمره عندما بدأ والده حلاق قرية (حتا) الوحيد في تعليمه فنون المهنة بل واسرارها بعد أن ضعف نظره وبدأ يعاني من ثقل في جسده نتيجة كبر سنه، واجاد ابو هاني المهنة وهو ابن السابعة عشر عاماً، ومنذ ذلك الحين أستطاع ان يحلق لآلاف الرؤوس.

يقول الحلاق ابو هاني وهو يُحَفِفُ وجه احد زبائنه من كبار السن: عَملتُ في القرية إلى جانب والدي، وكانت المهنة بالنسبة لي عبارة عن متعة مستمرة، وسر حبي للحلاقة منذ الصغر؛ هو أنني لا أعتبرها مهنة بل عبارة عن وقت للفسحة استمتع فيه.

الحلاق ابو هاني: سر حبي للحلاقة هو انني لا اعتبرها مهنة بل وقت للفسحة

ويستذكر ابو هاني صالون والده في قرية (حتا) قضاء المجدل، حيث كان عبارة عن غرفة جدرانها من الطين سقفها من النخيل، تحوي بداخلها معدات الحلاقة وهي آلة حلاقة يدوية، وموس، ومشط كبير وآخر صغير، وكرسي من طين وامامه مرآة صغيرة.

وعلى الرغم من قدم صالون والده إلا ان الحفاظ على تعقيم الأدوات كان جزء اساسي من المهنة، حيث كانوا ينظفون الادوات وراء كل زبون بالمطهرات الكحولية، وعن طريق الحرق؛ وذلك لتفادي انتقال الامراض المعدية بين الزبائن.

يقول الحاج أبو هاني: "وصلنا مدينة غزة في العام 1948، وكانت مهنة الحلاقة بدائية جداً، فكان الحلاقون يصطفون في صفوف متوازية، حيث نقف بجانب بعضنا البعض داخل سوق فراس، إذ أن كل حلاق يملك كرسياً خشبياً وأمامه طاولة فقط لوضع بعض الأدوات البسيطة، بالإضافة إلى مرآة صغيرة".

ويضيف أبو هاني: "بعد مرور ما يقارب العام في العمل داخل السوق، قام والدي باستئجار محل صغير، وافتتح بذلك أول محل للحلاقة في القطاع".

وحول تسعيرة الحلاقة أوضح انها لم تتغير قديماً وحديثاً، يقول: الحلاقون لا يعتمدون تسعيرة معينة، وإنما يعتمدون مبدأ (الإكرامية)، وبالنسبة لي لا انظر إلى الأجرة التي يعطيني اياها الزبون؛ حفاظاً على مشاعره وتقديراً للأوضاع الاقتصادية.

وبعد عمل (68 عاماً) في المهنة لا يزال ابو هاني يحتفظ بأدواته اليدوية القديمة لاعتزازه بها، مشيراً إلى انه يفتخر بمهنته التي يقول فيها أنها "خلفت رجال وادخلت شباب في الجامعات".

واوضح ان الحلاق الفلسطيني عانى ويعاني الامرين من جراء سياسة الاحتلال، حيث كثيراً ما كان يغلق محله في سوق فراس؛ بسبب عمليات الطوق التي كانت تفرضها قوات الاحتلال لدى احتلالها القطاع، مشيراً إلى أن حلاقي اليوم يعانون من الاوضاع الاقتصادية الصعبة إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي.

ابو هاني: الحلاقة جزء من التراث الفلسطيني

والذي ميَّز الحاج ابو هاني عن غيره من الحلاقين –حسب زبائنه- أنه نشيط وخفيف الحركة، ولدماثة اخلاقه، وانه محبوب ويتكلم بلطف، ومحبة مع الجميع وصاحب لمسة فنية في المهنة، علاوة على أن راس ماله كما يقول زبائنه لسانه الذي لا يتكلم الا الطيب ويقطرُ عسلاً.

وتمكن الحلاق القديم من جذب العديد من الشخصيات المرموقة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً في القطاع، حيث كثيراً ما كونوا يستحسنون الحليق لدى الرجل المهذب صاحب الوجه البشوش واللسان الرطب وكاتم اسرارهم الامين من بينهم الشيخ أحمد ياسين، ورشاد الشوا، وعدد من قيادات الفصائل الحالية.

 يقول: تربطني علاقات كبيرة بالزبائن، فيفضفضون اثناء الحليق عن بعض اسرارهم لترتاح سريرتهم، فيجدون بي الرجل الامين عليها، مضيفاً أن كل من حلق عنده عاد إليه واصبح زبون لديه، ولا يعرف أحداً من زبائنه تركه حتى اللحظة، مشيراً إلى ان زبائنه متمسكين به كحلاق شخصي لهم ويأتوه من جميع المحافظات.

ومن طرائف الحلاق ابو هاني أنه وأثناء تعلم المهنة كثيراً ما كان يصيب الزبائن ببعض الخدوش، والذين بدورهم كانوا يشتكون لوالده الذي كان يعنفه ويضع له سلسلة جديدة من التعليمات.

ويؤكد ابو هاني ان صالون الحلاقة كان في القدم عبارة عن غرفة عمليات مصغرة، حيث كان الحلاق يجري عملية خلع الاسنان والاضراس، ويقوم بعمليات الطهور، والحجامة، ويعمل على تقديم الوصفات الطبية للمرضى.

ويعمل ابو هاني على نقل المهنة لأحفاده، مشيراً إلى انها جزء اصيل من التراث الثقافي والاجتماعي الفلسطيني، وان الارضية خصبة امامهم من حيث أنه ترك لهم "سمعة طيبة في هذا المجال".

وعلى الرغم من الضغوطات التي يتعرض لها ابو هاني من قبل أبنائه من أجل التوقف عن العمل والراحة؛ بسبب كبر سنه، إلا أنه يرفض الفكرة ويُصِرُ على استكمال العمل في المهنة.

غزي يجمع تاريخ الحلاقين في القطاع بموسوعة شاملة

وكان الشاب محمد بكير السكني جمع تاريخ حلاقي غزة في موسوعة، للحفاظ على تاريخ الحلاقين القًدامى والمًعاصرين في غزة وأسرارهم وتضحياتهم.

وتحتوى الموسوعة على تاريخ 140 حلاق في قطاع غزة، اقدمهم من عائلة الخطيب والسوسى وساق الله والجاروشة، وتاريخ اقدم ثلاث حلاقين ما زالوا على رأس عملهم وتقاعد اثنين اخرين منهم، واول ظهور لصالون حلاقة عام 1965 في شارع فهمى بك وسط مدينة غزة .

 

















 

اخبار ذات صلة