خبر لا تتجاهلي بكاء رضيعك خلال الليل

الساعة 06:29 ص|01 مارس 2016

فلسطين اليوم

ينصح عدد كبير من أطباء الأطفال وكذلك من المراجع المختصة، بتدريب الطفل على التوقف عن الاستيقاظ والبكاء خلال الليل، عبر تجاهله حين يبكي. لكن الدكتورة دارسيا نارفيز من قسم علم النفس في جامعة « نوتردام » في شمال ولاية إنديانا الأميركية، توضح أنّ « الرضيع كغيره من الثدييات، يبكي حين يشعر بالألم أو الخوف. والامتناع عن تهدئته بهدف إجباره على التعوّد على النوم المتواصل في فترة الليل، إنّما يدفعه إلى الصمت لكنّه لا يلغي حاجته ».

وتلفت فارنيز إلى أنّ « تعويد الطفل على النوم وحده، قد يكون استراتيجية خطيرة تنمو لتتحوّل إلى سيطرة على رد الفعل الطبيعي لاستقلالية الطفل، وربّما تأتي بنتائج تناقض مساعي الوالدين اللذين يحاولان تربية الطفل على الاعتماد على ذاته ». تضيف: « حتى لو قال بعض الخبراء إنّ تجاهل الطفل هو الحلّ، لا ينبغي تنفيذ ذلك، وثمّة أساليب مختلفة يقدّمها علم النفس، يستطيع الأهل أن يعتمدوها خلال العامين الأوّلين من عمر الطفل. وعوضاً عن إجبار الطفل على التخلّي عن عادته السيئة، بحسب ما يزعم البعض، عند حاجته إلى والدته، من الممكن التعامل معه بلطف وحساسية لتغيير تلك الحاجة. ويعود إلى الأم اتخاذ القرار المناسب، ولا يجوز أن يحدّد بهذا الشأن، شخص غريب عن الطفل ».

وتقول فارنيز إن « تعويد الطفل بشكل تدريجي على التغيير المنشود، عن طريق الإحساس بالأمان في المرحلة الأولى، هو ما يحتاجه الطفل لنمو دماغه عن طريق التواصل مع والديه. وتشكّل غريزة الأمومة دعامة رئيسية لضمان صحّة الطفل في عامه الأوّل، لذلك ينبغي أن تتبع الوالدة غريزتها ».

وتؤكّد فارنيز أنّ « دماغ الطفل يبقى علمياً غير مكتمل مع الولادة، وتتكوّن وصلات خلايا الدماغ بسرعة 1.8 مليون في الثانية طوال العام الأوّل. وتلك الخلايا لديها أهميّة حاسمة في النصف الأيمن من الدماغ، وتُنبئ بصحة الطفل النفسية في المستقبل. كذلك فإن عملية التكوين العاطفي والاجتماعي في الدماغ تنشأ في مرحلة الطفولة. بالتالي، فإن الاستجابة المباشرة للطفل والتعامل معه بمحبة، تخلق لديه القدرة على الإحساس بالآخرين فيما تتكوّن لديه مشاعر التعاطف والعلاقات الحميمة وغيرها ».

لكن الطفل لا يحتاج فقط إلى الشعور بالأمان، الذي قد يكون بالنوم إلى جانبه أو تهدئته كلّما استيقظ ليلاً، لأنّه حين يبلغ سنّاً معيّنة قد تقرّر الوالدة الابتعاد عنه. وهي الخطوة التالية بعد منحه الإحساس بالأمان، والتي يفترض خلالها توخي الحذر، وأيضاً إيلاء غريزة الأمومة الاهتمام الأكبر حتى لا تهدّد ما أسّسته في الخطوة الأولى.

وفي مثال، تقول فارنيز: « عند إرضاع الطفل وحين ينعس وقبل أن يخلد إلى النوم، قد يساعد تقريب خدّه إلى صدر الأم والاستماع إلى دقّات قلبها أو حتى وضعه في سريره بهدوء، على تقبّل التغيير برضاه والانتقال إلى المرحلة الثانية. أما في حال لم يتقبّل ذلك وأبدى انزعاجاً، فمن الأفضل تهدئته ومنحه ما يحتاج ومحاولة تكرار الأمر في المرّة المقبلة ومراراً وتكراراً حتى يتقبّله الطفل. التكرار يساعد على بلوغ الهدف وليس التكيّف ». وتحذّر فارنيز من أنّ « التكيّف أشبه بما يفعله العلماء في اختباراتهم على الفئران، ويؤثّر بشكل سلبي على نفسية الطفل ».

تخبر منى (41 عاماً) وهي امرأة عربية مقيمة في لندن، أنّها اتبعت غريزة الأمومة مع طفلها الأوّل، ولم تكترث إلى كل من نصحها بإهماله وتجاهل بكائه حتى يعتاد على الأمر. وتقول لـ « العربي الجديد » إن « قلبي كان ينعصر حين أسمع صراخه وأهرع إليه وأحمله، حتى أنني كنت أنام وأضعه على صدري ليشعر بالأمان. وكلّما حاولت وضعه إلى جانبي كان يستيقظ ليبدأ نوبة جديدة من البكاء ». عانت منى على مدى العامين الأولين، لكنّ بعد ذلك تحوّل صغيرها إلى طفل هادئ وذكي وهو اليوم شاب مستقلّ واجتماعي. تشير إلى أنّها لم تشأ اختبار التجربة ذاتها مع طفلها الثاني، « فتجاهلتُ بكاءه وكان ذلك مريحاً جداً ». لكنّها اليوم تشعر بالندم، لأسباب أبت التحدّث عنها.